العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة (35) .. يوم الخروج 25 مايو .. عندما يتنازعك الضدان

يمنات

أحمد سيف حاشد

(12)

عندما يتنازعك الضدان

أنحاز رفيقي قطران إلى ثورة فبراير، وأصدر بيان تأييد لها من على منصة ساحة التغيير، وعندما أكتشف انحرافها عن أهدافها، وافراغها من مضامينها الثورية والوطنية، أو تم سرقتها والاستيلاء عليها من قبل القوى الرجعية والتقليدية، ثار مرة أخرى على تلك القوى حتى تم اسقاطها في 21 سبتمبر، وعندما أكتشف أن 21 سبتمبر إنما هي نسخة أخرى بصيغة أخرى لا تقل رجعية وظلامية عن تلك القوى التي خانت واستولت على ثورة 11 فبراير، ثار عليها، ولازال ثائرا ضدها إلى اليوم، ويندرج خروجه في 25 مايو 2017 في أحدى دوافعه، و وجه من وجوهه في هذا الإطار والمعنى، وتحت عنوان ما أسماه ورفاقه بـ “ثورة الخبز والكرامة”..
 
حرصنا أنا ورفيقي قطران وبعض الرفاق والأصدقاء أن نتمايز عن أطراف الصراع والاحتراب في ظل حرب ضروس، ووضع استقطابي حاد، واحتقان شديد، وضخ اعلامي واسع وكبير، كان باعثا ومؤججا للأحقاد والكراهية المناطقية والجهوية، وتوظيف كل شيء في خدمة أجندات غير وطنية، وممارسة ضغوط جمة علينا أرادت أن تجرفنا لأن نصطف بإجمال وحدية مع هذا الطرف أو ذاك، ونجحنا في الحفاظ على هذا التمايز ببعده الوطني والإنساني والقيمي والأخلاقي عبرت عنه العديد من المواقف والبيانات ومنها بيان 11مايو 2016م. الذي أصدرناه ومعنا لفيف من الرفاق والأصدقاء وأصحاب الرأي والمستقلين.
 
كما تمايزنا بانحيازنا التام إلى المطالب الشعبية المباشرة المتعلقة بالرواتب، ورفض الجرع، والتدهور المعيشي، وسخطنا على الحكومات التي أسميناها لاحقا بحكومات أسياد الحرب، ورفضنا الزج بقضايا المجتمع في أتون الصراع والإحتراب، واستخدامها من قبل أطراف الصراع في أجندات تقع على الضد من مصالح المجتمع ومصالح الشعب.
 
ومع ذلك كان لدينا الكثير مما نختلف فيه، ففي الوقت الذي كان رفيقي قطران ورفاق آخرين أعزاء، يرون أن الشارع مهيأ للانتفاضة، بل وللثورة، وأن الشارع متأجج ومتحفز للخروج، وأن ما ينقصه قيادة ثورية جريئة، كنت أرى أن الحرب تقطع مسار العمل المدني، وأن القمع سيكون هو فارس الميدان في ظل الحرب، ويجري تسويغ القمع بسهولة، طالما ظلت الحرب مستعرة ومستمرة، وأن فرصة نجاح العمل المدني في ظل ظروف الحرب ضئيلة إن لم تكن معدومة ومستحيلة..
 
كنت واقع تحت ضغط كبير، ومحتار بين إرضاء الرفاق وبين شروط الواقع ـ كما أتصوره ـ والذي كان يجمع بين تذمر الشارع وفي نفس الوقت تردده في الإقدام بخطوة مغامرة جريئة، ربما تكون عليه مكلفة، وتؤدي إلى مزيد من الانكسار والإحجام والخضوع حال القمع والفشل..
 
كنت أحيانا أتهرب من إلحاح وضغط صديقي قطران وعدد من الرفاق، كما كنت يوما أتهرب وأتمرد على المدرسة في سنوات دراستي الأولى، وفي نفس الوقت كنت حريصا على رفاقي من الاندفاع وخوض معركة خاسرة، ولا أريدهم أن يخوضون مرارة التجربة لوحدهم وأبدو أمامهم بإحجامي عن المشاركة بمنظر المتخاذل والجبان..
 
كانت حيرتي بالغة، بين الإقدام والإحجام.. كنت أتفق معهم بعدالة القضية، وحاجتها لاحتجاج ما، ولكن كنت أيضا أتوقع نتيجة الخروج الخيبة والخذلان، وفي أفضل الأحوال محاولة احتجاج فاشلة، في وجه الفشل والسلبية والخذلان..
 
وكان أيضا من المستحيل أن أتركهم يخوضون غمار المغامرة وحدهم، وكنت مستعدا عند اللزوم أن أكون في المقدمة، وأول من يتحمل الكلفة والعواقب من أجل حميمية تكونت بيننا ولا أريد التفريط بها أو أصيبها بالخيبة والجحود والنكران..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى