قضية اسمها اليمن

اللاجئون الأفارقة باليمن .. بين مرارة ضيق العيش وابتزاز المهربين

يمنات – متابعات

أفرزت الحرب الصومالية الطاحنة منذ اندلاعها في بداية التسعينات من القرن الماضي مشكلة اللاجئون الأفارقة التي انعكست سلبيا على شعوب المنطقة.

وأجبرت المآسي الصوماليون وغيرهم من البلدان المجاورة على الرحيل والبحث عن موطن أخر ينعم بالأمن والاستقرار هروبا من الجحيم الذي عانوه وذاقوه في بلادهم، لجئوا للمخاطرة بأرواحهم من خلال اختيار مسلك هجرتهم عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي واستعانتهم بقراصنة البحر لإيصالهم إلى ملاذهم الأمن اليمن.

تلك المخاطرة من خلال الهجرة غير الشرعية ، كانت سببا في موت آلاف اللاجئين الأفارقة غرقا خلال السنوات الماضية وكان معظمهم من الصوماليين.

معاناة قاسية

ولم يكن يعلم المهاجرين بطريقة غير شرعية أنهم سيتعرضون إلى معاناة قاسية في اليمن التي فروا من بلدانهم إليها بحثا عن الأمان والعمل ، ليجدوا أمامهم واقع مرير محفوف بالابتزاز، والاستغلال الجنسي، والاضطهاد، وسرقة الأعضاء.

وتعتبر النساء الصيد السهل والثمين في تلك العمليات، حيث يُغتصبن ويتم تشغيلهن في أعمال دعارة، وعن طريقهن يرفع المهربون سقف مطالبهم على ذويهن المجبرين على الرضوخ.

وقدرت الحكومة اليمنية أعداد اللاجئين والمهاجرين القادمين من الصومال وأثيوبيا وإريتريا بمليون ومائتي ألف لاجئ، يدخل منهم البلاد بشكل يومي ما بين 150 إلى 200 لاجئ.

أما المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فتشير إلى أن عدد المسجلين في كشوفها يبلغ 238 ألف لاجئ أغلبهم صوماليون، وفق ما صرح به لـ"الجزيرة نت" المسئول الإعلامي للمفوضية بصنعاء، جمال النجار.

وتستغل عصابات التهريب رغبة هؤلاء المهاجرين في ترك بلدانهم، وتشجعهم على الهجرة إلى اليمن على متن قوارب صغيرة في رحلة تستغرق أياما، يتعرضون خلالها للاضطهاد والرمي في البحر إن زادت حمولة القارب.

بعد الوصول، ينقل المهربون "حمولتهم" برا إلى "أحواش" بمنفذ حرض على الحدود مع السعودية، حيث تبدأ مقايضة أقاربهم في بلدانهم الأصلية أو بدول المهجر بطلب 1500 ريال سعودي (415 دولارا تقريبا) عن كل فرد مقابل إطلاق سراحه، أو قتلهم وسرقة أعضائهم وبيعها في الخارج.

أرباح طائلة

ونحو هذا الصدد تعتبر عملية وصول المهاجرين إلى الساحل اليمني على البحر الأحمر انطلاقا من ميناء أبوك في جيبوتي يكلف من مائتين إلى ثلاثمائة دولار للمهاجر الواحد، وضعف هذا المبلغ تقريبا إذا كان من ميناء بوصاصو شمال شرق الصومال، وصولا إلى خليج عدن.

ويشير رئيس مركز باب المندب للدراسات، معاذ المقطري، في حديث لـ"الجزيرة نت" أن الدخل الإجمالي الإقليمي السنوي لاقتصاد الهجرة المختلطة قد يزيد على ثلاثين مليون دولار.

من جانبه، يقول جمال النجار إن المفوضية تقوم باستقبال المهاجرين على امتداد الشريط الساحلي وتزودهم بما يحتاجونه من غذاء ودواء، ثم تنقلهم إلى مراكز الاستقبال التي يمكثون فيها أياما، "ناهيك عن توفير مخيمات للجوء ومشاريع تأهيل وتدريب".

ولفت إلى أنه يتم منح المهاجرين الصوماليين حق اللجوء مباشرة، بينما يمنح المهاجرون من الجنسيات الأخرى حق اللجوء بعد التأكد من طلبهم بمطابقة ذلك مع المعايير الدولية.

وكشف المسئول عن ترتيبات جارية لتنظيم مؤتمر إقليمي للجوء والهجرة في اليمن في مايوالقادم، لمناقشة القضايا المتعلقة باللاجئين وما يعانيه اليمن من صعوبات جراء تدفقهم عليه من القرن الأفريقي، ودعا المجتمع الدولي إلى مساعدة اليمن للتغلب على التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تواجهه.

تقليص المساعدات

وعلى جانب أخر قالت المنظمة الدولية للهجرة إن النقص الحاد في التمويل أثر سلبا على المساعدات التي تقدّمها المنظمة لآلاف المهاجرين الأفارقة في اليمن، ممن انقطعت بهم السبل، ولا يحملون وثائق سفر.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة في بيان صحفي نشره موقع "المصدر أونلاين" اليمني، إلى أنها قلصت عدد وجباتها المجانية التي تقدمها في مركزها الخاص بمنطقة حرض من 3 آلاف إلي ثلاثمائة وجبة في اليوم، وحيث يجري حاليا توزيع الغذاء للفئات الأكثر ضعفا من النساء، والمسنين والقاصرين غير المصحوبين.

وقامت المنظمة بتعليق برنامجها "العودة الطوعية إلي الوطن" بسبب نقص الأموال، حيث كانت آخر رحلة ترعاها المنظمة حملت علي متنها 210 من المهاجرين، غادروا اليمن طوعا في شهر سبتمبر 2010م، إلي أثيوبيا عقب تلقّي المنظمة "201" مليون دولار منحة من الحكومة الهولندية.

يذكر أن معدل تدفق المهاجرين واللاجئين الأفارقة تضاعف من حوالي 53ألف مهاجر، ولاجئ في عام 2010 إلي أكثر من 106 آلاف في العام الماضي، ومعظم القادمين الجدد هم من إثيوبيا الذين بلغ عددهم 84 ألفا تقريبا في عام 2012، والبقية غالبيتهم من الصومال واريتريا.

الأفارقة في خطر

عدم وجود التمويل الكافي جعل الآلاف من اللاجئين الأفارقة تتأخر عودتهم الطوعية لبلادهم في الأشهر الستة المقبلة.

وتقطعت السبل بحوالي 3000 من اللاجئين من إثيوبيا وإريتريا والصومال في بلدة "حرض" شمال اليمن ، حيث تفيد التقارير بتدهور الظروف المعيشية.

ونقل مركز أنباء الأمم المتحدة عن المنظمة الدولية للهجرة انه بإمكانها توزيع حوالي 300 وجبة في اليوم فقط للنساء الأكثر عرضة للمرض، والأطفال القصر الذين لا يرافقهم أحد كبار السن.

ويشير السيد جامبي عمري جامبي من المنظمة الدولية للهجرة أن أولئك المهاجرين عرضة لخطر مهربي البشر والعصابات الإجرامية التي تتاجر بالأعضاء البشرية.

"لقد تم خفض خدمات مأوى و الإحالات الطبية أيضا، مما أدى إلى زيادة المشقة والأمراض بين اللاجئين، وتزدحم حاليا، مشرحة مستشفى حرض بجثث لم يطالب بها أحد من المهاجرين.

وبالإضافة إلى ذلك، علقت المنظمة الدولية للهجرة برنامج العودة الطوعية بسبب نقص الأموال. وقد قامت آخر رحلة لنقل المهاجرين من اليمن في سبتمبر 2012، عندما أعيد 210 من المهاجرين طوعا إلى إثيوبيا.

وفي بلدة "حرض"، يجوب الآلاف من المهاجرين الشوارع وينامون في العراء مع عدم وجود نقود لشراء الغذاء أو الدواء.

وبالرغم مما ذكر أعلاه إلا أن هناك رعاية من قبل اليمن اتجاه اللاجئين الأفارقة الذين يأتون بطريقة شرعية ولكن على قدر إمكانياتها الضعيفة، لكن لكل قاعدة شواذ، فأصحاب النفوس الضعيفة يستغلون الأحداث ويقومون بأبشع الجرائم تجاه اللاجئين.

محيط – الهام محمد علي

زر الذهاب إلى الأعلى