حقوق وحريات ومجتمع مدني

ابن عم شيخ الجعاشن هرب إلى عدن وعاش في شبوة وزميله وجد مقتولاً في قريته

المستقلة خاص ليمنات

الحرب الظالمة التي استهدفت الاشتراكي حزباً وكوادراً وممتلكات ونهجاً لم تبدأ من صنعاء، بل من الجعاشن، حرباً بدأها المشائخ، بل الشيخ محمد أحمد منصور ملك الجعاشن ضد واحد من أبناء عمومته دون مراعاة لروابط الدم والقربى بسبب كون المستهدف ينتمي للحزب الاشتراكي اليمني وعلى خلفية نشاطه السياسي.

غادر صادق يحيى قاسم السجن الذي قضى فيه نحو عامين متوجهاً إلى عدن في النصف الأول من التسعينيات ليكون أول نازح ومهجر عن بلاد الجعاشن خوفاً من بطش وطغيان شيخها، الذي نهب ممتلكاته وثروته وزج به خلف القضبان ظلماً وعدواناً لينظم إلى قائمة طويلة لضحايا نظام الرئيس السابق الذين طالتهم الانتهاكات، وتم تجريدهم من ممتلكاتهم وأموالهم ومنازلهم، بعد تعرضهم للاعتداءات والاعتقالات والسجون.

ما تعرض له صادق يحيى الذي كان تاجراً ومستثمراً يتمتع بالرخاء والثراء وتحول إلى مواطن منفي عن مسقط رأسه، مشرد لا يستطيع الحصول على القوت الضروري إلا بشق النفس، يجعل ذلك منه واحداً من أبرز الشمولين بمقتضيات العدالة الانتقالية، ويلزم على الدولة جبر كل الأضرار التي تعرض لها، وتعويضه عن كل ما سلب منه، بل والغرامات والمخاسير التي تكبدها خلال دفاعه عن نفسه في قضية غير متكافئة أمام الشيخ النافذ، بالإضافة إلى تحمل كل ما ترتب عن تداعيات ومضاعفات ما تعرض له من ظلم ونهب وتشرد لا يزال يعاني منه حتى اليوم.

كان لصادق عددٌ من المحلات التجارية، ويمتلك مولداً ضخماً للكهرباء (محطة) بقوة 180 كيلو مترات، يصل حجم تغطيتها إلى أكثر من 15 ألف منزل، وهو مع ذلك يحتك بالناس كثيراً وله سمعة طيبة، لكن انتماءه السياسي للحزب الاشتراكي سبب له الكثير من المشاكل حيث ظل الشيخ محمد أحمد منصور يطلب منه الخروج من الحزب لكنه رفض ذلك بشدة مما أوغر صدر الشيخ عليه، وفي عام 1991م، نظم حشداً جماهيرياً للحزب في الجعاشن حضره الآلاف بنسبة 90% من أبناء المنطقة، تزامناً مع مهرجان نظم الشيخ للمؤتمر الشعبي لم يحضره سوى 10%، فاستبد الغيض بالشيخ، فما أن حل المساء حتى أرسل 15 طقماً إلى صادق أخبروه أن لديهم أوامر من مدير أمن المحافظة بالقبض عليه، فطلب منهم عرض الأمر عليه، لكن تبين عدم وجوده، وتدخل رفاقه من الاشتراكيين إلى جانبه، وقال للعسكر أنه سيأتي في الصباح بنفسه فغادروا.. بينما أنطلق هو نحو منزله لكنهم بيتوا له شراً فقد نهبت جميع ممتلكاته التي في محلاته التجارية بما فيها من سلع قدرت حينها بخمسة ملايين ريال، بالإضافة إلى مولد الكهرباء الذي باعه الشيخ مؤخراً بقيمة 60 مليون ريال، وضمن الأموال المنهوبة بحسب المعتدى عليه رهونات عينية وأمانات وأسلحة ومجوهرات، وأشياء ثمينة كثيرة، توجه صادق إلى صنعاء شاكياً لوزير الداخلية ما حدث له، فأعطاه الوزير توجيهاً إلى مدير أمن محافظة إب بالتحقيق وإعادة الممتلكات المنهوبة على خلفية انتمائه للحزب الاشتراكي، إلا أن نفوذ الشيخ وسطوته قلبت الأمر رأساً على عقب، وتمكن من ادخال صادق إلى السجن، ليمكث فيه أكثر من عام ونصف تعرض خلالها لمحاكمة بتهم كيدية تغيرت من جلسة إلى أخرى، منها تكسير القات حق المواطنين سراً، وإطلاق رصاص إلى الهواء وإزعاج الناس وجاء بشهود أكدوا فيما بعد عدم صحة شهاداتهم وأبدوا استعدادهم لكشف عكس ما قالوه حينها، بل وأقروا لقاضي المحكمة أنهم شهدوا تحت الإكراه، حتى أن شهاداتهم لم تتضمن أكثر من “سمعنا.. ويقول الناس أن صادق فعل كذا وكذا..” أحيلت القضية من المحكمة الجزائية في إب إلى محكمة غرب إب بعد احالتها سابقاً من محكمة القاعدة وفي الأخير صدر الحكم الذي نص على أن المحكمة تكتفي بسجن المذكور سنة واحدة رغم أنه حينها قد مضى عليه سنة ونصف في السجن ومع ذلك لم يتمكن من الخروج إلا بعد ستة أشهر.

توجه صادق بعد خروجه من السجن إلى عدن بعد تلقيه تهديدات، وخوفاً من سطوة الشيخ وانتقامه، ومما أكد فيما بعد سلامة قراره، أن رفيقه في السجن بنفس التهم التي وجهت عليه “قاسم غالب ناجي” والذي خرج معه وعاد إلى الجعاشن وجد بعد ذلك مقتولاً وقيدت الجريمة ضد مجهول.

انتقل صادق للعيش في شبوة مع عائلته في ظل ظروف معيشية قاسية وهو حتى الآن بعيد عن أرضه وأهله ومسقط رأسه منفي عن مملكة الجعاشن، لقد قدم تضحيات كثيرة وتعرض لظلم فادح، وهو يطالب اليوم بالتعويض عما خسره من أموال وممتلكات وتقديم مرتكبي الانتهاكات والاعتداءات عليه وعلى أسرته إلى العدالة، فقد أصيبت زوجته بمرض نفسي إثر تكرار الاعتداءات على منزله أثناء سجنه، وكذلك أطفاله حيث يعاني كل أفراد الاسرة من الانعكاسات السلبية لتلك الاعتداءات والانتهاكات البشعة.

زر الذهاب إلى الأعلى