إجتماعية

المعدمون مغيبون من الصدقات والانتماء الحزبي يحرم الفقراء من خير الجمعيات

المستقلة خاص ليمنات:

 

لكل إنسان أحلامه التي يريدها أن تصبح حقيقة، هناك من يحلم بالسلطة وهناك من يحلم بالملايين والمليارات وهناك من يحلم بالسكن في قصر فخم وامتلاك أحدث السيارات وهناك الكثير والكثير من البشر الذين يحلمون بالعديد من الأحلام الممكن تحقيقها والأحلام المستحيلة هؤلاء طيلة شهر رمضان يرمون بالكثير من الأكياس التي تحتوي على كميات من الطعام إلى براميل القمامة ليأتِي الجائعون من البشر ممن تحولت بطونهم إلى براميل صغيرة للقمامة لأكلها, فبماذا يا ترى يحلم هؤلاء الجائعون وهم في ظل وضع مأساويَّ كهذا وصدقات توزع على الأغنياء ويحرم منها الفقراء والمساكين..

 أجرينا هذا التحقيق وخرجنا بهذه المحصلة.  

>  تحقيق: آمنة هندي

الكافر هو الغني وليس الفقير

> أم ناصر 37سنة قالت :  يقولون أن الجوع كافر ولكن هذا ليس صحيحاً فنحن جائعون وفي نفس الوقت مؤمنون أما الكافر فهو ذلك الغني الذي لا يدري كم سنة مرت على جيرانه وهم لا ينامون من شدة الجوع فنحن لا نجوع بالأيام ولكن بالسنين وكنت أسمع عن ناس يوزعون لحمة في العيد وأنتظر في بيتي ربما يطرق علينا الباب أحد المحسنين ويعطينا لحمة لكن هذا لم يحدث وفي يوم وقفة عرفات سمعت عن جهة يوزعون لحمة العيد فحملت أطفالي وذهبت إليهم ورجوتهم أن يعطوني لحمة فرفضوا وقالت المرأة التي توزع هناك نحن لا نعطي إلا المسجلين عندنا فترجيتها أن تعطيني ولو قطعة صغيرة فرفضت وعندما عدت إلى البيت بكيت حتى انتفخت عيوني لأنني من11سنة لم أطبخ لحمة في بيتي وأولادي منذ ولدوا لم تدخل قطعة لحمة إلى بطونهم ولدي الكبير عمره تسع سنوات يقول لي ماما نفسي أكل لحمة حتى ولو مرة واحدة وزوجي لا يصوم لان جسده من الجوع والمرض هيكل عظمي , وأحلامي أن نأكل مثل الناس وأن نطعم كل الأطعمة التي نتنفس فيها.

حلمي أن نشعر بالشبع قبل أن نموت

> أم يحي ربة بيت وأم لسبعة أبناء قالت:  لو سألتم أي إنسان في اليمن عن همه وشغله الشاغل لقال الغذاء  فأكثر ما يفكر فيه اليمنيون هو الأكل وأنا سافرت إلى السعودية وجلست هناك سبعة أشهر لم أجد عندهم هذا الهم الذي شيب رؤوس الشباب في اليمن حتى الفقراء هناك لا يشكل لهم الأكل أي هم ويأكلون مما تشتهي أنفسهم أما نحن في اليمن فلا نأكل ما نشتهي إلا في بعض المناسبات وبالنسبة لي وأولادي فنحن لا نأكل الأكل الشهي إلا نادراً وعلى فترات متباعدة وحتى عندما يحدث هذا فنحن نقوم ونحن نشعر بالجوع لقلة الأكل ولهذا أصبح حلمي أن نشبع قبل أن نموت ونحن نشتهي الأكل.

