حوارات

الدكتور فؤاد الصلاحي: الشباب هم من عمل على تغيير هذا الوضع وليس أحزاب المشترك فأنا لا انسب أي فضل للمشترك في هذه الثورة

 

قد لا نختلف معه كثيرا في الرؤى التي يطرحها إزاء الكثير من القضايا الراهنة على الساحة اليمنية لأن ما يطرحه من وجهة نظر تلامس الواقع وتحدياته فهو مثقف وسياسي وأكاديمي ذلك هو الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم ألاجتماع بجامعة صنعاء فهو يعتبر أن الوحدة بالمعنى الجغرافي والشعبي راسخة لكن الوحدة بالمعنى السياسي في خطر فهو يخشى من تحول اليمن الى ساحة صراع لتصفية الخصومة بين أمريكا والدول الاقليمية الأخرى .مما يدفع الأمور الى إنقسام المجتمع سياسيا وأجتماعيا وبالتالي انهيار الدولة بالكامل.

كل ذلك وغيرها من القضايا كانت محور الحوار الذي أجريناه مع الدكتور فؤاد ألصلاحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء .

الجمهورية – حوار / قـــــــائــــــد يوســـــف

 مفهوم فيدرالي

 

 دكتور فؤاد ألصلاحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء نرحب بكم في هذا القاء ونود في البداية ان نعرف هل أصبحت الوحدة اليمنية اليوم في خطر؟

 

– أهلا وسهلا بكم ……في الحقيقة أنا لا أتصور أن الوحدة بالمعنى الجغرافي إنما الوحدة بالمعنى السياسي في خطر .

فالوحدة بالمعنى الجغرافي والشعبي اعتقد أنها راسخة ولا يوجد أي إشكالية في هذا الأمر هناك وعي شعبي في اتجاه مفهوم الوحدة وهناك أيضا الارتباط الجغرافي والتواصل بين أبناء المحافظات لأن اليمنيين كلهم يحسون بأنه لديهم هوية واحدة ،انتماء لشعب وجغرافية، لكن من حقهم إعادة النظر في السياسات … ومن هنا أنا أقول يجب اعتماد مفهوم اتحادي جديد بدلا من كلمة الوحدة الاندماجية نستخدم مفهوم اتحادي يتضمن في دلالاته إعادة ترتيب النظام السياسي وفق رؤية فيدرالية هذا مطروح وفق تغيير طبيعة النظام السياسي من نظام رئاسي الى نظام برلماني وهذه واحدة من القضايا المطروحة للحلول لأن الأصل في الوحدة ليس الإعلان عن توحد شطرين وعلم ونشيد الأصل في الوحدة هو تجميع الخيرات وتوزيعها وفق العدالة ألاجتماعية للناس كلهم حتى يحس كل مواطن في الشمال والجنوب بأن النظام القادم يمثله وأن هذا المواطن محترم في حقوقه وآدميته .هنا ستكون الوحدة قوية.

 النظام السابق كان ينظر للوحدة من باب الغنيمة وضم الجزء إلى الكل من باب العملية السياسية فقط ، القضية ليست كذلك …. الوحدة لها أبعاد اقتصادية وثقافية واجتماعية بل وسيكولوجية في آن واحد والبعد السياسي هو بعد واحد من باب أننا إزاء دولة قد تكون هذه الدولة إندماجية او مركبة هذا أمر يجوز شرعا وقانونا لكن كيف يحس المواطنون في عموم اليمن بذلك .

هناك بعد 94م حصل شرخ في الشخصية اليمنية وإحساس جزء من اليمن بأنه مظلوم وهناك من اعتدى عليه خاصة وان الاعتداء المسلح رافقته فتاوى دينية  وإقصاء من المناصب وإحالة الى التقاعد لعشرات الآلاف لذلك لابد من إعادة النظر للوحدة.

 

كيف تقيم دور الحراك إزاء تلك المطالب ؟

 

– الحراك كان مطلبه نقابيا ثم ربط قضيته بعمل سياسي ، أنا عندي حسن نية تجاه الحراك بأنه حراك وطني يريد تغيير سياسي من منظور دولة وطنية ذو رؤية إتحادية جديدة.

 

والمواقف المتشددة التي يصرح بها البعض؟

 

هؤلاء أشخاص قد يريدوا منها إما أن يكسبوا مواقف خاصة أو عبارة عن نمط من التفكير الاستفزازي للدفع بحوار جاد تجاه هذه القضية .

       توازن القمة والقاعدة  

 

من وجهة نظركم كيف يمكن حل القضية الجنوبية ؟

 

انا أرى انه لابد أن يكون لدينا دولة وطنية قوية ذات مفهوم إتحادي. نعيد ترتيب النظام و يكون هناك اعتراف بالمظلومية التي حصلت ضد ابناء المحافظات الجنوبيةواعتذار من  الحكومة تجاه الجنوب والحرب الظالمة ثم يكون ترتيب العملية السياسية في إطار فيدرالي اما بشكل إقليمين أو ثلاثة أو حتى واحد وعشرين أقليمياً باعتبار كل محافظة إقليم ونعطي حكم محلي واسع الصلاحيات بطريقة انتخاب المجلس وأعضاؤه يتم إنتخابهم مباشرة وهنا يتم تقليص سلطات المركز السيادي للدولة لصالح المجتمع المحلي او الأقاليم الأمر الذي يخلق توازناً بين القاعدة والقمة في العملية السياسية هنا سيستقيم الحال خاصة إذا رافق ذلك حوار وطني يتم خلاله جبر الضرر وتسوية كل القضايا التي كانت متصلة بالمنازعات السياسية سواء حرب 94م او ما رافق الثورة من إشكالات لردم الهوة بين الشمال والجنوب من ناحية وردم الهوة تجاه المظلومين الذين حسوا بغبن كل سيكون له فاعلية كبرى لردم الشرخ الذي حصل بالشخصية اليمنية.

 

دكتور لكن هناك أصوات رفعت سقف مطالبها من الحقوق الى الانفصال؟

 

– أنا أتصور أن هذا من حقهم من زاوية واحدة هم يريدوا أن يبالغوا في المطالب كمدخل للحوار وهذا أمر جائز عندما تكون الأمور في إطار خراب سياسي عام في البلد وشبه انهيار للدولة وعملية عسكرة المجتمع من زاوية نظام تجاه الآخرين هنا يميل الآخرون إما لأحياء الهويات الجهوية والمناطقية اوالمطالبة بفك الأرتباط وهذه أمور قابلة للنقاش ولكن هناك مشروع وطني لدى الرئيس والحكومة تستطيع من خلاله الدعوى إلى حوار سياسي يمني جامع أنا أشك أن هناك رؤية وطنية مفصلة وكاملة ومتبلورة حول طبيعة النظام القادم وهويته وعلاقة المركز بالمحليات وما هي الآليات التي ستعتمد في الحوار القادم الخطورة تأتي للوحدة اذا فشل الحوار الوطني القادم ويكون فشله من زاويتين من خلال اختيار ممثلين ضعاف ليس لهم علاقة بالثورة وساحات التغيير وليس لهم علاقة بالقضية الوطنية وأن يكونوا أتباع لشخصيات قبلية او عسكرية معروفة ،في هذه الحالة لن يوافق المجتمع المحلي والمكونات الثورية والأحزاب وسنفاجأ بنعرات أخطر مما هو قائم الآن.

إذاً لابد من اتجاهين ألأول اعتماد رؤية سياسية إستراتيجية تتضمن إعادة الاعتبار للدولة الوطنية وفق منظور سياسي جديد ودعوة كل المكونات السياسية دون استثناء للحوار بما في ذلك مثقفين وأكادميين ومجتمع مدني والنخبة الاقتصادية ومعارضة الخارج والنخبة التقليدية بالتساوي بين كل المحافظات حتى لا تحس أي محافظة انها مهضومة من التمثيل لكن الدلائل على هذا الأمر غائبة والدليل على ما اقوله ان اللجنة التي شكلت من الرئيس بالتواصل والحوار لم تشمل كل المكونات السياسية وهذا مؤشر يجعلنا نقول ان النظام السياسي اليس لديهم وعي حقيقي بالمخاطر التي تهدد البلد فإن الوعي والاإدراك بالمخاطر السياسية على مستوى الداخل  وقضية القاعدة وخطورة حمل السلاح لدى جيل جديد إضافة الى الدور الإقليمي الخارجي ، حتماً سيؤدي إلى وضع الحلول المناسبة.

