أخبار وتقارير

عقد تأجير رصيف ميناء عدن لـ”الرويشان”.. ثمن بخس وبنوده مشبوهة

يمنات – الشارع – مشعل الخبجي

في 23 مارس عام 1996 ابرمت مؤسسة موانئ خليج عدن عقد تأجير لرصيف بحري مع شركة صوامع ومطاحن عدن التابعة لـ"الرويشان ".

يشكل عقد التأجير حسب اقتصاديين وقانونيين في وزارة الشؤون القانونية واحدا من اكبر قضايا الفساد التي تنخر اقتصاد البلد تورط فيها طرفا الاتفاقية "الرويشان" مستثمرا في الظاهر ونافذا عمليا من جهة ادارة مؤسسة موانئ خليج عدن حينها من الجهة المقابلة باعتبارها انها ابرمت واحدا من اسوأ العقود الاستثمارية التي شهدها ميناء عدن خلال تاريخه فضلا عن عقود اخرى.

وحسب خبراء قانونيين واقتصاديين فعقد التأجير الذي ابرمته الادارة السابقة مع الرويشان يمكن وصفه بصفقة بيع او فساد ضخمة لجزء من الميناء السيادي للبلد،  اكثر من كونه استثمارا اقتصاديا طبيعيا يرتقي الى المستوى الاستثمار الطبيعي او حتى العادي والصغير منه اذ ينص عقد التأجير التي تم تحديد مدته وفق بنود الاتفاقية بـ21 عاما على ان يدفع الرويشان دولارا ونصف الدولار سنويا وليس شهريا عن كل متر مربع من المساحة المؤجرة له ودولارا واحدا عن كل طن من المواد الغذائية او الاسمنت يتم افراغه في الرصيف الذي استأجره.

وتعهد الرويشان حسب عقد التأجير بتحقيق ايرادات للميناء لا تقل عن 250 الف دولار سنويا من العائدات والرسوم لصالح المؤسسة.

 

ثلاث ملحقات اضافية تعزز ضعف الاتفاقية

رغم الفساد المهول والواضح للعيان في بنود وفقرات عقد التأجير الا ان مؤسسة موانئ خليج عدن وبدلا من تدارك امر تلك الاتفاقية الركيكة والمشبوهة اضافت اليها ثلاثة ملحقات جميعها، وحسب خبراء في وزارة الشؤون القانونية تهدف الى اضعاف اتفاق التأجير قانونيا لصالح الرويشان وفي الوقت ذاته تقوض الملاحق اي فائدة اقتصادية مرجوة لمؤسسة موانئ خليج عدن واقتصاد البلد.

الملحق الاول للاتفاقية صدر بتاريخ 14 ابريل 1996 ونص على تحديد المساحة بـ 4500 متر مربع الملحق الثاني بتاريخ 29 يوليو 1996 ونص على تأجير مساحة اخرى كانت مخصصة لمشروع شركة ريسوت العمانية (لها قضية اخرى) لصالح شركة الرويشان.

الملحق الثالث بتاريخ 10 يونيو 2000 وتم من خلاله معاملة شركة صوامع ومطاحن عدن التابعة للرويشان اسوة بشركة الصوامع التابعة لمجموعة شركات هايل سعيد انعم التي تبسط بدورها على مساحة اخرى من الميناء بنفس الطرق المشبوهة (ولها قضية اخرى ايضا سيتم تناولها في تقرير منفصل).

المقصود بنص الملحق حول مساواة مؤسسة الرويشان بمؤسسة الصوامع التابعة لمجموعة هايل سعيد هو اعطاء امتيازات وتسهيلات اكثر لمؤسسة الرويشان مقابل رسوم اقل ؛ اذ لم يكتف الرجل بما حصل وبسط عليه كما سيتم توضيحه في موضع لاحق ضمن التقرير.

 

ما الذي عاد به استثمار الرويشان على الخزينة العامة؟

في فبراير 2002 اي قبل ما يقارب 11 عاما استقبلت مؤسسة صوامع عدن التابعة للرويشان اول باخرة محملة بالقمح وتم افراغها في الرصيف المؤجر له لكن منذ ذلك التاريخ ورغم ما شاب عقد الايجار من شبهات وبخس لم يدفع الرويشان فلسا واحدا لمؤسسة موانئ خليج عدن بل ان الرويشان وعلى عكس ذلك كبد المؤسسة خسائر فادحة حسب ما توضحه الدعوى القضائية المرفوعة ضده من المؤسسة.

وتوضح وثائق ومطالبات رسمية حصلت عليها الشارع رفض الرويشان منذ 11 عاما وحتى يومنا هذا ان يدفع (حتى الدولار الواحد) الرسوم المستحقة للمؤسسة .

على نسخ منه يتهم ادارة المؤسسة حينها بالتقاضي عن تحصيل الرسوم السيادية من الرويشان ، اضافة الى تسهيلات للاستيلاء على المال العام من خلال بنود اتفاقية التأجير التي يشوبها الفساد حسب تقرير الجهاز المركزي الذي احال القضية الى نيابة الاموال العامة.

من جهتها اصدرت نيابة الاموال العامة في عدن مطلع 2009 قرارا يقضي بحجز تنفيذ على اموال شركة صوامع ومطاحن عدن التابعة للرويشان لكن نفوذ الرجل قاده بدلا من دفع رسوم سيادية حقيرة حصل عليها عن طريق صفقة تأجير مشبوهة الى رفع قضية مقابلة بصورة مفاجئة وغريبة ضد مؤسسة موانئ خليج عدن التي تطالبه بدفع رسوم مستحقة وبخسة ايجار رصيف بحري سلم له متكاملا وجاهزا منذ سنوات طويلة ومع ذلك يرفض تسديدها.

الاكثر غرابة صدور حكم قضائي لصالح الرويشان في الدعوى التي رفعها ضد المؤسسة ويلغي قرار الحجز التنفيذي رغم ان اجراءات التقاضي القانونية والشرعية جميعها تصب في مصلحة مؤسسة موانئ خليج عدن استنادا الى القانون رقم (13) لعام 91م بشان تحصيل الاموال العامة والقرار الوزاري رقم 49 لعام 93 بشان اللائحة التنفيذية لقانون تحصيل الاموال العامة وكذلك استنادا الى الاتفاق التقاعدي المبرم بين الرويشان ومؤسسة خليج عدن.

بعد ذلك ، رفع الرويشان دعوى قضائية ضد المؤسسة مطلبا بدفع 200 الف دولار تعويضا عن الاضرار التي لحقت به ومؤسسته ومطالبا ايضا بإلغاء المادة الثانية من اتفاق التاجير التي نصت على دفعه رسوم التأجير.

مؤسسة موانئ خليج عدن تطالب الرويشان بمليون دولار وعلى وجه الدقة 1028564 دولار فقط مقابل استيلائه في صفقة تعاقد مشبوهة على جزء من ارض الميناء السيادية كم هو مبلغ حقير يدفع مقابل الاستحواذ على جزء من مساحة سيادية غاية في الاهمية لاقتصاد البلد والشعب حسب احد العاملين قضى ما يقارب 30 عاما من عمره موظفا في ميناء عدن تؤهله ليكون مدركا لنوع الفساد والسقوط الذي يحاصر ميناء كان الثالث اهمية عالميا من كل الجهات حسب تعليقه السريع الذي قاله متحسرا اكثر من كونه منتقدا.

بالمقابل وعلى النقيض من ذلك لا يبدو الرويشان مقدرا او تحدث او مكتفيا بمساحة 4500 متر مربع من مساحة الميناء الدولي الذي تحدث عنه الموظف الخمسيني بقدر ما يعتبره جزء من املاكه الشخصية طالما لا قيود ولا قوانين تقف امام تحقيقه ذلك وحسب ما وصلت اليه اجراءات التقاضي تمكن الرويشان من عرقلة تنفيذ قرار الحجز التنفيذي ضد مؤسسته.

محكمة الاموال العامة الابتدائية اعتبرت الرسوم التي يطالب بها الرويشان غير قانونية من خلال التوقف عند توجيهات رئيس الجمهورية فيما لم تكن توجيهات الرئيس نأتي في ذات السياق الذي استند اليه حكم المحكمة اطلاقا.

وكشف قانونيون في وزارة الشؤون القانونية ان توجيهات الرئيس كانت موجهة لرئيس الوزراء بالاطلاع على معاملات الرويشان ومطالباته بمساواته بمجموعة هائل سعيد ، التي تم تمكينها من جزء اخر من الميناء مجاور لرصيف الرويشان.

فضلا على ذلك ، حصلت "الشارع" على مذكرة اخرى موجهة الى مؤسسة موتانئ عدن بتاريخ 9/11/2008م تنفي ما جاء في المذكرة التي استندت اليها محكمة الاموال العامة في اصدار حكمها مشوبا بالكثير من الشبهات .

المذكرة يؤكد فيها رئيس الجمهورية (المخلوع) ضرورة استيفاء كافة الرسوم المستحقة على الجهات المتعاملة مع الميناء ومنها شركة الرويشان والبدء باتخاذ الاجراءات القانونية تجاهها في حال تخلفها عن السداد.

جوانب من حقيقة الاستثمار الذي تنفذه شركة الرويشان – اولا ، والاهم ، ان المساحة التي يبسط عليها الرويشان تم استصلاحها من قبل مؤسسة موانئ عدن لتكون رصيفا بحريا جاهزا بملايين الدولارات لتسلم بعدها للرويشان جاهزة ومجانا على خلاف ما يفترض في حالات كهذه بل وتم تمكينه من الاستحواذ على معدات ومنشات اخرى خاصة بميناء عدن كما سيتضح تباعا.,

كان في الرصيف الذي يبسط الرويشان على مساحته ثلاث سقائف ضخمة نص ملحق اتفاقية التأجير على ان تقوم شركة الرويشان الى موقع اخر ضمن مساحة الميناء الواقعة تحت يد الرويشان الى موقع اخر ضمن مساحة الميناء الواقعة تحت يد الدولة ، وعلى نفقة شركة الرويشان الا ان ذلك لم يتم والاسوأ ان شركة الرويشان فككت السقائف بطريقة عشوائية وليس حسب المواصفات والطرق الفنية المتبعة لذلك حسب ما افاد به عاملون في الميناء ما ادى الى تلفها فضلا عن سقيفة رابعة تدخل ضمن عقد التأجير الا ان شركة الرويشان لا تدفع ايجارها.

قيمة السقائف الثلاث تفوق المليون دولار فضلا على انها سترفد خزينة الدولة في حال تم نقلها وتأجيرها بما يفوق العشرين مليون ريال يمني.

استولى الرويشان على منشآت كانت مخصصة كمكاتب مملوكه لمؤسسة موانئ عدن فيما نصت اتفاقية التأجير على ان يدفع ايجاراتها.

– الانابيب التابعة لشركة الرويشان التي يضخ لقمح عبرها من السفن الى الصوامع الواقعة على الرصيف مباشرة تمر بمساحة الميناء العام (ميناء عدن) لتشغل وقواعدها مساحة تقدر بـ416 مترا مربعا من مساحة ميناء عدن فضلا على كون تلك الانابيب من املاك الميناء وليست ملك الرويشان .

– تحتل رافعة مخصصة لرصيف الرويشان وهي من املاك الميناء ايضا ، بمساحة تقدر بـ250 مترا مربعا اي انها مساحة سيادية اخرى استقطعها الرويشان الى جانب مساحة 4500 متر مربع يبسط الرويشان يده عليها وخارج عقد التأجير المشبوة.

– اعمدة الكهرباء وحدها والتابعة لمؤسسة موانئ عدن ودون حساب قيمة الطاقة الكهربائية التي يستهلكها الرويشان منذ 1996م ضمن طاقة الميناء العام التي تدفع تكلفتها مؤسسة موانئ عدن التابعة للدولة يصل سعرها (اعمدة الكهرباء) الى 230 الف دولار حسب عقد شرائها عام 1990م

– لم تفصل شركة الرويشان حتى محيط رصيفها بسور بل شاركت السور العام لميناء عدن.

وتجدر الاشارة الى ان مساحة مشروع الرويشان تبعد فقط بضعة امتار عن الرصيف الرئيسي السيادي لميناء عدن الدولي الثالث عالميا الذي ترسو فيه السفن قادمة من مختلف انحاء العالم وما يجعل الرويشان مشاركا في مساحة سيادية تؤهله ليكون في مصاف دولة او ميناء دولة كبرى وبالمقابل لا تجهد مؤسسة نفسها دفع رسوم حقيرة ينص عليها عقد تأجير اشبه ما يكون بعقد مجاني لصالحه .

رغم كل ذلك فان مؤسسة موانئ خليج عدن تجاهد اليوم امام القضاء لتتمكن فقط من انتزاع الدولار امريكي مقابل كل طن من القمح يقوم الرويشان بإفراغه في الرصيف المؤجر له ، وتقول المؤسسة انه عن استحقاق.

 

فساد ومخاوف قانونية تهدد رصيف ميناء عدن

لا تقتصر الشبهات على صفقة فساد اساسها قوة نفوذ طرف وفساد وتسيب اطراف اخرى في صفقة التأجير للرويشان خصوصا عندما يبدو هناك اختلال واضح في البنود القانونية الاساسية للاتفاق.

خبراء في وزارة الشؤون القانونية افادوا للشارع بان البنود الاساسية لاتفاقية التأجير الاصلية يشوبها اختلال واضح ثم تم استهدافها لاحقا من خلال الملحقات الثلاثة التي تلت الوثيقة الاصلية اخلت بعدد من الاسس التي ارتكزت عليها قانونيا ولم يتبق من الوثيقة الاصلية للتأجير الا اساس وحيد واخير يتمثل في المادة الثانية من بنود الاتفاقية .

وحذروا من انه في حال تم تقويضها فستكون الاتفاقية في حكم المنتهية لصالح الرويشان ولن يتبقى حينها اي اساس للمصلحة العامة من هذه الاتفاقية ما يعد تفريطا خطيرا للغاية بأهم موقع سيادي لصالح شخص واحد.

وحسب اجراءات التقاضي فيبدو ان مؤسسة الرويشان كانت قريبة من تحقيق ذلك مستغلة ثغرات قانونية لا يستبعد ان تكون مقصودة في اتفاقية التأجير فضلا عن اخطاء في اجراءات التقاضي لصالح الرويشان على الرغم من ان موقف مؤسسة موانئ عدن القانوني يبدو اقوى من موقف الرويشان ما يؤكد التواطؤ خلال ابرام اتفاقية التأجير من اكثر من طرف منها مؤسسة الموانئ لصالح الرويشان.

يذكر ان الرويشان تمكن خلال الدعوى القضائية التي رفعها ضد مؤسسة موانئ عدن من الغاء قرار الحجز التنفيذي ضده بحكم قضائي.

 

وحسب قانونيتين يعد الغاء قرار الحجز التنفيذي بمثابة الغاء للبند (2) من اتفاقية التاجير لأنه ينص على الزام الرويشان دفع مبالغ الايجار وهو البند القانوني الوحيد المتبقي من بنود الاتفاقية الاصلية بعد ان تم تعديلها بالملحقات الثلاثة تؤكد ان الرويشان يحتل رصيفا في ميناء عدن بناء عل عقد ايجار مؤقت.

وحسب خبراء قانونيين فإلغاء قرار الحجز ضد الرويشان من قبل محكمة الاموال اضافة الى الدعوى القضائية الاخرى التي رفعها الرويشان في ابريل من عام 2010 ضد مؤسسة موانئ خليج عدن امام المحكمة التجارية للمطالبة بإلغاء المادة الثانية من اتفاقية التأجير والزام مؤسسة موانئ عدن بتعويضه مبلغ 200 الف دولار كتعويض يؤديان الى الغرض نفسه وهو الغاء مديونية المؤسسة لدى الرويشان في حال تمكن الاخير من الحصول على حكم في سياق الحكم السابق للمحكمة الابتدائية ببطلان مطالبة مؤسسة موانئ خليج عدن ؛ لأن ذلك قد يبطل بدوره الفقرة (2) من اتفاقية التأجير التي يبني عليها عقد الايجار المؤقت والوحيدة المتبقية في العقد تؤكد ان الرويشان يشغل رصيفا في ميناء عدن بناء على عقد ايجار مؤقت.

القضية يترافع فيها ممثلون عن وزارة الشؤون القانونية غير ان اجراءات الاستئناف لا تزال عالقة في اروقة محكمة الاموال العامة حتى يومنا هذا رغم رياح ما يسمى بثورة التغيير التي لا تبدو حتى اللحظة مختلفة عن سابقاتها او مهتمة بما يقع خارج نطاق المحاصصة السياسية.

والقضية بمجملها تطوح على طاولة الرئيس هادي ورئيس مجلس الوزراء ووزير النقل والجهات القانونية للتحقيق مع جميع المتورطين في العملية المنظمة التي استهدفت وتستهدف ركيزة اقتصادية محورية للبلد ووقف اشكال العبث والاستيلاء على ممتلكات ومصالح واموال المؤسسة.

زر الذهاب إلى الأعلى