أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسةتحليلات

لماذا لم نرَ عاصفة حزم في ليبيا لمواجهة التدخلات الاجنبية على غرار اليمن..؟

يمنات

صلاح السقلدي

 نعم نتسأل بقوة وباستمرار ولو من باب السؤال المستهجن: لماذا لم ير العالم عاصفة حزم في ليبيا على غرار ما جرى باليمن، مع تشابه الأوضاع بين ليبيا واليمن من حيث منطق عاصفة الحزم باليمن على الأقل..؟ ومن حيث سبب مواجهة التدخل الإيراني بالشأن العربي، فيما أمريكا واسرائيل، وحتى تركيا تنتهك الأمن القومي ليل نهار..؟

إذن نحن أما  كيل بمكيالين خليجيين في المنطقة، وأمام تناقض صارخ بالتعاطي مع حالات متشابهة، من اليمن حتى ليبيا مرورا بالأمن القومي العربي في الشام والعراق وما تفعله اسرائيل بهذا الأمن القومي وبقداسته. ففي اليمن  قالت السعودية  ليلة 25\26 نيسان إبريل 2015م وهي ليلة الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري عربي برئاستها والبدء بإعلان  حرب في اليمن باسم (عاصفة الحزم) على لسان سفيرها بأمريكا من العاصمة واشنطن حينها  السيد عادل الجبير، وما تلا ذلك مِــن تصريحات سعودية وخليجية بشأن الغرض الرئيس من هذه الحرب، قال بأنها  أتت لاستعادة الشرعية في  اليمن واسقاط الانقلاب الذي قامت به قوات الرئيس السابق صالح والحركة الحوثية المتحالفة معه (أنصار الله) بصنعاء، ولكن الجبير وغيره من المسئولين السعوديين ومسئولين خليجيين أخرين أفصحوا أكثر من مرة أن الغرض الحقيقي لهذه الحرب هي لقطع يد إيران باليمن وللحفاظ على الأمن القومي العربي من التدخلات غير العربية(مع أن امريكا تصول وتجول بكل الأقطار العربية تقريبا، وتتدخل وتدمر كيفما يحلو لها بالمنطقة، واسرائيل هي الأخرى تمارس اقصى درجات العربدة بالأمن القومي العربي دون أن تهز لدول الخليج شعره عن هذا الأمن القومي المفترى عليه الذي تتخذ منه قميص عثمان بانتقائية فاضحة)، هذا ناهيك عن أهداف  خليجية وسعودية  أخرى معلنة تناسلت من جنبات ذلك الإعلان، اعني اعلان الحرب باليمن، منها محاربة الجماعات الإرهاب كونه أيضا يهدد الأمن القومي العربي، هذا علاوة بعد ذلك على هدف مستجد هو حماية الحد الجنوبي السعودي من الإرهاب الحوثي – بسحب السعودية-. وكل هذه الأهداف المعلنة وغير المعلنة لا علاقة لها أبدا بالهدف الحقيقي من هذه الحرب، وهو السيطرة على اليمن شمالا وجنوبا وإخضاعه ومصادرة قراره السيادي والسطو على طاقته واراضيه وشواطئه وجزره وموانئه الاستراتيجية.

مما يعني أنه وفقا لما يُعلنه الخليجيون بالشأن اليمني لتبرير الحرب باليمن هو لوقف التدخل الأجنبي غير العربي باليمن ولمحاربة الإرهاب هناك وحماية الأمن القومي العربي وسلامة الممرات الملاحية من التهديدات الإيرانية(المفترضة)، وعلى ذلك كانت العاصفة الحزمية.