 

ما طبيعة الدور الخارجي ؟

 

– هناك دعم خارجي و اقليمي للكثير من القوى السياسية سواء كانت تطالب بانفصال أو لا ، لأن الخارج يريد ان يستخدم اليمن ساحة لتصفية الخصومة مع سياسات أقليمية.

وأخشى أن تتحول اليمن الى ساحات تصفية الصراع بين أمريكا وبعض الدول الأقليمية في المنطقة وهذا الأمر سيدفع إلى انقسام المجتمع سياسيا واجتماعيا وهنا ستنهار الدولة بالكامل.

      مؤشر الرئيس

 

بالنسبة للحوار هل تعتقد مشاركة كافة الأطراف فيه كالحراك والحوثيين؟

 

– هذا هو السؤال ،حتى الآن لا يوجد مؤشر من النظام، المفروض ان يعطي مؤشراً يطمئن الجميع بأن الحوار سيشمل كل المكونات السياسية التقليدية والحديثة الحزبية وغير الحزبية و الشبابية وان الأجندة السياسية مفتوحة لدي لمن يريد ان يضع قضايا حتى استوعبها في الدليل السياسي الذي يقدم للحوار لأنه من غير المعقول ان أدعو الناس للحوار دون ان يكون في دليل أو ورقة أولية على ماذا سيأتي الناس يتحاورون ما هي الأولويات ومن يحددها.

فيجب ان تجتمع كل المكونات السياسية قبل ذلك لتحدد أجندة الحوار ثم يزيد دعم هذه اللجان من كل بآخرين من المتخصصين من كل الفئات السياسية والمثقفة والمبدعة في البلد حتى يقدموا آراءهم القيمة والنيرة داخل لجان الحوار.

 

يلاحظ ان هناك انقسام بالنسبة للحراك ؟

 

والأحزاب منقسمة لو تلاحظ بعد إعلان لجنة التواصل التنظيم الوحدوي الناصري وحزب الحق إحتجا على ذلك لآن الوضع الذي يتسم بالقوضى امنيا وسياسيا وعسكريا حتى فوضى معرفية داخل الساحة باستخدام الصراع والعنف اللفظي…… كلهم منقسمون لأنه لا يوجد لفصيل واحد رؤية متكاملة فصورة المعارضة هي من صورة النظام إذا كانت المعارضة منقسمة على بعضها وغير محددة للخطط….

 

مقاطعا لكن الأحزاب كلها مشاركة في السلطة وليست هناك معارضة؟

 

اقصد المعارضة غير الحزبية، اما المعارضة الحزبية هي مرتبطة بالسلطة منذ 30 سنة كانت مع المؤتمر في ائتلاف ثنائي وثلاثي في التسعينات و كانوا يتحاوروا ، وعلى علاقة بالرئيس السابق ضمن شهر عسل طويل ألأجل .

الشباب هم من عمل على تغيير هذا الوضع وليس أحزاب المشترك فأنا لا انسب أي فضل للمشترك في هذه الثورة او في التغيير فالفضل للشباب وحدهم في التغيير الحاصل.

 

لكن هناك تناغم بين الأشتراكي والحراك ؟

 

هو يجب ان يكون هناك تناغما على اعتبار أن الاشتراكي معني بالقضية الجنوبية تاريخيا وادبيا و عاطفيا .

ولكن أتصور حتى هذه اللحظة ان الحراك تجاوز بمطالبه وخطواته وخطابه دور الحزب الاشتراكي ، فالحزب أصبح ضعيفا في أدائه وخطابه وحركته لأنه رهن نفسه لمنظومة تقليدية في صنعاء.

 الأمن مقابل الحوار

 

 رأيك بما يطرح من شروط للدخول في الحوار من قبل هذا الطرف او ذاك ؟

 

هذه واحدة من عملية فرض حضور لكل طرف يريد ان يقول إنه موجود وأنه مهم في الساحة ومن هنا التباري كل منهم له شروط معينة ، فتجد الحراك له شروط ومعارضة الخارج والحوثيين لهم شروط، لكن ان تكون هناك رؤية وطنية موحدة يسهم فيها الجميع وليس شروطاً تعجيزية .

بمعنى انا أقدم رؤية وطنية من زاويتي لحل الأزمة والآخر كذلك ثم يتم تجميع الرؤى الوطنية ضمن مشروع إستراتيجي بعيد المدى من خلال خبراء في هذا المجال وهنا يبدأ الحوار قضية .. قضية ..وحتى لو اخذ الحوار وقتا طويلا لكن يجب ان يترافق مع الحوار استقرار سياسي وأمني وإلا لن يكون هناك حوار. 

