العرض في الرئيسةفضاء حر

عن حرب اللامنتصر

يمنات

محمد اللوزي

كانت لها هيبة وقوة حضور واحترام وتقدير كبيران على مستوى المنطقة والشرق الاوسط. وكانت كلمتها نافذة، ورأيها هو السديد، وينظر إليها العالم بمكانتها الدولية المحترمة كراعية للإسلام وبلاد الحرمين. حتى كونت حلف الفجار مع ثلة خونة ومأجورين ارتضوا الهوان لبلادهم والخيانة للقيم والمباديء والضمير، وهنا فقط كشفت السعودية عن وجهها القميء، كدولة إرهابية متآمرة، لاتحفظ حق الجوار ولاتؤمن بالتعايش ولا العيش المشترك، لتشن حربا على اليمن لاسابق لها في تاريخ الحروب، بهدف الهيمنة والاستعلاء وافقاد الوطن سيادته واستقلاله، وإفقاره من موارده بحصاره البري والبحري والجوي، لتبدو دولة مارقة تعيش وهم القوة وقوة الوهم. ويبدو أن فشلها في تحقيق أطماعها قد أحدث لها هزيمة نكراء على كافة الصعد، السياسية والعسكرية وقبل هذا كله الأخلاقية، لتبقى دولة فاشلة بكل المقاييس.

أشعلت حروبا وفتنا ودمارا هائلا في اليمن وفي العديد من البلدان العربية سوريا العراق ليبيا، وهكذا تجد السعودية نفسها مفلسة قيميا ودولة تدبر الوقيعة للشقيق والصديق فترجع بخفي حنين. فلا طالت بلح الشام ولا عنب اليمن، لأنها ذهبت في الاتجاه المعاكس من تطلعات الشعوب، معتمدة على خونة وليس على مكون حضاري وشعوب لها إرادتها.

نحن هنا لا نعفي سلطة الامر الواقع أنها قدمت النموذج البائس في تكوين دولة واعتمدت على الفساد والاقصاء، واتخذت من المناطقية مجالها الحيوي بدلا من الاعتراف بالآخر والتعايش معه وفق النظام والقانون والدستور، وهي بهذا تفقد أكبر فرصة لبناء دولة تهيأت لها كامل الأسباب، بفعل العدوان الخارج عن كل القيم والاعراف والأديان السماوية والأرضية.

ولو أن سلطة الأمر الواقع راعت التنوع في المجتمع وقدمت صورة أقرب الى النزيهة وفق المتاح من الأمكانيات لبناء مؤسسي لايفرض على الآخر قناعاته او معتقده، وتخلت عن التهور واحتكار السلطة والثروة وقطع المرتبات وتفشي ابسوق السوداء ومصادرة الحقوق والحريات. ربما لكانت قد نجحت ولما استغرقت الحرب كل هذه السنين الطوال.

لكن المؤسف أن تطورات الأمور واستمرار الحرب وضراوتها كل ذلك قد تم تغذيته من فساد القيم والقهرية التي يريد فرضها المتحاربون على بعضهم البعض لتستمر المأساة. والحقيقة أن استطالت الحرب نابع من افتقاد المتحاربين لمشروع حياة ومستقبل ودولة قائمة على العدل والمساواة.

بهذا نجد العدوان وسلطة الأمر الواقع في مباراة خاسرة كان بمقدور طرف ما أن يحقق انتصارا باقل الخسائر، لو أن ثمة مصداقية في التعامل مع القيم والمباديء والأهداف، وتخلي كل عن شعاراته المتكأة على المعتقد والتي تحلل دم الآخر من أبناء الوطن الواحد. كان النصر اسهل مايكون بيد سلطة الأمر الواقع لو أنها تعاملت مع المجتمع برؤية وطنية تتسع للكل وتنبذ الفساد وتحاربه .

فالعدوان قد اوجد مجالات واسعة للنصر بفعل نازيته التي لاسابق لها وبتخليه عن ابسط القيم الإنسانية وفجوره في الخصومة، واتخاذه من خونة الوطن شهود زور للدمار والإرهاب.

والخلاصة أن الجميع تسابق على الفوضى والفيد والفساد والاقصاء والتهميش والتدمير وإراقة الدم وانعدام المشروع الوطني الذي كانت الجماهير احوج ماتكون إليه لتلتف حوله. وهو ماعجز الفريقان المتحاربان عن تحقيقه لتستمر الحرب والحرائق والدماء والدمار، وليس بمقدور أي طرف تحقيق نصر وثمة فساد قيمي. هذه من ابجديات النصر أو الهزيمة.

زر الذهاب إلى الأعلى