فضاء حر

رسالة إلى “صديق”

يمنات

محمد اللوزي

لسنا نعرف أين نقف؛ أي الاتجاهات قابلة لأن تضئ مساحة حلم و بيض أماني. و أي خيارات تفرض بقهرية على ما نريد لتذبل فينا سنوات رجاء، و تضيق علينا طرقات السير حتى كأننا وقت يذوي فيه الحنين و رغبة التعسي في أن يكون ثمة صباح قابل لأن يباغتنا على ظن جافل، و قهوة فاترة، و مائدة شجن، و حياة تكره أن تكون حياة. لذلك يا صديقي ها نحن نمضغ الريح و نلتف ببقايا نسيان نرجوه أن يكون حتى لا نظل حالات تائهة بعد أن كنا نترقب القصيدة؛ و الفكرة؛ و الشجن المباغت؛ و الوطن الناهض من بين ركام التعب. و آه يا صديق الرغبات في أن نسير إلى ظلنا؛ نرسمنا فيه بهجة مستعارة و شيئا من الملل الذي كان يغزونا ذات يوم على شدو فيروز، و نكهة الصباح، فننتفض منه إلى أبعد من غرام و حلم. و ياصديقي الذي اعتراه نزق الوقت فلم يستطع أن يدرك كسرة حلم لكثرة هذا المسيج بالوهم على بقايا ماضي لا يهداء فينا و لا يقدر على الانزياح منا أو اننا عجزنا ان نخرج من تكويناته فينا فأشعل جراحات، و استنطق الموت بغزارة حين كان القهر هو النشأة الأولى التي ربضت فينا. صديقي الذي ارهقته حمولة وطن؛ و شاغلته احلام، و هذيان، و كثير من فوضى الطرقات، و زحمة السير، و ظهيرة بائسة، و حزمة حطب على ظهر مسنة هدها الانتظار على شيئ يمكنه ان ينضج ليسد رمق الحزن و آيات العبث التي تتشكل عند كل يوم تطلع شمسه و لا جديد. و ياصديقي المضيء بضحكته تلابيب روحي، و صباحات كانت لنا ذات عمر وفرت كأنها لم تكن.

هذا أنت في مستقر الألم لا تجد غير شتاء قارس، و حروف سنها الوجع و بعض جغرافيا تناوش الذاكرة، و توقد فيها معركة نهب الحلم و الذكريات، و محطات الشجن و ما يشتهي القلب. هكذا يا صديقي يدركنا ما لا نقدر عليه، جيوش تغامر بأجمل ما فينا و انقى ما في الصباحات لنغدو جميعا كأنا على شفى جرف هار. أو على مسافة انفجار أقرب من حبل الوريد. و ليتهم يا صديقي يتقنون الفرح مرة واحدة و يعرفون معنى القصيدة و الزهرة و قيثارة الأمل. لن أحدثك عن الغياب المطلق لموسيقى كانت تحتفي بنا و نسمعها و نتربص بما تجود به علينا من معاني ربما لم تكن هي تلك المعاني غير أنها لذة الروح بلا شك. لذلك كان (موزارت) في زمن شحيح بالجمال هو الحديقة الأكثر اتساعا لنا، أما اليوم اليوم يا صديقي؛ فثمة مخيف لقد صارت الموسيقى احتفاء بالدم و البندقية و ما هو أشد من الفقر و الجوع و الخوف.

صديقي يا صديقي يا صديقي … تعب أنا. تعب .. تعب

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى