تحليلات

أوزان القوة في عدن

يمنات- المصدر – ماجد المذحجي

أفصحت واقعة فتح شارع المعلا الحيوي في مدينة عدن أمام حركة السير في الشهر الماضي (18 مايو) بعد مرور أكثر من 15 شهر على إغلاقه عن تحول جديد في أوزان القوة التي تتحكم في صناعة القرار في عدن وما يحدث فيها، وهي عملية معقدة وغير مرئية تتداخل فيها عدد من مراكز القوى التي برزت خلال انفلات الأمور في المدينة بسبب تداعيات الثورة على مدى عام.

وبرز منذ البداية موقع عبد الكريم شائف أمين عام المجلس المحلي ورئيس فرع المؤتمر في المحافظة كفاعل نشيط في تحريك الأمور علناً تحت الطاولة، وخصوصاً مع عدم وجود محافظ لفترة طويلة، واتهم ضمنياً بالعبث بالملف الأمني شديد الحساسية ضمن تنسيق مع الرئيس السابق صالح باتجاه خلط الأمور في عدن وهو أمر تنعكس حساسيته على مستقبل الكثير من الأمور في صنعاء.

وترددت معلومات غير رسمية أو حاسمة عن كون شائف استمر في تحريك المعطيات المختلفة في المدينة عبر توتير المناخ الأمني وضخ الأموال والسلاح إلى مجموعات مختلفة، ومتناقضة، من بينها مجموعات محسوبة على الحراك لا تتردد في تقوية نفسها من أي مصدر وعصابات تنتمي لفئة المهمشين وغيرها.

وإلى جوار شائف يحضر بقوة الفاعلين الحراكيين المختلفين الذين ظهروا إلى السطح واستطاعوا التزود بجمهور قادم من المحافظات الجنوبية الأخرى مستثمرين ارتخاء القبضة الأمنية في عدن وحولها، ووجدوا تعبيرهم الرمزي في ساحة الحراك الرئيسية في المنصورة، وانقسموا إلى مجموعات مختلفة، تخضع الكتلة الرئيسية منها تحت سلطة الرئيس على سالم البيض الداعي لفك الارتباط، ذات حضور ميداني كبير وسيطرة ملموسة في الكثير من الأحياء.

وتقول مصادر حراكية رفيعة من تيار الفيدرالية المناوئ للبيض إن من بينها مجموعات مسلحة تؤمن بالكفاح المسلح وتتبع البيض ومشاركة في مسؤولية الانفلات الأمني في عدن.

ويتجلى الإصلاح كفاعل قوي في إدارة الأوضاع في عدن باعتباره الجماعة السياسية الأكثر تنظيماً وحضوراً في الشارع العدني إلى جوار الحراك الجنوبي، مستثمراً غياب الاشتراكي الذي تم ضربه من قبل الحراك بشدة، وتتجلى قوة الإصلاح في عدن بتداخله وسيطرته النسبية على السلطات المحلية للمديريات وعبر نشاط أعضائه وقيادته في صنع القرار عبر شبكة علاقات يقع في قلبها المحافظ المعين مؤخراً من الرئيس عبد ربه الذي يتهم بالقرب من الإصلاح والخضوع له.

كما يُحرك الإصلاح ساحة كريتر كأحد أدواته في الرئيسية مؤخراً في مواجهة الحراك ويستخدم الساحة في إظهار قدرته على التحكم في الشارع وعدم انفراد الحراك بالسيطرة عليه.

وشكلت عودة محمد علي احمد القيادي الجنوبي البارز والمحسوب على خط الفيدرالية، الذي يتضمن العطاس وعلي ناصر وأخريين، في الحراك الجنوبي واستقراره في منزله في منطقة التواهي في عدن ابرز تغير في أحوال المدينة، وذلك للثقل الشديد الذي يتسم به الرجل والقادم من خلفيه عسكرية وسياسية، حيث كان محافظا لمحافظ أبين واحد الرجال الأقوياء في الجنوب طوال عهد الرئيس علي ناصر محمد، كما كان احد اشد القادة مراسا وعنادا في مواجهة قوات صالح أثناء حرب 1994، ويمتلك خبرة واطلاع واسع على طبيعة التعقيدات والتوازنات السياسية والاجتماعية والأمنية في الجنوب.

ويدور حديث ضمني عن كون عودته تمت بالتنسيق مع الرئيس عبد ربه، وهما ينتميان سوية إلى محافظة ابين وإلى ماكان يطلق عليه جماعة الزمره التابعة لعلي ناصر محمد التي خرجت مهزومة في أحداث يناير الدامية عام 1986، الذي عرض عليه موقع محافظ عدن لكنه رفض هذا الموقع ليلعب دور سياسي وامني عريض يمتد من عدن إلى أبين، ليبدأ بفرض حضوره في عدن من خلال اتخاذه لقرار فتح شارع المعلا بالتنسيق مع الجهات الرسمية في خطوة لم يتجرأ عليها احد قبله، وهو الأمر الذي أكد الانطباع بقوة ادائه وكرسته كرجل صاحب قرار يُريد أن يُخضع الشارع لا أن يخضع له، وهو أمر تدور أحاديث عن كون محمد علي احمد سيعيد التأكيد عليه عبر حضوره المباشر في قرار فتح شارع المنصورة الرئيسي باتجاه جولة كالتكس والمغلق من قبل أنصار الحراك.

وهي إجراءات وحركة ميدانية في تطورها ما قد يدفع باتجاه تكريس محمد علي احمد كقائد أول للحراك في عدن والجنوب من قيادات الداخل لا ينافسه في ذلك سوى باعوم برمزيته العالية بين جمهور فك الارتباط.

بالتأكيد لا يغيب عن مشهد عدن شقيق الرئيس هادي ووكيل جهاز الأمن السياسي في عدن ولحج وأبين اللواء ناصر منصور هادي صاحب النفوذ الشديد في صناعة قرار عدن والحاضر ضمن تعقيدات المشكلة الأمنية المزمنة فيها، وهو رجل اتسم حضوره بالتمنع والابتعاد عن الأضواء لكنه يعكس هيمنته عبر موقعه الأمني المهم وعبر مجموعة من الشخصيات القيادية ووكلاء المحافظة المحسوبين عليه.

بالإضافة إلى ما يبدو انه علاقة وثيقة، وتنسيق قوى، مع محمد علي احمد وهو ما ينعكس على القرارات الأخيرة في عدن ومحاولة ضبط الأوضاع فيها وصولا إلى أبين الذي تتقاطع فيها مصالح الاثنين باتجاه حسم الأمور هنا، الأول حماية وتأكيد لسلطة شقيقه الرئيس والثاني باعتبارها مدخلا لإعادة تأكيد دوره ونفوذه في اللعبة الجديدة في الجنوب.

زر الذهاب إلى الأعلى