فضاء حر

ما اقترفته الثورة

كان الوضع سيئاً، سيئا للغاية. الفساد بمثابة حياة بكاملها، ونادرا ما كنا نجد من يتحدث عن القيم والنزاهة ولا يوجد من يمارسها حقيقة؛ لأن الواقع نفسه لم يعد يستجيب، وجاءت الثورة لتعيد الامل في اصلاح وضع البلد.

والان قتلت الثورة باعتبارها املا، وكل المؤشرات تذهب في طريق الكواليس وضع اسوأ من الوضع السابق كجريمة اقترفتها الثورة.

يقول سيوران:" ما من حاله ثورية حقا الا حالة ما قبل الثورة، عندما ينخرط الناس في العباءة المزدوجة للمستقبل والهدم".

 ونحن لا نريد الثورة ان تبقى طاهرة، ولكننا ايضا لا نريد ان يكرس الواقع الذي ثرنا ضده باسمها، لا نريد الثورة ان تقترف خطأ كهذا.

هناك جهود جبارة تبذل من اجل ان يبقى الواقع اليمني على ما هو عليه، بل وفي سبيل ان يبقى البلد يسير في الطريق الخطأ لأثبات كم ان الثورة جالبة للمتاعب، وتزيد من معاناة الناس.

التقاسم يتم على مستوى المجندين، والاصلاح يسيطر على اصغر المناصب في الدولة، على مستوى مدراء المدارس بنفس طريقة"صالح" مع فارق ان هذا الحزب لديه قوة تنظيمية يصعب مجاراتها من قبل الاطراف الاخرى، ليس هذا فقط الفساد الذي نتحدث عنه اصبح متفشيا وسط الاحزاب، وبوجود المال تواجد الفساد ايضا في اوساط الثورة من يفترض بها النزاهة.

على هذا الشعب ان يكفر بكل شيئ في نهاية الأمر.

 فحتى الثورة لم تعد املا بما اصبحت عليه وبقبولها ان تسير الامور في هذا الطريق الكارثي، ويبدو ان المبادرة الخليجية لم تمنح"صالح" الحصانة وكفى ولكنها منحتنا الى جانب ذلك مستقبلا، وكرست الحالة اليمنية السائدة في عهد ما قبل الثورة بإرادة دولية وما يشبه التقنين.

الثورة عندما سمحت للمنظومة التي ثارت ضدها ان يبقى جزء منها في المشهد السياسي وان يقدم الجزء الاخر نفسه من جديد باسمها فأصبحت تلك الاطراف تقوي بعضها، وتتحكم بمصير البلد.

اصبح الاصلاح يخدم"صالح" باستماتته في سبيل الحصول على المناصب والسيطرة على كل شيء.

 ربما صدق ان الثورة هو من طبخها ولم تكن نتيجة معاناة الشعب، لذلك لا يبدو انه يريد ان يستفيد من تجربة "صالح" وطريقة ادارته للسلطة والثروة وتعامله مع مشاكل البلد الحساسة. هو يخدمه هنا، عندما يظهر شراهته غير المنطقية وغير المتناسقة مع حجم الفساد المتعارف عليه، في اجهزة الدولة.

و"صالح" يستمر في خدمة هذه القوى التي تواجه بامتعاض من قبل الغالبية بظهوره المستفز، يمنح هذه القوى شرعية ان تبقى في الواجهة لمجابهته.

عن – الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى