العرض في الرئيسةفضاء حر

ارشيف الذاكرة .. للنجاح عدوات

يمنات

أحمد سيف حاشد

كان أكثر ما يجلب لنا المتاعب في الجمعية التي كنت أمينا عاما لها، هو لسان حالها أو صحيفتها التي أرأس تحريرها، ومع ذلك كانت هي السلاح الامضاء في مواجهة من يريد وأدها أو الإجهاز عليها، أو إحباط ما تقوم به من دور وحراك شعبي ومجتمعي..

كانت تتصدى لكل الهجمات التي تستهدف الجمعية، وتدافع عن نفسها باقتدار من خلال محبيها الذين كانوا يتكاثرون، والداعمين لها ماديا ومعنويا، وقُرّاءها الكُثر الذين دافعت بعض أقلامهم عنها بغيرة وبسالة..

كانت النشرة تفند الادعاءات المغرضة، وترد عليها بما يجلي بياض وجهنا وعفة اليدين، وما يُفحم الوجه الآخر الذي يقتات دمامة الاتهام.. كانت الشفافية هي الحامي الأمين لنا، فيما النشرة كانت وسيلتنا التي نتواصل بها مع المجتمع المحلي وخارجه، ونوصل من خلالها صوتنا وشفافيتنا للناس.. نبدد الإشاعات، ونكشف التخرصات، ونفند الادعاءات بإعلان ما يكذبها، ونفحم أصحابها بالدليل والحجة والمنطق واليقين..

من تلك الادعاءات إن النشرة تعتاش على مداخيل الجمعية، فيما الحقيقة التي أوضحناها بالأرقام ونشرناها للناس هي إن النشرة ـ الصحيفة ـ تغطي نفقاتها، بل وتوفر بحدود 10% من وارداتها للجمعية.. ربما بعض أعدادها تخسر خسارة طفيفة، ولكن سرعان ما نعوّضها في الأعداد التي تليها، وكدنا نصل في آخر عدد منها ـ لولا الأمر بإيقافها ـ إلى طباعة 38 ألف نسخة.

كانت تتكالب علينا أحيانا كثير من المخالب والسياط والظروف المعاكسة تجعلنا نكثر من الأسئلة والعتاب والاحتجاج.. كنّا ننزف حد الإعياء، ومن يفترض أن يعضدك بحكم مسؤوليته لا يكتفي بسلبيه، بل تجده يحبطك ويجلدك بما ليس فيك، ويعذبك حتى ينفذ صبرك..

في يوليو 2003 وفي لحظة كثيفة الوجع، وحالما كان صديقي مجيد الشعبي يحثني على الصبر؛ تذكرت واقتبست في مقال ما قرأته في رواية حنامينه (الثلج يأتي من النافذة) حيث يقول فياض لصديقه خليل الذي كان يحثه على الصبر: (ولكني أتعذب يا خليل. في كل ليلة اجر الى التحقيق، وفي كل ليلة أجلد بالسياط، وحين يغمى علي، يسكب الماء البارد على جسدي. ينقعونه جيدا، كالجلد قبل وضعه على السندان، ويضربونه حتى يتمزق، ويخرج اللحم مع السياط، ويتناثر على الجدران؛ فيحملوني في بطانية، ويلقوني في الزنزانة.. ومن جديد، بعد يوم أو يومين، بعد اسبوع، اجر الى التحقيق وتتجدد عملية التعذيب.. أنا فياض.. احس بهذا لأني اعرفه ، لأني اعيشه، ولأني اتحرق الى وقفه).

***

يتبع..

زر الذهاب إلى الأعلى