حوارات

الدكتور حسن مكي في حوار: الرئيس هادي الأجدر لقيادة مسيرة الوطن

< الحوار لن يأتي بنتائج إيجابية ما لم تكن هناك صراحة وشفافية ومواجهة حقيقية بعيداً عن التضليل الإعلامي
< على لجنة الحوار أن تأخذ بعين الاعتبار مطالب الحوثيين والحراك الجنوبي رغم اختلافها
< لا يمكن فصل الماضي عن الحاضر وقد عاشت اليمن حروباً طويلة ولم تعرف الهدوء إلا قليلاً
< الجيش والأمن منضبطان لكن قادتهما هم من تسببوا في تقسيمهما سياسياً

قال الدكتور حسن محمد مكي رئيس وزراء اليمن الأسبق إن الحوار بين القوى السياسية لا يمكن أن يأتي بنتائج إيجابية ما لم يكن هناك نوع من الشفافية والوضوح والصراحة والمواجهة الحقيقية والابتعاد عن التكتم والتضليل الإعلامي. ودعا في حوار مع «26سبتبمر» الأحزاب السياسية الرئيسية الموقعة على المبادرة الخليجية إلى الإتفاق فيما بينها كشرط اساسي للتحاور مع الآخرين والنظر إلى مطالب الحوثيين والحراك الجنوبي بعين الاعتبار رغم احتلافها والتخاطب معهم بلغة موحدة وليس بلغة كل حزب تعكس علاقته بهذا الطرف أو ذاك.

وقال إن ما تحقق خلال الأشهر الماضية من الفترة الانتقالية من الناحية العملية شيء جيد لا سيما فيما يتعلق بالإقلال من سفك الدماء مشيداً بقدرات الرئيس عبدربه منصور هادي الذي قال عنه ان الأيام حنكته وخبرته في الجنوب والشمال وبالتالي أصبح يستحق هذا التقدير وهذه الثقة من الجميع مؤكداً أن الشباب هم أداة كل شعب وأن طموحهم يفوق قدرتهم متمنياً لهم من الله أن يعطيهم القدرة على تحقيق هذا الطموح وصولاً إلى بناء الدولة المدنية الحديثة. وأشار إلى أن الجيش والأمن منضبطان ولكن قادتهما هم من تسببوا في انقسامهما من خلال توجيهاتهم وأوامرهم التي لا تخدم المصلحة الوطنية لليمن وقال إن قانون العدالة الانتقالية فكرة إسلامية سبق أن طبقها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة ومكة المكرمة وإذا ما قيض الله رجال صالحين يقودون عملية التصالح والتسامح فإن اليمن تسير إلى خير.. كما تحدث عن جملة من القضايا الأخرى.. فيما يلي التفاصيل:

حاوره: أحمد ناصر الشريف

> سؤالنا الأول يتعلق بالمشهد السياسي على الساحة الوطنية.. كيف تقرأونه؟

>> اعتقد أن العامل الأساسي في المشهد السياسي اليمني هو الاتفاق الذي تم بين القوى السياسية الرئيسية ويبقى عليهم أن ينظروا من خلال اللجنة التي تكونت أو ستتكون للحوار بعين الاعتبار للطرفين الأساسيين الشمالي والجنوبي وأقصد بهما الحوثيين في صعدة والحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية كون هذان الطرفان لديهما مطالب خاصة ومعينة وإن كانت مختلفة تماماً، حيث أن لكل منهما طريقته في مطالبه.

وإذا ما استطاع المتحاورون من كل الأحزاب التي وقعت الاتفاق والتي ستكون هي المحاور الرئيسي للفئات الأخرى شرط أن يتفق هؤلاء أولاً فيما بينهم.. فيجب على المشترك وشركائه والمؤتمر الشعبي وحلفائه أن يتفقوا على شبه نقاط حوارية تتيح لهم التحدث مع الآخرين من خلال موقف شبه متفق عليه أو موحد على أكبر تقدير بحيث يكون مرناً لدرجة تمكنهم من التحدث الى الحوثيين والى الحراك الجنوبي بلغة غير اللغة التي يتحدث بها كل حزب عن نفسه بحكم علاقته مع الحوثيين أو الحراك، فهذا لا يمكن أن يكون حواراً لأنه قد يشتت أكثر مما يجمع.. لكن إذا اتفق الموقعون على رؤى واضحة وبناءة حفاظاً لليمن ولمستقبل اليمن فاعتقد أن الحوار سيأتي بنتائج إيجابية سواءً مع الاخوة الحوثيين في الشمال أو مع الاخوة في الحراك الجنوبي السلمي أو العسكري سيأتي بنتائج لاشك أنها ستصب في خدمة مصلحة اليمن.. وهذا سيظهر أيضاً في صياغة الدستور الجديد والاتفاق على اللجنة التي ستشكل أو تكون لصياغة الدستور.. وحتى يكون كل شيء سليماً يجب أن يكون هناك نوع من الشفافية والوضوح والصراحة والمواجهة الحقيقية في هذا الحوار وليس التكتم أو التضليل في الإعلام وإنما يجب أن يكون هناك شفافية ووضوح للرأي العام حتى يساهم ويساعد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وأعتقد أن أهم عنصر في الحوار يتمثل في الإتفاق على مبادئ الدستور الأساسية وعلى مستقبل اليمن السياسي وطريقة الحكم.

فإذا كانت هناك شفافية ومرونة واتفاق أو توافق اعتقد أن اليمن الى خير إن شاء الله.

حنكته الأيام

> هل تعتقد أن ما تحقق في ظل قيادة الرئيس عبدربه منصور هادي المجمع عليه محلياً وإقليمياً ودولياً يدعو للتفاؤل؟

>> إذا كانت شخصية عبدربه منصور هادي استطاعت أن تجمع هذا الاتفاق عليه وتقيمه هذا التقييم، فأعتقد أنه أفضل شخص موجود حالياً مؤهل ليقود هذه المسيرة خلال الفترة الانتقالية وإن كنت أعتقد أنها قصيرة.. لكن أدعو الله من كل قلبي أن يوفقه في إدارة دفة الأمور..

صحيح أن الأخ عبدربه منصور هادي هو عسكري أكثر من أن يكون سياسياً ولكنه مع ذلك حنكته الأيام وعصرته وخبرته في الجنوب والشمال وبالتالي أصبح يستحق هذا التقدير وهذه الثقة من الجميع، وهذا معناه أن لديه إمكانات ربما لا يحب أن يظهرها أو يتفاخر بها أو يتباهى بها حتى إعلامياً ولكنها موجودة في ذاته وفي شخصه.

> كيف تقيم ما تم تحقيقه خلال ما مضى من الفترة الانتقالية؟

>> من الناحية العملية أقول إنما تحقق شيء جيد من أهمه الإقلال من سفك الدماء وإن كان هناك تحصل حوادث كثيرة في صنعاء وخارجها وإقلاق للأمن وقتل الأبرياء والتقطع في الطرقات وعدم الشعور بالاستقرار.. لكن مع ذلك انا اعتبر أن ما تم القبول به من كل الاطراف والاتفاق عليه والحفاظ عليه لتسيير الدولة في أضيق ظروفها أو وضعها ووفق أضيق الإمكانات المتاحة لشعب فقير يطحنه الجوع ويطحنه قلة الأمن ويطحنه عدم وفاء الأقربين، إنجاز لابأس به.

المجتمع منقسم

> ألاَّ ترى بأن انقسام الجيش والأمن قد يتسبب في عرقلة إنجاز ما نسميه بالوفاق السياسي حول مختلف القضايا التي سيجري الحوار حولها؟

>> الانقسام أساساً موجود في المجتمع والشعب قبل أن يكون في الجيش والأمن الجيش والأمن إذا أردنا أن يكونوا منضبطين فهم في الواقع منضبطون، بدليل أن كل مسؤول يستطيع أن يضبط جماعته إلاَّ إذا أراد هو سياسياً أن يعمل شيئاً ما.. أما من غير رضاه وتوجيهاته فلا يتم عمل شيء.. وهذا معناه أن هناك انضباطاً وهناك سيطرة من كل الجوانب سواء هنا أو هناك.. لكن الإتفاق ما زال هشاً، وإذا صدق الأقربون والدوليون معنا فإن شاء الله انهم يجدوا ما يطمئن الجميع ويوفقهم، وفي نفس الوقت يجب أن لا تهمل مطالب الشعب وأمنيات الشعب في التغيير الحقيقي لا التغيير الشكلي الذي لا يعدو أن يكون نوعاً من الرتوش التجميلية ونقول حصل تغيير.. مازالت القوى المشيخية لا تريد الانضباط ولا أقول القبلية لأن القبائل هم أبناء اليمن ومواطنون وهم منضبطون مثل العسكريين ويتبعون أوامر مشايخهم.

> كيف يمكن بناء الدولة المدنية الحديثة؟

>> بالقضاء على الموروث السلبي الكبير والواسع سواء في ظلم الشعب أو في ظلم المشايخ لقبائلهم أو في ظلم الدولة لكل الشعب بصفة عامة وإن كان هذا موروث تاريخي يحتاج الى التعليم الجيد أولاً وانتشاره وكذلك الى التوعية الجيدة ومحاولة إزالة التعبئة الخاطئة التي تشيع بين المواطنين مثل الحقد والكراهية والمناطقية والطائفية لأن هذه كلها عيوب مجتمعية يجب التغلب عليها.

اداة التغيير

> الشباب كان لهم الفضل في إحداث عملية التغيير.. أين موقعهم فيما يجري؟

>> الشباب ليس هم أصحاب المصلحة الأولى ولكن الشعب هو صاحب المصلحة الأولى والشباب ممثلون له بل الشباب هم أداة كل شعب وطموحهم يفوق قدرتهم ولكن إذا أراد الله أن يعطيهم القدرة على تحقيق هذا الطموح، فالشعب اليمني في خير.. الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، وإذا أراد الله لليمن مستقبلاً زاهراً ومتقدماً وآمناً ومستقراً ويكون الشعب محباً لبعضه البعض فسيقيض الله القوة من الفئة الحية والمثقفة والشابة في هذا البلد وعلى أيديهم تتحقق كل التطلعات والطموحات.

> هناك من يراهن على قانون العدالة الانتقالية بأنه ستنتهي كل الخصومات.. هل تعتقد بأن مثل هذا القانون يمكن تطبيقه في مجتمع قبلي مثل مجتمعنا ولماذا يتخوف البعض منه؟

>> الفكرة هي اسلامية من الأساس.. فإذا كنا كما نقول نحن شعب مسلم ومؤمن والقرآن والرسول عليه الصلاة والسلام تحدثا عنا، فأنا أعتقد أن هذا الموروث ربما يساعدنا على إزالة كل الاحقاد والكراهيات اذا قيض الله رجال صالحين ومخلصين يقودون هذه العملية.

عنوان التسامح

> لكن هل يمكن تطبيقه عملياً في مجتمعنا مثلما طبق في عدد من الدول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية؟

>> ليس بنفس الطريقة التي تم تطبيقه بها في تلك الدول.. فأنا قلت إننا شعب مسلم وعريق في الاسلام والنبي محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- قد أعطانا مثلاً عندما دخل مكة وأعلن لأهل مكة: «ماذا تظنون أنني فاعل بكم»، فأظهر التسامح وقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وهو ما يسمى اليوم بهذا العنوان وهو عنوان التسامح والمحبة والتآخي.. وكذلك عندما ذهب المهاجرون الى المدينة المنورة، فأخى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بين الأنصار والمهاجرين بعد أن كان قد أخى بين الأوس والخزرج، فالنبي محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- مدرسة في التسامح والمحبة والإخاء قبل غيره ويجب علينا أن نقتدي به.. وإذا قيض الله الرجال الصالحين ووجدت النوايا الحسنة والشفافية الصالحة ربما نطلع بنتيجة.

> هناك من يتخوف من هذا القانون ولهذا تأخر صدوره لماذا؟

>> أنا أعتقد أنه لا يمكن أن يصدر قانون ينهي الخصومات والثارات قبل انتهاء الحوار، وعندما يتم الوصول الى نتائج إيجابية بعدها يمكن أن يفكر الناس في إصدار قوانين من هذا النوع.

> بحكم تجربتك الطويلة في العمل السياسي.. ما المطلوب من القوى السياسية لإنجاح عملية الحوار؟

>> على القوى السياسية الفاعلة كلها وعلى الفئات المتعلمة والمستنيرة ورجال الأعمال والعسكريين والمدنيين التفاعل الايجابي بما من شأنه أن يحقق الخير لليمن وإذا أخلص هؤلاء كلهم نرجو الله أن يتمم على أيديهم الوصول الى الوفاق والاتفاق وأن يوفق رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الى قيادة هذه الأمة بالطريقة المخلصة والنزيهة دون التحيز لأي طرف.

لا وجه للمقارنة

> ألا ترى بأن هناك التفاف على أهداف الثورة الشبابية؟

>> سبق أن قلت في مقابلات سابقة وعبرت فيها بصراحة عن وجهة نظري حول هذا الموضوع بالذات البعض ارتاح لها والبعض الآخر انتقدها لأنني قلت أن الشباب ضحوا ولهم طموح مرتبط برغبات الشعب ولكن قوتهم ضعيفة فجاء من أخذ الراية منهم واستفاد من توجههم وتضحياتهم وجيرها لنفسه.. ونحن اليوم واقفون أمام الأمر الواقع.. لكن نتمنى من الله أن تكون هذه الحركة الشبابية كما كانت حركة الأحرار عام 1948م التي أدت الى خلاص اليمن في عام 1962م وأن يوفق الشباب في المستقبل القريب حتى يستطيعوا أن ينفذوا ما يريدونه من تغيير.

> شباب الضباط الأحرار هم من قاموا بثورة 26 سبتمبر وبعد ما يقارب خمسين عاماً من عمر الثورة قام الشباب بثورة قد تسهم في تصحيح مسار ثورة سبتمبر وأكتوبر.. ما وجه الشبه أو المقارنة بين الثورتين؟

>> المقارنة صعبة.. أنت أبديتها في سؤالك وأنا قد لا اتبناها لأن هناك فارقاً كبيراً بين ما حصل عام 1962م وما حدث في عام 2011م هنا كانت انتفاضة بريئة بدون سلاح وسلمية بتضحيات شخصية فجاء من وعدهم في عزها واستولى عليهم وأبعدهم من المسرح.. وإن كنت أعتقد أنها جذوة نار سوف تستمر إن شاء الله وتعتبر تواصلاً لأهداف الثورة الرئيسية وصولاً الى الحكم المدني الصحيح والديمقراطية الشعبية الرائدة.

مبادرة أممية

> كيف تنظر الى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وهل تعتقد أنها كانت أفضل الحلول لإخراج اليمن إلى بر الأمان؟

>> هذا أمر واقع أصبحنا نتعامل معه ولم تعد مبادرة خليجية لأنها أصبحت مبادرة أممية.. صحيح هي في الأساس مبادرة من الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي ولكن تبناها مجلس الأمن وتبنتها الدول الكبرى بأجمعها وأصبحت أممية ولذلك يجب علينا كيمنيين ألا نجر البلد الى متاهات وحروب بلا فائدة وأن نتحدى الرأي العام العالمي وأرجو من بعض الفئات المتطرفة وخاصة في المجال القبلي أن يعوا هذا، ويدركوا أننا شعب فقير لا يمكن أن يصارع العالم ومعناه أننا سنقضي على شعبنا وعلى وحدتنا وربما على حاجة اسمها اليمن.

> كيف تنظر الى أداء الإعلام خلال الفترة الراهنة باتجاهاته المختلفة؟

>> التعددية الإعلامية من وجهة نظري هي شيء جيد لكن إذا أحسنت في مراميها، أما إذا كان لها أهداف غير الأهداف الوطنية فهي وبال على اليمن.

> من نتيجة هذه التعددية حدوث مماحكات إعلامية بين القوى السياسية قد لا تخدم عملية الوفاق الوطني بدليل ما يحدث بين الاصلاحيين والحوثيين ما تعليقك؟

>> أنا اعتبر المماحكات السياسية نوعاً من التوعية السياسية بحيث يعرف كل طرف عندما يتجاوز الحدود ويخطئ على الآخر لابد أن يعي هو ويعي الآخرون أنه أخطأ فينفضح جزءاً من تفكيره المريض.. وكذلك ينطبق على الحوثيين أو الاصلاحيين أو أي طرف سياسي آخر.. فأي تمادٍ في الأخطاء ضد الآخرين هو نكران ليمنيتنا واخوتنا ووطنيتنا.

أهمية التماسك

> ألا ترى بأنه جاء الوقت المناسب لتقوم الأحزاب السياسية بإعادة هيكلة نفسها بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام وإنهاء الجمود التي عاشت فيه طويلاً.. بماذا تنصحها؟

>> أنا لا أنصح أي حزب سياسي لأن يأخذ الفكر من الآخرين أو لكي ينتظر نصائح لتغيير الإدارة أو التنظيم الداخلي له سواءً في أحزب اللقاء المشترك ومن اليهم أو في المؤتمر الشعبي العام ومن اليه.. هذه الأحزاب هم الذين يتصدرون العمل السياسي اليوم فأرجو أن تظل متماسكة وتعمل لإخراج اليمن من هذه البؤرة التي وصلنا اليها.

الشعب اليوم لا يستطيع أن يتحمل الكثير من الجوع وكثير من الفساد وكثير من قلة الأمن وكثير من السلبيات الكبيرة وخاصة نشر الكراهية والاحقاد مرة باسم الحزبية ومرة باسم الطائفية والمذهبية وأحياناً باسم المناطقية والقروية، فهذا كثير على شعب فقير مثل اليمن.

> كيف تنظر الى مستقبل اليمن على ضوء المستجدات التي تشهدها الساحة الوطنية اليوم؟

>> النظرة السياسية لا يمكن أن تكون مثل التنبؤ أو التمني لكن من باب التمني الشخصي أرجو الله أن يوفق اليمنيين في هذه المحاولة وأن يوصلهم الى بر الأمان في الفترة الانتقالية وان يجنب القادة السياسيين الحاليين تكرار الأخطاء التي يشعرون أنهم ارتكبوها في الفترة الماضية وان يحفظوا توازنهم وفهمهم وعدلهم وجديتهم للوصول باليمن الى بر الأمان.

> هل تتوقع أن تكون نسبة النجاح كبيرة؟

>> أتمنى من الله أن يكون هناك نسبة كبيرة من النجاح.

> ما أهم العوائق في نظرك التي قد تحول دون التوصل الى اتفاق سياسي شامل؟

>> لا أريد تكرار الحديث عن العوائق لأنني سبق أن أشرت اليها في أكثر من حديث والمكرر لا يفيد إلا إذا كان يؤدي الى وظيفة أو نتيجة إيجابية لكن ما نحن فيه الآن هو مأزق كبير وما يعانيه الشعب كثيراً وكثيراً جداً من الصعب أن نقول: يجب أن يستمر أو يمكن أن نسكت عليه.. أنا أدين كلما هو حاصل الآن بكل ضميري وبكل مشاعري وهذا ما أملك.. لكن الاستمرار بوعي سياسي على أساس: جوع كلبك يتبعك فهذا حرام ولا يجوز إطلاقاً.