الانتماء الحزبي يحرم الفقراء من الصدقات

> هبة مطلقة وأم لابنتين قالت:  إذا قلت إن كثيرا من الصدقات تذهب في المجاملات ولا تذهب لمن يستحقها فهذه هي الحقيقة فالسياسة دخلت في كل شيء وهذا أحرم الكثير ممن يستحقونها بحق وحقيقة فالجمعيات التي تنتمي للمؤتمر لا يمكن أن تقدم أي صدقة لأسرة تنتمي لحزب الإصلاح مثلا ً حتى لو كانت هذه الأسرة معدمة والعكس صحيح ولهذا تنفق صدقات المؤتمر على المؤتمريين وصدقات الاصلاح على الاصلاحين ولآني أسكن في حي كل من فيه مؤتمر والعاقل مؤتمري فأنا لا أحصل على أي صدقة يتم توزيعها على المنازل رغم أني مطلقة ومعي بناتي ومطلقي يرفض دفع النفقة لنا منذ طلقني قبل ثلاث سنوات ووالله  أنني أصوم بعض الأيام  بدون سحور  ولا أدري كيف سأدبر ملابس العيد لبناتي.. في بداية شهر رمضان استلمت صدقة بيت هائل سعيد سبعة ألف ريال وأمسكت عليها بيدي وأسناني  لكي أشتري بها لهن فساتين العيد وذهبت لباب مشرف قبل أسبوع فوجدت الأسعار نار أقل فستان بخمسة ألف فقررت أن أستلف على السبعة ألاف ستة ألف لكي أكسي بناتي في العيد وإن شاء الله يتحقق ذلك فكل همي وحتى هم البنات هو ملابس العيد أما الأكل فبناتي يأكلن الحاصل وأغلب أكلهن فطائر طاوة وشاهي والحمد لله وصلى الله وبارك على سيدنا محمد.

يملكون الملايين ويتصدقون بعشرة ريال 

> عايش 50سنة يعمل متسولا قال:  أصعب شيء بالنسبة لنا هو الحصول على الأكل ولا فرق عندي بين أكل وأكل فالمهم هو أن تملأ بطنك سواء ملأته  بفتة وكبسة أو ملأته بخبز وماء وحلمي هو أن يكثر المتصدقون وأن تكون الصدقة مائة ريال بدلا من العشرة فكل المتصدقين يتصدقون بعشرة والذي يقهرني ويجعلني أزعل عندما يتصدق المسئول صاحب السيارة الفخمة والملايين بعشرة ريال.

لو تراحم الناس لانتهى الجوع

> شوقي 33سنة قال : يمشي الفقير وكل شيء ضده فطالما أنت فقير لا أحد يلتفت إليك وتجد نفسك تعامل معاملة غير إنسانية فمثلاً صاحب بوفية طلبت أن أعمل لديه فوافق ولكن مقابل 150ريال عن كل يوم فماذا أفعل بها ولهذا نحن نعيش على التسول كل فرد منا يتسول في مكان.. أخي الأصغر يبحث عن بقايا الخبز والروتي في برميل القمامة ويقوم بجمعها في أكياس كبيرة وبعد ذلك يقوم ببيعها على أصحاب المواشي والأخر يجمع العلب والدبات الفارغة والقطع المعدنية من الشوارع والقمامة وبيعها في محلات الخردة وأنا أدخل إلى بعض المطاعم لأتناول ما تبقى من طعام الآخرين، بعض أصحاب المطاعم ممن يعرفونني لا يمنعونني من أكل الفضلات التي يتركها الزبائن وأحياناً عندما تكون الفضلات كثيرة أضعها في أكياس وأذهب بها لعائلتي , وفي هذه الأيام المباركة أحلم أن يتراحم الناس حتى يختفي الجوع لان الناس لو تراحموا ما نام طفل ولا رجل ولا امرأة وهو يتلوى من الجوع ولكن المشكلة هي أن الناس بطلت تتراحم.

الصدقات للأغنياء وأصحاب الوظائف المرموقة

> فردوس 33سنة قالت: مشكلة الفقراء والمساكين في اليمن أن أصحاب الوظائف المرموقة وبعض المسؤولين الهمج لم يتركوا لهم شيئاً فكثير من الجمعيات تقوم بتوزيع المواد الغذائية والمبالغ المالية على أسر مرتاحة مادياً وصحياً إن لم نقل أنها غنية والغريب أن هؤلاء لا يستحون ولا يخجلون من أخذهم لتلك الصدقات وهذا الكلام معروف فالحي الذي أقيم فيه توجد مثل هذه الظاهرة أسر غنية تمتلك البيوت والسيارات ويعمل ربها في وظيفة حكومية مرموقة تحصل على صدقات الجمعيات الخيرية بينما الأسر الفقيرة والمعدمة لا تحصل منها على شيء وقد كانت بالقرب مني أرملة ومعها خمسة أبناء ما يزالون أطفالاً ووضعهم يجعل العين تدمع وقد نصحناها أن تذهب إلى جمعية خيرية معروفة لكنها عندما ذهبت إلى مدير تلك الجمعية رفض أن يقدم لها أي صدقة أو مساعدة وتقول هذه المرأة أن ذلك الرجل لا يصرف الصدقة إلا لمن ينتمي لحزبه وهي لا تنتمي لحزبه وحلمي الذي أتمنى أن يتحقق هو أن يتقي الله أصحاب الجمعيات الخيرية وأن يعلموا أن الصدقات للفقراء والمساكين وليس لمن ينتمي لأحزابهم.

كل يوم كبسة

> عادل شوعي 24سنة قال : والدي رجل عاجز وهذا قدره وقدرنا من رب العالمين والحمد لله على هذا وأنا معي دراجة نارية أعمل عليها واليوم الذي يكون فيه الرزق وافراً احصل على ثمانمائة ريال هي كل مصروفنا وفي هذا العام جاء رمضان وهذه الدراجة معطلة وتحتاج إلى قطعة غيار وإصلاح  بألفي ريال فكانت الخمسة الأيام الأولى من هذا الشهر صعبة جداً وقد جعنا فيها جوعاً لا يعلم به إلا الله ولولا الصدقة التي يصرفها بيت هائل سعيد كل سنة على الناس ما كانت دراجتي لتعمل استلمت الصدقة  وأصلحت دراجتي واشتريت كيس دقيق ودبة زيت ومشى الحال , وأنا أحلم أن يصير الكيلو اللحمة بخمسمائة ريال وكيلو الرز ألبسمتي بمائة ريال حتى نأكل كل يوم كبسة. 

جمعيات خيرية كثيرة  و الناس يأكلون من القمامة

> أم خديجة ربة بيت 28سنة قالت :  كنت أرى بعض الأطفال وحتى بعض الكبار وهم يفتشون في القمامة ومعروف لنا أن هؤلاء إنما يبحثون عن بعض النفايات الصلبة ويقومون بتجميعها ثم بيعها لأصحاب محلات الخردة وهذا شيء رغم ما فيه من خطر يهدد صحة هؤلاء إلا أنه يظل شيئاً أهون بمليون مرة من أن ينبش أحد الفقراء برميل القمامة بحثاً عن سم يأكله وبالنسبة لي فقد رأيت رجلاً طاعناً في السن ويعاني من حالة تضخم  شديد للخصيتين يأكل من القمامة ولم أصدق ما رأيت فقد وقفت مثل الصنم الذي لا يتحرك وعندما استوعبت ما يحدث أمامي بكيت بحرقة وأخذت أصرخ عليه وأرجوه أن يتوقف عن أكل ذلك السم ثم ذهبت إلى محل بقاله واشتريت له بعض الطعام وقدمته له وبعد ذلك ذهبت لزوجة عاقل الحارة وتكلمت معها عن هذا الرجل العاجز والهرم الذي يأكل من القمامة ورجوتها أن تطلب من زوجها أن يساعد هذا المسكين لكن العاقل لم يفعل له شيئاً كعادة العقال الذين نعرفهم والسبب كما سمعت أنه ليس من أبناء حارته , هذه الحادثة كانت هي السبب الذي جعلني  أصدق أن في اليمن فعلاً أناساً يأكلون من القمامة كما أنها جعلتني أيضا أصدق أن الجوع كافر وقاتل فلولا الجوع ما لجأ أحد لأكل السم والنفايات العفنة التي يتأفف المار من شم رائحتها والسؤال الذي لم أجد له إجابة أين هذا الكم الهائل من الجمعيات الخيرية من هؤلاء الضحايا والمساكين ؟

مرة واحدة أكلت حتى شبعت

> الطفل جميل بائع ماء قال:  والله العظيم أنني منذ دخل رمضان وحتى ألآن لم آكل وجبة واحدة مثل الناس ولم أشعر بأنني شبعان فالجوع دائما معي سواء أكلت أم لم آكل ولهذا حلمي أن آكل الأكل الذي نفسي فيه وأحس بالشبع لأن المرة الوحيدة التي أكلت فيها وشبعت كانت قبل سنة.

مسئولون يسعون للحصول على الصدقات!!!

> رحاب ربة بيت 34سنة قالت: أنا واحدة ممن حرمن من الكثير من الصدقات التي توزع عن طريق العاقل أو بواسطته بسبب الحزبية والمجاملة  والقرابة وغيري كثير والحمد لله أنني لا أنتظر الصدقات ولا أعيش عليها لكن هذا الوضع غير صحيح لان الصدقة تُعطى لوجه الله للفقراء والمساكين ولا تُعطى لمن ينتمي لحزب معين أو للمجاملة  أو لقرابة أو للصداقة ولا يفعل هذا إلا أصحاب النفوس اللئيمة المتجردة من كل القيم الإنسانية والشيء المقزز حقيقةً هو أن بعض الأشخاص الذين لا يمكن تصنيفهم أنهم فقراء أو مساكين بل العكس مسئولون نجدهم يحاولون بكل الوسائل الحصول على بعض الصدقات التي هم في غنىً عنها وهذه مشكلة لان فيها صرف الصدقات لمن لا يستحقها. 

الجوع في اليمن

10 ملايين يواجهون المجاعة في اليمن! من بينهم مليون طفل تحت مخالب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وتشير التقارير إلى أن نسبة وفاة المواليد باليمن في ازدياد بسبب سوء التغذية وانتشار المرض، وأن تفشي المجاعة بين صفوف الأطفال ارتفعت نسبته إلى أكثر من 60% دون سن الخامسة، والذين يعانون من سوء التغذية وفقاً لما أعلنته منظمة يونيسيف.

كما أن محافظة الحديدة تعد الأكثر تأثرا بسوء تغذية الأطفال والأمهات المرضعات والحوامل، وقد تجاوزت مستوى الخطر العالمي بضعفين.

ويعتبر المراقبون أن هذا الأمر قد يتسبب في وجود جيل بأكمله، أي ما لا يقل عن مليون طفل بهذه المحافظة مصاب بإعاقة ذهنية دائمة تحرمه من التحصيل العلمي (الأساسي) نتيجة عدم توفر الغذاء الأساسي لدى أسرته.

ويحذر مراقبون واقتصاديون من أن استمرار الاختلالات التي يشهدها اليمن على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وترافقها محدودية الموارد المنعشة للاقتصادالتي  قد تؤدي لحدوث كارثة إنسانية حقيقية بالبلد.

وأشار الخبير الاقتصادي أستاذ المحاسبة المالية بجامعة صنعاء محمد جبران إلى أن مؤشرات الحوار الوطني القادم لا تبشر باستقرار قريب للأوضاع السياسية، مما قد ينعكس على استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم أزمة الجوع باليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى