فضاء حر

التقاسم لا يُنجح ثورة ولا يحقق إصلاحاً

 

لقد عرفَ النظامُ السياسيُ اليمنيُ فكرةَ (التقاسم) منذ قيام دولة الوحدة وحتى اليوم؛ فقد تقاسم السلطةَ كلٌ من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، باعتبارهما كانا الحزبين الحاكمين لدولتي شطري اليمن آنذاك. وقد اقتسما السلطة خلال الفترة (1990-(1993.


وعقب انتخابات عام 1993م النيابية حدث تقاسمٌ ثلاثي (مؤتمري _إصلاحي _ اشتراكي). ثم انفرد حزب الحاكم(المؤتمر) بالسلطة منذ انتخابات عام 1997م النيابية وحتى اندلاع الثورة الشبابية الشعبية السلمية أوائل العام الماضي(2011م) متباهياً بما سماه بـ(الأغلبية المريحة) ثم بـ(الأغلبية الكاسحة) تطورت إلى فكرة الإقصاء النهائي للآخر ومحاولة تملك السلطة وتأبيدها ومن ثم توريثها؛ فسمعنا عن مقولة ( قلع العداد) لا تصفيره فحسب!


كما حضرت ما عُرف بـ(المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية) في أواخر نفس العام، لتعيد فكرة (تقاسم السلطة) من جديد بين (المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه)!


إن فكرةَ تقاسم السلطة، فكرةٌ غير ديمقراطية؛ فهي تستبعد بقية القوى وتهمشها، كما أنه تزيد القوي قوةً والضعيف ضعفاً.علاوةً على أنها تعزز ظاهرة ما نسميه بـ(الثنائيات المُستقطَبة) التي عرفتها الحياة السياسية اليمنية؛ حيثُ يُختزلُ التنوعُ اليماني في ثنائياتٍ نزاعيةٍ، تساعد على بقاء صراع ممتد نعاني منه حتى الآن.


إذن تقاسم السلطة غدا غير مثمر، ومرفوض، ونقول لأنصار فكرة الإصلاح، يتعين إحلال فكرة(التشاركية) محله؛ لأن الأخيرة تعترف بالآخر ولا تقصيه، بشرط أن تحتكم للآليات الديمقراطية (كالانتخابات الحرة الدورية والنزيه) وحضور مبدأ تكفؤ الفرص، وعدم توظيف المال العام أو الزج بالمؤسسة العسكرية والأمنية في الصراع السياسي، الذي عانينا منه، طويلاً ومازلنا!

 

لقد قامت الثورة الشبابية السلمية؛ كي تلغي التقاسم، وقبله الفساد والاستبداد.إلا أن من الملاحظ عجز الثورة عن تحقيق أهم أهدافها حتى الآن (لأسباب لا مجال لذكرها هنا)؛ فهاهو تقاسم المناصب مازال قائماً، بل وحاكماً لما يُعرف بـ(المرحلة الانتقالية)!

 

كما أن دُعاة الإصلاح السياسي التدرجي لم ينجحوا في تحقيقه حتى الآن، حيثُ ماانفكوا أسرى لفكرة التقاسم، والهروب من دفع ثمن التغيير وكُلفة الثورة؛ بحجة مغامرة الذي كان حاكماً ودمويته!


إن الثوراتِ تنجح بدفع مهرها، كما أن أهدافها لا تتحقق عبر(تقاسم السلطة) بل عبر تغييرها وإحلال سلطة ثورية محلها.


كما أن الإصلاح السياسي يتعين ألا يغدو رديفاً للثورة، ولا يمكن إنجاح ثورة بكُلفة إصلاح سياسي، فما بالكم بالذين يحاولون نصرة ثورة، وتحقيق إصلاح سياسي عبر (تقاسم سلطة)! نترك الحكم لكم. 

 

المصدر أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى