فضاء حر

جانب من خلفية الصراع بين مرسي والقضاء الذي انقض عليه اليوم تحت دعوى “حماية الثورة”

يمنات

لم يكتف محمد مرسي بادعاء حماية الثورة، والتمحك بها؛ بل قدم ما يشبه الرشوة لها. قرر، في المادة الأولى من الإعلان الدستوري، الذي أصدره اليوم، إعادة "التحقيقات والمحاكمات في جرائم قتل وشروع قتل المتظاهرين بواسطة من تولى منصبا سياسيًا وتنفيذيًا في عهد النظام السابق". وخارج هذا القرار؛ أعلن تقديم معاشات لشهداء وجرحى "الثورة".

استخدم المادة الثانية من القرار لمنح نفسه صلاحيات مطلقة؛ إذ نصت هذه المادة من القرار على التالي: "الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق، ولا يجوز التعرض لقرارات الرئيس بوقف التنفيذ أو الإلغاء من قبل أي جهة قضائية". فيما قالت المادة الخامسة: "لا يجوز لأي هيئة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية".

بعد أن منح مرسي قراراته سلطة غير قابلة للطعن؛ أقال، في المادة الثالثة من هذا القرار، النائب العام، الذي سبق له أن اصدر قراراً رئاسياً بإقالته، الشهر الماضي، غير أنه لم يتمكن من ذلك بسبب عدم قانونية ودستورية قراراه.

ولأن هذا القرار/ الإعلان جاء كما لو أنه تصفية حسابات مع القضاء؛ أبطل، في المادة الخامسة، قرار القضاء القاضي بحل مجلس الشورى.

أظهر مرسي، منذ صعوده إلى الرئاسة، جموحاً بالغاً في التغول عبر ممارسات صلاحيات واسعة بالتجاوز للدستور والقانون. القضاء واجه هذا النزوع الديكتاتوري؛ أصدرت المحكمة الدستورية العليا، في 14 يونيو الماضي، حكماً قضى ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، ما عنى ضمنياً حل مجلس الشعب. في 8 يوليو؛ رد مرسي على ذلك بإصدار قرار جمهوري قضى بإلغاء قرار المحكمة الدستورية القاضي بحل البرلمان.

بعد يومين؛ أصدرت المحكمة ذاتها حكماً قضى بوقف تنفيذ قرار مرسي بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وأمرت بتنفيذ حكمها السابق، واعتبرت البرلمان غير قائم بقوة القانون. ولأن الرجل يخوض معركة فعلية مع القضاء؛ فقراراته اليوم ستفضي إلى عودة مجلس الشعب المنحل.

حصن الرجل الجمعية التأسيسية، مختلقاً لها سلطة "فوق سلطة القضاء المصري". الدافع واضح هنا ويتمثل في سيطرة القوى الإسلامية على الجمعية.

في 24 يونيو الماضي؛ اعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية محمد مرسي رئيساً لمصر. وخلال مسيرته القصيرة؛ ظهر الرجل كما لو أن ليس لديه ما يفعله غير استهداف القضاء، لهذا دخل معه في "معركة مصيرية"، ومازال يكرس جهده للخروج منتصراً من هذه المعركة الخاسرة. هل يُمكن لمرسي أن ينتصر؟

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى