أدب وفن

العملاق أيوب يخطف الأضواء من حكومة باسندوة

يمنات – المستقلة خاص

 

< أنس القباطي

أيوب طارش عبسي، فنان يمني تعرض للتهميش والتجاهل من قبل الدولة، ورغم أنه ملحن النشيد الوطني، وصاحب الأناشيد الوطنية، التي بمجرد سماعها، يعود إلى النفوس الوطن، إلا أنه مع كل ذلك ظل هذا العملاق يعاني دون أن نسمع له أنين..

جاءت ثورة الشباب السلمية فكانت أغانيه ملهبة لحماس الثوار، وعلى وقع صداها ساروا على الأقدام مئات الكيلومترات، عندما كان أيوب بشدوا بحنجرته الذهبية “كم شهيد من ثرى قبره يطل….” كان شباب الثورة يسيرون إلى الأمام متحمسين، ولا تستطيع بنادق ومعدلات النظام إيقاف مسيرتهم..

 

الحاكم الذي عجز ذات يوم أن يجعل من أيوب يتغنى به، هو ذاته الحاكم الذي لم يسمع أنين أيوب بعد أجبره الالم على الابتعاد عن العود الذي أحبه حتى الثمالة.. وهو ذاته الذي جعل الشباب يثورون ضده..

شباب الثورة الذين طحنتهم المعاناة وتجرعوا العلقم كؤسا يأس عدم إصلاح الأوضاع.. أول ما خرجوا ثائرين كان أيوب حاضرا بينهم  بصوته الذي لن يتكرر، وباناشيده التي ما إن سمعها اليمني إلا وأثارت في عروقه النخوة والحماس وحب الوطن..

وفيما الحاكم نسى أيوب متخليا عن واجباته.. بعد أن تمكن من تحويل الوطن إلى غنيمة وفيد.. أستشعر شباب الثورة دورهم، وخرجوا ذات يوم يهتفوا لأيوب.. وهو أقل ما يمكن عمله مع هذا العملاق..

وكان ذلك في تعز.. روح الثورة وعاصمتها.. وهي ذات المدينة التي عشقها أيوب، ولم يغادها.. والتي قاسمته المعاناة والتهميش قسمة إخوة من ميراث أم اسمها “ثورة” وأب اسمه “وطن”.

في الـ28 من مارس الماضي.. وعندما كان أيوب يعاني من آلام المرض وحالته الصحية تزداد سوءا.. كان شباب التصعيد والحسم الثوري يهتفون في شوارع الحالمة لتعز لأيوب صوت الثورة، ويطالبون الحكومة بتحمل واجباتها تجاه ملحن النشيد الوطني.. وعلى صيحات أصواتهم آفاق المسئولون معترفين بالتقصير..

ويوم الثاني من مايو الجاري.. علمت تعز حكومة الوفاق درساً في المبادئ والقيم وكيف يتم تبادل الوفاء بالوفاء والحب بالحب.. وفي ذات الوقت لقن أيوب رئيس الحكومة ووزرائه درسا لن ينسوه في حب الناس والإخلاص لهم..

فحين كانت مجاميع الثوار وجرحى الثورة وأسر الشهداء، تحاصر با سندوه ووزرائه في مؤسسة السعيد، والغضب يتطاير من عيونهم نارا، وبعد أن عجزت أطقم الأمن والجيش عن تفريقهم.. كانت تلك الجموع تسير بعفوية بعد أيوب حين غادر مؤسسة السعيد، كانت تهتف له بحب بادلها إياه.. هرب الوزراء من الأبواب الخلفية وخرج أيوب من الباب الأمامي والثوار يقبلون جبينه ويحفونه بالمحبة.. فهل تعلم باسندوة ووزرئه الذين ظلوا محاصرين من الثوار قرابة الساعتين، أن من يخلص للناس ويفي معهم.. يظلوا يبادلونه الوفاء طول العمر..

وهل تعلم هؤلاء المسئولين أن من همشته الدولة طيلة “33”عاما، حين كان هو يغني للوطن “الأرض والانسان” أقدر على أن يفرق مسيرة هادرة غاضبة، كادت أن تقتحم بوابة منيعة شيدت بمئات الالاف.. وليس تلك المجنزرات والأطقم والمعدلات التي أشتراها الحاكم ظانا أنها ستقيه من غضب الشعب إن غضب ذات يوم..

واليوم ذهب الحاكم الذي جرع الشعب وأيوب صنوف المعاناة، واللعنات تكال عليه، وبقى الشعب محبا لأيوب الذي كان وفيا مع شعب تغنى به، ووطن غنى له.. وهكذا يستمر الوفاء..

زر الذهاب إلى الأعلى