لا يمكن فصل الماضي

> عاصرت كل الحكومات السابقة وشاركت فيها وكنت رئيس حكومة.. ما تأثير الماضي على الحاضر وهل له انعكاسات سلبية على ما يحدث اليوم؟

>> الماضي هو جزء من الحاضر لا يمكن فصله عنه ولا يمكن أن يكون حاضراً بدون ماضٍ.. من لا ماضٍ له لا حاضر له، الشعب اليمني كله عانا.. اليمن عاشت حروب سنين طويلة ولم تعش فترات هدوء الا قليلاً مع ضعف الامكانات، وبعد الوحدة أصبح اليمن بلداً كبيراً وتعداد السكان يزداد والإمكانات أقل وهذا يؤدي الى نوع من الفقر والضرر الاجتماعي.. الشعب يريد إصلاحاً متواصلاً وبنية حسنة وإخلاص شخصي وعمل ليس فقط تمنيات بل عمل دؤوب، وأرجو الله أن يسخر القوى الاقليمية أو أشقاءنا من حولنا من الدول الغنية أن يفتحوا باب العمل والرزق لإخوانهم اليمنيين ويضعون الشروط التي يريدونها حتى يعيشوا بكرامة كما قال المثل الصيني: لا تعطيني صيداً ولكن علمني كيف اصطاد،فهذا هو مخرجنا إن شاء الله مع أشقائنا لكي نخرج قريباً الى حلول آمنة وسياسية ومستقبل زاهر لنا ولهم.

> اليمن لديها من الإمكانيات ما يكفيها.. لكن لم تجد من يوظفها التوظيف السليم؟

>> إذا نظرنا الى إمكانياتنا المحدودة والى شعب يتناول القات ومسلح وشعب يتقاتل مع بعضه ماهي الإمكانيات التي عنده.. الأمطار شحيحة والأرض شحيحة ومعظمها جبال..صحيح هناك قليل من الوديان وقليل من الهضاب، لكن هناك كثير من الصحاري وكثيراً من الجبال.

العلم أولاً

> لكن هناك الثروات السمكية والزراعية والمعدنية ايضاً.. اليمن بلد خيرات؟

>> هذه الثروات تريد عقل وفكر وعلم وإخلاص وتريد رأس مال وطني واعٍ.. الأرض مليئة بالمعادن صحيح.. لكن إذا لم يستخرجها العقل الاجنبي لا نستطيع أن نستخرجها العرب كما قال الملك عبدالعزيز رحمه الله: نحن نعرف نتبول على الأرض لكن لا نستطيع استخراج ما في باطنها.

العلم والتعليم والوعي هو من يستطيع أن يستخرج هذه الثروات ويديرها.. أما شعب جاهل وشعب فقير وإمكانياته لا تؤهله من استعمال حتى الحجارة التي عنده، بل ولا يستطيع أن يستخدم التراب استخداماً جيداً أين العقل.. أين العلم.. أين البحث.. هذه هي وسائل استخراج الثروة..

> ما الذي يمنعنا من الاستعانة بالخارج لاستخراج هذه الثروات؟

>> الذي يمنعنا هو: عدم الاستقرار وهذا مرده الى الجهل لأن الجاهل لا يعرف مصلحته.. أنت إذا لم توجه طفلك، فلن يستوعب ولماذا نسمي أطفالنا جهالنا على أساس أن نوجههم بحكم أنهم صغار لا يفهمون ولا يفكرون برجاحة.. الجاهل يؤذي نفسه ولا يطور نفسه.. الجاهل يحمل السلاح من أجل يقتل ويُقتل.. هذا هو الجهل.. الجاهل يمضغ القات ويضيع وقته في السمر.

العلم وحده والتطوير والتوعية هم من سيخرجنا من وضعنا الحالي الى وضع أفضل ولابد من مساعدة الآخرين لنا في الظروف الحالية سواء كانوا إقليميين أم دوليين على النهوض من جديد.

 

 

من صحيفة 26 سبتمبر

زر الذهاب إلى الأعلى