وعطفا على ذلك وليس بعيدا عن التعرض لمصير الحرب باليمن التي تعثرت وتحولت الى مستقنع عميق تغرق فيه السعودية، وثقباً أسودا يبتلع مواردها ويحرق سمعتها الأخلاقية أمام العالم، فضلا عن حالة التشظي والضياع والتمزق التي تعصف باليمن الممزق أصلا شمالا وجنوبا، فاننا حين نضع الأسباب والأهداف التي اتخذت منها السعودية والخليجيين مبررا لإعلان الحرب باليمن أمام الوضع في ليبيا فإن هذه الاسباب تتطابق تماما مع الهواجس والأسباب في ليبيا، وبالتالي كان من المفترض أن تضطلع هذه الدول بالشيء ذاته بليبيا، خصوصا وأن ليبيا كانت قد تحولت الى ساحة حرب لأطراف دولية منها حلف الناتو وتركيا وإيطاليا وتدخلات واضحة بسيادتها التي هو جزء من الأمن القومي، وتستحق بالتالي ألف عاصفة حزم عربية ولكن شيئا من هذا لم يحدث البتة مما يكشف زيف الإدعاء، ويفضح الاحتماء وراء خديعة الأمن القومي العربي لتحقيق الأطماع والسيطرة على اليمن وغير اليمن، كما أن خطر الجماعات الإرهابية بليبيا كان وما يزال يشكل تهديدا حقيقا على الأمن العربي والمصري تحديدا، يستحق معه أيضا ألف عاصفة وعاصفة ولكن هذا لم يتم كذلك، والسبب واضح أيضا، بل لقد طال الإرهاب أرواح مصريين بشكل فضيع شاهده العالم كله، ولا مجال للمقارنة بين الخطورة الحقيقة لهذه الجماعات على مصر وبين الخطورة المزعومة للجماعات الإرهابية باليمن على السعودية، فهذه الجماعات  باليمن هي صنيعة سعودية بامتياز، وكانت وما تزال منذ بداية هذه الحرب تقاتل بصفها ضد من تصفهم هذه الجماعات بالمجوس الحوثيين-، وخير دليل هو تسليم التحالف حاضرة محافظة حضرموت (المكلا) لهذه الجماعات بعد أسابيع من بداية الحرب خوفا من أن تقع المدينة الاستراتيجية في قبضة الحوثيين، وبعد أن انتهى خطر الحوثيين  أعادتها هذه الجماعات للتحالف بعد عام من تسليمها، بأسلوب إعادة العهدة لأصحابها، وعلى طريقة افلام هوليوود.

أما في ليبيا وبرغم خطر الإرهاب المحدق  على مصر من جبهتها الغربية وبرغم انتهاك الأمن القومي هناك على مرأى ومسمع من دول العاصفة الحزمية إلّا أننا لم نشاهد ولو ربع عاصفة حزمية عربية في ليبيا، مع أن مصر تتخندق بالمعسكر السعودي في الوقت الحالي  وتعاني من خطر  التدخلات الأجنبية في جارتها ليبيا ومن خطر الجماعات الإرهابية، وقد شاهد العالم جرائم تلك الجماعات في ليبيا بحق العمال المصريين، ولكن شيئا من هذه العاصفة أيضا لم يحدث ابداً مع وجود مبرر التدخل، بحسب منطق التدخل الخليجي باليمن على الأقل.
قالت السعودية يوم الجمعة الماضية عبر قناتها الفضائية البارزة (العربية الحدث) أن تركيا تسعى الى ارسال إرهابيين من سورية الى اليمن. يأتي كلام العربية هذا في ذات اليوم الذي حققت فيه القوات الموالية لتركيا انتصارات عسكرية كبيرة في تركيا على رجل الخليج (الجنرال حفتر) بعد أن وجدت تركيا أن الموقف العربي والخليجي على وجه الخصوص مجرد فقاعة تستخدمها دول الخليج للتحقيق أطماعها ومناكفة لإيران وإرضاءً لأمريكا. تركيا التي تتدخل في الشأن الليبي دون أن تنبس دول الخليج ببنت شفة كما فعلت حيال التدخل الإيراني المزعوم باليمن.

المال السعودي هو كلمة السر في كل ما يجري بالمنطقة، فهذا المال ورغبة الاستحواذ على اليمن شماله وجنوبه هو من حشد للسعودية قض العالم وقضيضه واستمال مجلس الأمن وطوّع قرارته، وليس الخطر الإيراني المزعوم ولا بالطبع الهدف  الساذج الذي طلع به الجبير من واشنطن: إعادة السلطة اليمينة المنتخبة الى سدة الحكم. ولأن مصر لا تمتلك سحر المال وسطوته على العالم وعلى الهيئات الدولية ولا تقوى على استمالة أحدا من هذه الهيئات كما يفعل المال الخليجي فقد بقيت (مصر) حتى اللحظة عاجزة عن حشد ولو دولتين لحماية نفسها من خطر الإرهاب القادم من ليبيا ومن التدخل التركي وغير التركي  على تخوم حدودها الغربية، وأصبح بالتالي الأمن القومي مجرد أكذوبة ومظلة يتخفى خلفها صاحب المال الخليجي لتحقيق أطماعه ولتبرير تدخلاته في كثير من الدول المغلوبة على أمرها من اليمن جنوبا حتى سورية شمالا.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى