أرشيف

في تعز ..حفار يبتلع طفلاً

المكان: قرية وعل- الحوبان- تعز.. الزمن: الثلاثاء 20/3/2012م الساعة الثالثة عصراً..

استيقظ الطفل إيهاب كعادته في الصباح الباكر.. أرتدى ملابس المدرسة تناول طعام الصبوح مع أخته هبة وأخيه الأصغر عبد الله على عجلة.. أدخل دفاتره وكتبه في حقيبته المتواضعة ثم حملها على ظهره الصغير ليقطع تلك المسافة الطويلة إلى المدرسة..

لم يكن يعلم إيهاب أن هذا اليوم إجازة حسب الإعلان الرسمي وقبل أن يصل إلى المدرسة أخبر كغيره أن ذلك اليوم “إجازة رسمية”.. فرح إيهاب كثيراً كغيره من أصدقاء فصله- الصف الثالث الابتدائي- بالإجازة.. عاد الجميع وهم يضحكون ويمرحون ويلعبون.. تارة يمارسون الجري وتارة يجني حبات الدوم النادرة وقبل أن يفترق التلاميذ وكل منهم يتجه إلى منزله اتفقوا على ممارسة لعبة رمي الطين بعد الظهيرة..

تناول الأولاد الأصدقاء طعام الغداء ثم استأذن كل منهم أسرته للخروج تجمعوا من جديد بعد الظهر وبدأوا يمارسون لعبة “رمي الطين” بالقرب من الماء المتجمع من حفار القرية الذي ملأ المكان بصبغة الحفر الصابونية وخاصة القطع الأرضية التي تقع أسفل الحفار.

استمر الحفار في عمله بينما ظل الأولاد يمارسون هوايتهم المفضلة (لعبة رمي الطين والجري).. لم يكن يعلم إيهاب البالغ من العمر تسع سنوات وأصدقاؤه أن تلك القطعة الأرضية والمغمورة بالماء والوحل أنها عميقة بسبب حفرها قبل فترة كبئر للقرية ولعدم خروج الماء تجاهل أهل القرية ردمها رغم عمقها الذي يصل إلى أكثر من تسعة أمتار أقترب إيهاب من الخطر أكثر.. لم يكن يعلم أن ملك الموت ينتظره في تلك الحفرة اللعينة.. مد إيهاب يده الصغيرة ليقبض على حفنة من الطين فهوت به قدمه إلى أعماق البئر المليئة بالوحل.. صرخ سامي صديق إيهاب وبقية الأولاد لإنقاذ حياة إيهاب إلا أن الصوت الذي كان يصدره الحفار أكبر من صراخهم، وبعد أن جفت حناجرهم من الصياح وصلت القرية إلى فوهة (الحفرة) المغطاة بالوحل.. كانت أم إيهاب تصرخ ولكن دون فائدة.. صمت الحفار مع خروج روح إيهاب رغم ذلك لم يتمكن أحد من إخراجه إلا بعد أن ربط أحد السباحين بحبل ليهبط إلى قاع البئر حين استقرت جثة الطفل إيهاب وبالفعل تم اخراج جثة إيهاب لتنقل إلى الثلاجة وفي اليوم الثاني وفي تمام الساعة الثانية ظهراً نقلت الجثة إلى مقبرة القرية بالقرب من المدرسة التي كان يدرس فيها إيهاب.. رحل إيهاب وترك أسرته وأصدقاءه رغم أنه لم يكمل لعبته ليترك درساً للكبار بعدم التساهل والإهمال.

زر الذهاب إلى الأعلى