تحليلات

حشد السبعين.. مؤشر على تذمر شعبي وفشل المشترك والمبادرة الخليجية في تحقيق التغيير المأمول

يمنات – خاص – أنس القباطي

أراد الرئيس صالح وحزبه المؤتمر الشعبي يوم أمس الأول أن يظهروا لخصومهم في اللقاء المشترك، وللمجتمع الدولي أنهم لا يزالون قادرين على الحشد وأنه صالح لا يزال زعيما ويحظى بثقل شعبي.

وجاء الحشد الذي جمعه صالح وحزبه في ميدان السبعين الذي أعتاد على صالح على جمع انصاره فيه كل جمعة أثناء الثورة الشبابية الشعبية، بعد أن أشار إليه بيان مجلس الأمن كمعرقل للتسوية السياسية في البلد، وفي وقت يشهد خصمه التقليدي اللقاء المشترك المكون من خمسة أحزاب، والذي صار تجمع الإصلاح يحاور ويناور باسمه، يشهد صراعات داخلية تهدده بالتمزق والانهيار.

وفي هذا السياق أراد صالح أن يقول للمشترك أن شعبيته ازدادت في الوقت الذي يتشرذمون فيه، وأنه قادر على الفعل السياسي والجماهيري، بعيدا عن الحرس الجمهوري والأمن المركزي اللذان كانا محسوبان عليه في فترة الثورة الشبابية.

وكعادته رد الإصلاح على صالح اليوم من خلال منابر الساحات التي صارت تنعق باسمه، مطالبا بسحب الحصانة التي منحت له من قبلهم، وفق مبادرة عن طريقها أنستهم الثورة واهدافها ويمموا وجوههم نحو التقاسم والمحاصصة والتغول في الجهاز الاداري للدولة.

الاصلاح كما هي عادته في الرد على صالح يطالب بسحب الحصانة، لكن شيئا على أرض الواقع لا يظهر، وتبقى مطالبهم مجرد استهلاك اعلامي، ودغدغة لمشاعر الناس، في حين تنضر قياداتهم للحصانة بأنها السلم الذي اعادهم إلى السلطة وحماهم من الوقوف خلف القضبان.

 

وإذا ما نضرنا إلى السبعين من زاوية مغايرة، نجد أن الحشد يحمل دلالات كثيرة، من بينها أن أحزاب المشترك وبالذات تجمع الإصلاح هي من أحيت صالح واعادة له أمل البقاء في الحياة السياسية، من خلال المبادرة التي حولته من قاتل وفاسد إلى زعيم قبل بالتداول السلمي للسلطة.

ومن ناحية أخرى ساهم تجمع الإصلاح باستخدامه لذات الأساليب القمعية والبوليسية التي كان يستخدمها صالح والتنكيل بالخصوم السياسيين في عودة صالح إلى الأضواء، ومن ثم قدرته على استعادة كثير من مناصريه الذين رأوا في الثورة خلاصا من حكم العسكر والقبلية، ويرون في صالح اليوم أهون من لحى الفقهاء وبيادات العسكر وعمائم مشايخ القبائل الذين جاء بهم الإصلاح إلى منصات الثورة كحماة، ومن ثم تحولوا إلى نافذين يأمرون وينهون بعيدا عن أجهزة الدولة.

وإذا كانت الثورة بشبابها الذين وهبوا ارواحهم رخيصة لأجل الوطن، قد تمكنت من سحب البساط الشعبي من تحت أقدام صالح، فإن المشترك وبالذات الإصلاح اليوم هم من سيخلقون لصالح شعبية ربما يستثمرها في استحقاقات قادمة تجعل منه رقما مؤثرا في مستقبل البلد.

تصرفات الإصلاح تجاه شركاؤه في المشترك هي الأخرى التي أصابت كثير من المؤيدين للثورة والمنضمين إليها من معسكر صالح بالصدمة من ثورة رأوا فيها نهاية لحكم العسكر والقبائل، فأعادهم الإصلاح من نافذة الثورة مقلدين دروعها ونياشينها، وهم شركاء صالح طيلة 33 عاما من حكمه.

كما لعبت الصورة التي يقدمها الإخوان في مصر وتونس وليبيا وسوريا دورا سلبيا في قتامة المشهد اليمني الذي يكاد إخوان اليمن أن يتسيدوه بمزاوجتهم بين القبيلة والعسكر والدين، واعادة انتاج نظام صالح الذي كانوا جزء منه، وما الأحداث التي شهدتها عدن وحضرموت يومي 20 و 21 من فبراير الماضي، إلا خير شاهد على أن صالح سقط ولم يسقط نظامه.

 

حشد السبعين كشف كثير من الأخطاء التي وقع فيها قادة اللقاء المشترك، والتي يجب أن يراجعوها قبل أن تتفاقم الأوضاع، وتسير الأمور باتجاه انتفاضة شعبية على الحكومة الحالية، التي لا زالت تتسلم أوامرها ليس من القصر وإنما من مراكز النفوذ الديني والعسكري والقبلي، وحينها سيتشفى صالح من خصومه ويعيد لهم الصاع بصاعين.

زر الذهاب إلى الأعلى