عدم ثقة

 

 أنت تعتقد أنه لا يوجد أسس للحوار الوطني لماذا؟

 

– تعرف هو ما فيش أسس لسببين أولا ان هناك عدم ثقة بين الأحزاب كلها مع بعضها البعض الحراك والحوثيون لا يثقون باللقاء المشترك لماذا لأن الصراع السياسي خلال الخمس السنوات الأخيرة كان يعتمد على نمط التحايل. 

نحن والشباب والأحزاب كنا في صف الثورة خلال الاشهر فبرير وابريل ومايو وإذا بالأحزاب تنفرد في المفاوضات بعيدا عن الشباب. فالفجوة بين الأحزاب وبين المعارضة غير المنظمة .

 فأصبح هناك عدم ثقة حتى الآن بما في ذلك عدم ثقة بين قواعد الأحزاب وقياداتها وهذه خطيرة جدا .

ثانيا: هناك تدخل خارجي إقليمي ودولي بغرض فرض أجندة معينة فهناك تدخل أجنبي .

نحن أصبحنا معطى للتدخلات الأجنبية في الشأن السياسي المحلي .

 

 مدى خطورة ذلك على الوحدة؟

 

– الخطورة أن مزيداً من الارتباط بمصادر التمويل الاجنبي يحول البلاد الى دولة طائفية وقبلية ومن ثم ضعف النظام السياسي لأن كلما قويت المجموعات الصغيرة ضعفت الدولة.

  تعميم الفوضى

 

كيف تنظر إلى ما يجري في المحافظات الجنوبية من مواجهات مسلحة لاسيما في أبين ؟

 

هذه تصفيات الهدف منها نقل المشكلة برمتها الى محافظات الجنوب لخلق مزيد من الفوضى الأمنية والعسكرية حتى إذا ما جاء وقت الحوار تكون مطالب الجنوبيين الاستقرار الأمني بديلا عن قضايا السياسة والفيدرالية .

لكن الجماعة فاهمين اللعبة وعندهم استعداد لنقل الفوضى الى المحافظات الشمالية وهنا ستعم الفوضى وربما تنهار الدولة.

 

كيف سيتم نقل الفوضى للمحافظات الشمالية؟

 

– المجموعات العسكرية سهل إنها تتحرك من محافظة الى أخرى وتستطيع ان تختار أهدافاً معينة في محافظات شمالية لكي يكون ذلك ضمن أجندة ان نقل المجاميع المسلحة من الجنوب الى الشمال سيؤدي الى تعميم الفوضى مش حصل ان أنتقل جزء من المسلحين من أنصار الشريعة إلى مدينة رداع وهذه كانت لعبة سياسية , ثم في الأول والأخير المجاميع المسلحة من القاعدة او أنصار الشريعة وغيرها هم يعملون وفق أجندة للأطراف السياسية المتصارعة في صنعاءٍ.   

 

 في ظل كل تلك المعطيات اليمن يسير الى أين ؟

 

– حتى الآن لا توجد رؤية واضحة والأقرب ان هناك صورة كارثية لأنه لا يزال النظام السياسي لا يعتمد على الخبراء والعلماء والمثقفين والمفكرين والوطنيين الأكثر نزاهة لا يزال منهم في السلطة هم من قام الشباب بالثورة ضدهم .

 

دكتور فؤاد الصلاحي أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء هل لك من كلمة نختم بها هذا الحوار ؟

 

– أنا كا كأديمي ومثقف ووطني ادعو الى دولة مدنية إتحادية تعبر عن كل اليمنيين وفق رؤية جديدة دولة النظام والقانون … الدولة التي تمكن المرأة من العمل السياسي . لكن لكي نحقق الدولة التي تقوم على القانون والدستور لابد من حوار جامع حولها لأنه بدون هذه الدولة سينفرط العقد المجتمع والدولة في آن واحد وهناك تجارب محيطة بنا ،فانهيار الدولة أدى إلى انهيار المجتمع ولهذا انا ادعو الى ضرورة إيجاد دولة وطنية اتحادية تعتمد نظاما برلمانيا في صيغة النظام السياسي ورؤية فيدرالية لحل الإشكال القائم على الصراع السياسي بين الشمال والجنوب .

زر الذهاب إلى الأعلى