أخبار وتقارير

اليمن.. الخيام لا تزال منصوبة في ساحة التغيير

يمنات – متابعات

هناك حوار وطني قائم في البلاد، لكن الخيام ما زالت منصوبة في ساحة التغيير، في المكان الذي بدأ فيه كل شيء منذ عامين. والمعتصمون فيها ما زالوا هناك، لماذا لم يحزموا امتعتهم ويعودوا الى ديارهم؟

يجلس دبوان الشعبي (27 عاما) مع اصدقائه في شيء مهلهل ما بين الخيمة والكوخ وسط الساحة. يتابعون على التلفاز خطاب احد المندوبين في جلسات الحوار الوطني.

"نحن نؤيد الحوار، اذا كانت النتيجة جيدة، وضده، اذا كانت سيئة". جيدة تعني دولة مدنية تتمتع بالحرية والامن، سيئة تعني بقاء الوضع كما كان من قبل أو أسوأ. "سنبقى هنا حتى النهاية، بانتظار النتيجة، اذا كانت جيدة نرحل، وإلا لن نتحرك من هنا."

لا يمثلوننا

دبوان وأصدقاؤه من تعز، درسوا في جامعة صنعاء وتوقفت دراستهم في عام 2011 عند اندلاع الثورة في اليمن. لم يتركوا الساحة رغم وجود وفد يمثل الشباب في مؤتمر الحوار. "هم لا يمثلوننا وجميعهم ينتمون الى احزاب سياسية".

كثيرا ما يُسمع مثل ذلك الحديث في هذه الايام "هذا هراء، لا يعني الامر لي شيئا، هم ليسوا مستقلين، بل ينتمون الى حزب الاصلاح وحزب المؤتمر والحزب الاشتراكي." يقول جابر الغزير، خريج جامعة صنعاء. في المقابل، ينفي المشاركون في المؤتمر مثل هذه الاتهامات ويؤكدون على انهم مستقلون.

مطالب

في وسط ساحة التغيير يحرس علي حبيب (32 عاما) لافتة ضخمة عليها صور الاشخاص الذين قتلوا في 18 مارس 2011 عندما فتحت القوات الحكومية النيران على المتظاهرين وقتلت اكثر من 50 شخصا.

ما الذي يبقيه هنا في الساحة؟ "نريد الافراج عن جميع السجناء السياسيين ومحاسبة المسؤولين عن قتل الناس في 18 مارس."

ما يطالب به علي مشابه لبعض النقاط العشرين التي قدمتها اللجنة الفنية للحوار الى الرئيس في سبتمبر 2012.

النقاط التي وضعت بالتعاون مع الشباب، كانت متطلبات يجب اتمامها قبل البدء بالحوار الوطني، من اجل نجاحه. كان من ضمنها إطلاق السجناء السياسيين ، وتقديم الاعتذار الرسمي الى الجنوب.

باقون هنا

هذه المطالب وجدها الرئيس اليمني هادي معقولة، ولكن بالكاد تم تنفيذ اي منها. إذ لم يطلق سراح السجناء ولا تمت مقاضاة اي من المسؤولين عن اعمال القتل. ومع هذا بدأ الحوار الوطني، وبقي قسم من الشباب في ساحة التغيير. "سنبقى هنا سنة او سنتين او اكثر، طالما هناك ضرورة" يقول الشعبي.

لكن عددهم قليل، فقد انصرف البقية، بين مؤمنين باعطاء الحوار فرصة للنجاح، واليائسين الذين غادروا الى منازلهم بعد شعورهم بخيبة الأمل. اما الباقون هنا فهم ضد الحوار لأنه جاء من ضمن الصفقة التي قام بها مجلس التعاون الخليجي الذي اعطى الرئيس السابق علي عبدالله صالح حصانة. ولان النخبة القديمة نفسها تشارك في الحوار ولا تفكر إلا بمصالحها الخاصة.

حوثيون يحتلون الخيام المهجورة

الذين غادروا الساحة تركوا أماكنهم ليحتلها الحوثيون وانصار حزب الاصلاح الذين سكنوا الخيام التي أخلاها الشباب المحبط. خاصة الحوثيون الذين لديهم تمثيل قوي في ساحة التغيير. في أكثر من مكان في الساحة ترى شعارات "الله اكبر، الموت لامريكا، الموت لاسرائيل، اللعنة على اليهود". لكن هناك من يمثلهم في الحوار الوطني، فماذا يفعلون هنا؟

الرجال في الخيمة بنية اللون لا يرغبون بالحديث ابدا، اقفلوا بسرعة مدخل الخيمة ببطانية رمادية. لكن في وقت لاحق خرج واحد منه واعطى نفس الاسباب التي قدمها الآخرون "نحن هنا ننتظر ما سينتج عن الحوار" واضاف "نريد ان يحاكم علي محسن وان تتم إزاحته من منبه العسكري."

لكل سبب للتخييم

كان اللواء علي محسن الاحمر ولوقت طويل من المتحالفين مع علي عبدالله صالح، الى ان انشق عنه في عام 2011 واختار ان يقف الى جانب المتظاهرين، بما في ذلك –من الناحية العملية- الحوثيين. لكن هذا لا يعني انهم قد غفروا له عمليات القتل التي حصلت تحت إمرته خلال حروب صعدة.

وهكذا، كل واحد لديه سبب يبقيه في ساحة التغيير، حيث كان هناك في السابق خيم زرقاء تحولت الى رمادية، واستقر فيها باعة الاجهزة الالكترونية وخاصة اجهزة الكومبيوتر المحمولة. استقروا وسط الانقاض حيث كانت خيمة الصحافة وخيمة الفنون، يلبون حاجات الآلاف من طلبة الجامعات الذين يمرون يوميا الى ساحة التغيير يبعثون فيها الحياة، على الاقل خلال النهار.

الباعة يتذمرون

اما اصحاب المحلات في المنطقة فقد ضاقوا ذرعا بما يحدث فيها "لقد خسرنا 80% من دخلنا على مدى العامين الماضيين" يقول محمد حمداني (24 عاما) صاحب محل لبيع اجهزة الكومبيوتر. "كان يعمل في هذا المحل 13 شخصاً واليوم لا يوجد سوى 3 عمال."

يأمل محمد ان يتمكن الحوار الوطني من إقناع قاطني الخيم بالرحيل من امام متجره، بعد أن فشل هو في اقناعهم. 

إذاعة هولندا العالمية

زر الذهاب إلى الأعلى