غير مصنف

بمساعدة زوجته المعلمة.. البعداني يقتل والده المسن ويلقي بجثته خلف مبنى وزارة النفط

المستقلة خاص ليمنات

في اللحظات التي كان فيها حجاج بيت الله الحرام يتوافدون إلى جبل عرفة يوم الوقفة الكبرى، وكان الرحمن الرحيم يلقي بظلال رحمته على الخلائق كلها.. فيمنح الكون أمناً وطمأنينة كانت العاصمة صنعاء ترتعش سخطاً وفزعاً على وقع جريمة.. تهتز من بشاعتها الأرض والسماوات، فبينما كان المواطنون مشغولين بحمل أضاحي العيد إلى منازلهم كان (نصر البعداني) قد استبقهم جميعاً حيث تسلل من بوابة الغدر فجراً وضحى بوالده المسن قبل أن يضحي الناس بكباشهم، أجهز عليه وحمل جثته في سيارته بمساعدة زوجته، وقاما برميه في أحد الشوارع الخلفية بأمانة العاصمة قبل أن يسري ضوء الصباح في أرجاء المدينة التي لم تكن قد استيقظت بكاملها بعد.. فما هي تفاصيل هذه المأساة المروعة؟..

البداية، ووفقاً للمعلومات الأمنية التي حصلت عليها “المستقلة”، علم المناوبون في قسم المعلمي بأمانة العاصمة بقيام سيارة “سوناتا”، بإلقاء جثة مجهولة خلف مبنى وزارة النفط والمعادن أمام ورشة الصيانة التابعة لشركة سابحة للسيارات.. وبمعاينة الجثة تبين أنها لشخص مسن يبلغ من العمر 75 عاماً.

تم على الفور استدعاء المعمل الجنائي لفحص الجثة، فوجد عليها جرحاً قطعياً في الأنف والوجه، بالإضافة إلى ضربة بآلة حادة في الرأس، وجرحاً آخر في الأذن بالإضافة إلى جرحٍ دامٍ في اليد، وتم التعرف على هوية صاحب الجثة والذي يحمل اسم “محمد  البعداني”..

ورغم أن موعد رمي الجثة كان في وقت يندر فيه وجود الناس في المكان وذلك بعد صلاة فجر يوم عرفة، إلا أن القدر هيأ للعدالة أحد شهود العيان متمثلاً بأحد أفراد خدمات وزارة النفط والمعادن يدعى (أنور محمد مسعد كحيل)، والذي أفاد رجال الأمن من قسم المعلمي بمعلومات وأوصاف السيارة، وهي كما ذكرنا نوع “سوناتا” رصاصي اللون تحمل لوحة رقم (71378/2)، موضحاً أن المتهم دخل إلى الشارع الضيق خلف الوزارة، وقام برمي الجثة بمساعدة امرأة كانت تجلس في الكرسي الواقع خلف السواق، ثم عاد بالسيارة إلى الوراء قبل أن يستدير وينطلق هارباً، ولم تكتف الشرطة بأقوال الشاهد فحسب، خصوصاً بعد معرفة وجود كاميرات على أسوار الوزارة، وبالرجوع إلى هذه الكاميرات تبين أن الصور تنطبق تماماً مع الأوصاف التي تحدث عنها الشاهد.. تم الرجوع لقاعدة بيانات “المرور” فوجدوا أن السيارة مسجلة باسم امرأة تبين لاحقاً أنها زوجة نجل المدعو “ن. البعداني”..

تمت على إثر ذلك تحريات أمنية مكثفة ومنها التواصل مع أبناء الضحية، وفي 27/10/2012م، أي ثاني أيام عيد الأضحى المبارك ثالث أيام الجريمة تم ضبط المتهم “ن. البعداني” وزوجته (أ) (37) سنة تعمل مدرسة، وكشفت التحقيقات الأولية في قسم المعلمي وجود تناقض في أقوال المتهم وزوجته رغم أنهما حاولا انكار ارتكابهما الجريمة، أو علمهما بها..

كما أتضح أيضاً من خلال التحقيقات مع أقرباء الضحية، أن المتهم الرئيسي «ن. البعداني» لم يكن على وفاق مع والده المجني عليه، بل كانوا في حالة قطيعة منذ عدة سنوات وتعود هذه القطيعة إلى مشكلة نشبت بينهما على إثر قيام المتهم الذي كان متزوجاً إحدى قريباته وله منها ثلاثة أطفال بتطليق زوجته بمبرر أنه يشك بأخلاقها وأتهمها بخيانته مع أحد إخوانه، غير أن والده لم يوافقه على هذه الادعاءات وكان يرفض فكرة الطلاق بشدة، مما أدى إلى نشوب خلافات وقطيعة بعد إصرار المتهم على تطليق زوجته وقام بالخروج من المنزل المشترك الذي كان يقيم فيه بجوار والده إلى مكان آخر بعيد عن الأسرة، ثم قام بالزواج من امرأة أخرى من محافظة تعز وهي خريجة جامعية وتعمل في مجال التدريس..

وحسب هذه الإفادات فإنه قد سبق للمتهم بأن قام بمحاولة اعتداء في وقت سابق على والده، وأن الوضع بينهما كان يزداد تأزماً مع مرور الوقت، ولكن لم يخطر ببال أحد أن يصل الأمر إلى درجة أن يفقد الولد العاق أحاسيسه ومشاعره ويتخلى عن طبيعته الإنسانية ويتجاوز حدود العقل ليقدم على ارتكاب جريمة بشعة يهتز لها الكون، وتقشعر لها الأبدان، ويقوم بقتل والده الذي بلغ من العمر عتياً وصار شيخاً عاجزاً يحتاج إلى الرعاية والاهتمام.

على إثر التحقيقات الأولية تم إحالة المتهم الرئيسي وشريكته  في ارتكاب الجريمة “زوجته”  مع ملف الجريمة وأولياتها إلى النيابة، حيث باشرت النيابة بإجراء التحقيقات معهما، واستطاعت أن تتوصل إلى استدلالات ملحوظة تثبت ارتكاب المتهمين لهذه الجريمة الوحشية، حيث أوهم المحققون الزوجة المتهمة “انتصار الصياد” بإمكانية التساهل معها والعفو عنها في حال الإدلاء بمعلومات حول الجريمة أو الاعتراف بها.. ورغم استمرار المتهمة بالإنكار إلى أنها أبدت نوعاً من التلميح خلال استفهامها وتساؤلاتها حول امكانية الحكم عليهما بالدية، أو حرمان زوجها من الورث مقابل العفو أو تخفيف الحكم..

وفي حال ثبوت الجريمة وكل الأدلة والقرائن تؤكد ثبوتها فعلاً على المتهم، فالجريمة البشعة تستدعي محاكمة عاجلة وإصدار حكم مشدد ضد المتهمين لما تمثله هذه الجريمة من وحشية وفظاعة.. فالضحية كان مسناً عاجزاً، وقبل ذلك والداً يفترض بولده بره وطاعته،

كما لا ننسى الإشارة بدور الشاهد الوحيد في كشف الجريمة، والذي تعتبر حياته في خطر، حيث أنه تعرض بعد أيام من أداء شهادته المعززة بصور كاميرات المراقبة لمحاولة اغتيال، أثناء سيره ماشياً في شارع بغداد حيث حاول شخصان مجهولان كانا على متن دراجة نارية “موتور” قتل الشاهد بواسطة الجنبية مما أدى إلى إصابته بجرحٍ دام في إحدى يديه.. وهو ما يقتضي وجوب توفير الحماية الأمنية للشاهد حتى لا تتعرض حياته وصحته للخطر.

زر الذهاب إلى الأعلى