أخبار وتقارير

خفايا الصراع السياسي على كرسي النائب الرئاسي

يمنات – الديار – عابد المهذري

عندما تكون الابتسامات العريضة وجه آخر- غير مرئي- للخناجر المسمومة..  يكون "العناق" الذي نراه عنوان "الخناق" الخفي بين كبارات البلد من الحكام والمسئولين وأقطاب الصراع.. بعيداً عن عيون وأنظار المواطنين.. لأن الغدر والخداع سلاح الجبان.. أما الشجعان فيخوضون المعركة تحت الأضواء وليس في دياجير الظلام.. حتى في السياسة.. ليس الكذب دائما هو وسيلة المواجهة والضرب تحت حزام الخصم. هناك أخلاقيات للعمل السياسي مهما كان مستنقعا للانحطاط والقذارة.. باعتباره عملا يرتكز على ارتكاب جرائم الحروب والتآمر على الشعوب.. في سياق الأقوياء للاستحواذ على الثروات وسلطة الحكم.

لذا.. فما يحدث في بلادنا.. حلقة ضمن مسلسل الانتقام وتصفية الحسابات بين كبار القوم.. رغم أن الظاهر من صورة الأزمة اليمنية يحمل ملامح التسامح والتوافق والحوار.. فيما الحقيقة المخفية خلف الصورة ذاتها. تحمل عناوين الحقد والبغضاء ولون الدم.. مهما حاول رموز المشكلة ورؤوس القضية إخفاء الحقائق التظاهر بالبراءة والطهارة.. لأن رجال الحرب يصعب تحولهم الى صناع سلام,, القاتل عندما يدعي انه الضحية يصبح أضحوكة.. ونصبح- نحن- تافهين عندما ننتظر الأمل من عتاولة القتل وأساطين التدمير والخراب.. حين نصدق أن مستقبل البلاد المزدهر سيتحقق على أيدي هؤلاء الذين هم أصلا سبب البلاء والعناء.. هذا اولا.. أما اخيرا.. فمن ينتظر الفرج.. من هذه الوجوه المريبة الملطخة بالعبث والفجور طيلة العقود الماضية فالأمل أبعد من عين الشمس ويوم القيامة أقرب للحالمين.. لن أحصيهم عددا كأشخاص وشخوص وشخصيات.. لأن الجميع يعرفهم بالجملة والتجزئة.. جماعات حزبية وقبلية ودينية وطائفية ومذهبية.. وفرادى, أسماء شاسعة الشهرة والإشارة.. هادي وصالح ومحسن وناصر وسالم وحميد وأحمد وعبد المجيد وحيدر وعبد الملك وأبو سند وطارق وبن فريد ويحيى ورشاد وسلطان وياسين وعبد الرحمن ولا حاجة لذكر الأوصاف والألقاب وبقية الأنساب والحلفاء والأصدقاء وشركاء الأسياد والعملاء والوطنيين والاعياء الشرفاء!!

لن نخوض في قضايا متشعبة الوديان والزوايا.. مكتفين باستعراض جوانب التصارع المحتدم على منصب… السراب وكرسي ليس محسوبا ضمن كراسي لعبة المرحلة الانتقالية.. لكن المدمنين على كراسي المناصب والطامعين فيها والساعين إليها والمتربصين بها لا يتورعون عن فضح رغباتهم.. كشف نواياهم.. إظهار أهدافهم.. الإفصاح عن مخططاتهم.. بطريقة المسيء الذي يكاد أن يقول خذوني!!

 

خفايا الدهاليز وكوابيس الكواليس الرئاسية

الصراع الآن تحت طاولة الحكم.. يتفاقم داخل دهاليز القصر على كرسي ومنصب "النائب" لرئيس الجمهورية.. هذا الموقع غير الشاغر وفقا لنص المبادرة الخليجية وبنود الآلية التنفيذية الجاري العمل بها دلاعن مواد "الدستور" المجمد في ثلاجة التسوية السياسية للأزمة والثورة اليمنية.. لقد كانوا جميعا يزعمون عزوفهم عن الحكم وقناعتهم بالسلطة والرئاسة وسامهم من الديولة والرغبة في الراحة بقية العمر.. اعلنها الرئيس السابق علي عبدالله صالح في العامين الماضيين عشرات المرات.. لكنه بتصرفاته وممارساته يؤكد أنه لم يشبع أو ييأس.. جاء علي محسن ليتجاوز المزايدين بتصريحاته عن زهده في المناصب وتعبه من مسئوليات القيادة.. بالمثل أيضا أكد عبد ربه عدم نيته البقاء رئيسا بعد انتهاء فترته في 2014 ومثله قال علي ناصر وعلي سالم وتسابق أحمد علي وحميد الأحمر في تأكيد ابتعادهما عن أحلام الإقامة في دار الرئاسة.. إلا أنهم ومعهم آخرين يعملون في الكواليس خلافا لما يزعمون في أحاديث الضحك علة ذقون المغفلين.. فالمؤشرات والأنشطة القادمة من اماكن تمركزهم على الحلبة تقول العكس.. غذ لو كانوا حقا زاهدين في السلطة والمواقع الرئاسية لما أثير أصلا موضوع "نائب الرئيس" بهذا التوقيت.. خاصة موضوع كهذا غير مطروح للمناقشة أو موجود في روزنامة التقاسم والمحاصصة.. بما يعني  أن تسارع الأحداث ومرو الوقت سريعا دفعهم إبداء ما يعبر أن تسارع الأحداث ومرور الوقت سريعا دفعهم لإبداء ما يعبر عن التفكير الباطني الذي كان وما  يزال كل واحد منهم يجسده بطريقته وحسب رؤيته وأسلوبه العملي في إدارة الأحداث والتعامل مع المستجدات.. سواء كانوا أحزاباً سياسية مؤطرة بطرفي التوافق "المؤتمر والمشترك" أو شخصيات قوية منضوية  في تكتلات "حاشد وسنحان" أو مراكز قوى نافذة تشارك في المعمعة من خلال القوة الجغرافية "شمال وجنوب" أو كيانات فاعلة طارئة "ثورية وحوثية" دخلت الملعب وصارت فيه رقما صعبا.

 

حميد الأحمر.. بالونة الاختبار الحقيقية!!

سنبدأ من عند المليارديرالشيخ حميد الأحمر.. صاحب فكرة تمكين رئيس جنوبي من حكم اليمن رئيسا لدولة الوحدة وهي الفكرة القديمة التي رفعها حميد ضد صالح فتحققت بالصدفة عبر "هادي".. بيد أن إزاحة أحمد ووالده وأركان النظام السابق من السلطة مؤخرا أفسح الطريق أمام حميد بشكل لو يحلم به أو يتوقعه من قبل.. تلك الأحلام المخملية كطموح مشروع برزت للعيان منذ 2006 حينما خرج حميد لمؤازرة المرحوم فيصل بن شملان مرشح المشترك ضد الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية.. حينها لوحظ تخطيط ونهمالشيخ حميد في الوصول للرئاسة عبر بن شملان.. حين رافق تلك العملية أحاديث الأوساط السياسية عن خطة حميد في التربع بمنصب "نائب الرئيس" لو فاز بن شملان معبرا عن هذه النية من خلال نتائج استبيان للرأي العام نفذته مؤسسة إعلامية مقربة منه تركز حول الشخص المناسب ليكون "النائب" وجاءت النتائج لصالح حميد.. لكنها على الواقع ابقت صالح رئيسا وهادي نائبا.. الأول بأصوات الاقتراع والثاني بدون قرار جمهوري يجدد شرعيته الدستورية واكبة استفزاز المحسوبين على حميد للنائب عن قانونية موقعه طيلة سنوات قضاها فيه.. ليصبح هاجس "النائب" لا يفارق الشيخ حميد الأحمر كعقدة لم يتخلص منها بعدما سيطر على قرار الحكومة عبر تابعه "باسندوة" الذي يأتمر بأمرحميد في كل صغيرة وكبيرة وينفذ توجيهاته حرفيا في شاردة وواردة.. لكن هذا الأمر على ما يبدو ضاعف لدى حميد نزعة حب السيطرة وشهوانية الاستحواذ المطلق.. فعاود التفكير والبحث في الحلم القديم بمنصب نائب رئيس الجمهورية رغم ان موقع رئيس الوزراء اهم ربما من كرسي النائب.. وتسربت في الفترة الأخيرة أنباء وأخبار تشير الى محاولاتومساعي حميد لانتزاع  قرار رئاسي يقضي بتعيينه نائبا للرئيس.. تحركات وضغوطات الشيخ الملياردير حميد الأحمر تذهب في هذا الاتجاه بما يعززصحة المعلومات بقوة المصداقية.. ومن الواضح جدا أنه وراء طرح مقترح تنصيب نائبين للرئيس هادي أحدهما شمالي والآخر جنوبي.. متفقا في ذلك بما يشبه الصفقة مع زميله الشيخ والمليارديرالشبواني أحمد بن فريد الصريمة.. إذ اقترن الاثنين في خبر واحد يتعلق بطلب مطروح باسم المشترك على طاولة الرئيس تلبية لمطالب حميد الأحمر.

 

بن فريد الصريمة ورسائل الرئاسة المشفرة

بالنسبة للرئيس عبد ربه منصور هادي أكد أجزم أنه جزء رئيسي في الموضوع.. لا استبعد تقديمه وعودا لهؤلاء الطامحين بمنصب النائب.. تحديدا حميد  والصريمة ومحسن.. على هامش مفاوضات العامين الماضيين وما رافق الأحداث من تنازلات وتسويات.. أستطيع تأكيد هذا الشيء دون الحصول على أي معلومات دقيقة.. عرفت بذلك من الرسائل المشفرة في بيانات الشيخ حميد وتصريحات الأخيرة.. لو راجعنا بيان انسحابه من المشاركة في مؤتمر الحوار لوجدناه ابتداه بآية قرآنية تدعو الى "الإيفاء بالوعود" ليتكرر الوعد في تصريحه التهديدي الساخن الداعي لسرعة إصدار هادي قرارات الهيكلة وإقالة أحمد علي من الحرس الجمهوري والتنفيذ الفوري لما اسماه بالوعود الرئاسية للقوى الثورية لتصدر قرارات الإقالة في اليوم الثاني لغضب حميد الذي فهمه الرئيس هادي واستجاب له بسرعة.. كما تضمن بيان آخر عن مكتب حميد كان تلك الإشارات للوعود الغمضة.. التي هناك من حاول تفسيرها بان حميد كان يريد أن يكون ضمن النواب الستة لرئيس مؤتمر الحوار الوطني وهو احتمال ضعيف لأن حميد يشعر بأنه أكبر بكثير من هذا الموقع.. ليأتي بعده أحمد بن فريد الصريمة ماشيا في ذات الخط عقب حضوره مأدبة غداء أقامها آل الأحمر على شفرة بمنزلهم في صنعاء.. خرج منها كما يتضح بعقد تحالفي مختلف.. وماهي إلا أيام قليلة حتى نفذ صبر الصريمة في انتظار وعود لا يعرفها سواه.. فينفجر فجأة ضد الرئيس هادي ويغادر العاصمة معلنا انسحابه من مؤتمر الحوار الذي يشغل فيه منصبين.. نائبا لرئاسة المؤتمر ورئيسا لفريق القضية الجنوبية.. موجها بهذا القرار صفعة مدوية لرئيس الجمهورية والمبعوث الأممي جمال بن عمر ورعاة المبادرة الخليجية وأطراف الوفاق والمشاركين من القوى الأخرى في مؤتمر الحوار منتصرا نسبيا للحراك الجنوبي وشعب الجنوب الساخط من موافقته على دخول حوار صنعاء مع رفيقه محمد علي أحمد.. لأن الجميع يعرف مدى الارتباط وحجم العلاقة التي تجمع الصريمة بالرئيس السابق علي سالم البيض من أيام التمترس في خندق واحد في حرب 94 لذا, أثار الصريمة قبل أسابيع قليلة علامات الحيرة والذهول.. حين شن هجوما إعلاميا عنيفا على الرئيس البيض وتهجم عليه بالاتهامات والإساءة والتحريض.. متناغما في هذا الموقف مع مواقف الأطراف الجنوبية الأخرى المناوئهلتيار علي سالم.. مما جعل المراقبين لا يستبعدون حقيقة وجود إغراءات رئاسية ضخمة كسبب وراء ما قام به الصريمة الموعود بمنصب نائب رئيس دولة الوحدة.. فيما بدأ أن هادي تحايل على حميد وبن فريد بالمماطلة والتسويف وافتعال المبررات والبدائل بمراضاة الصريمة بمساواته بالنواب الآخرين.. هبرة والآنسي وياسين والعتواني والرعيني وأفراح الزوبة والإرياني وهو ربمالا يعلم لمحدودية خبرته السياسية وابتعاده عن الساحة المحلية أنه أكبر مكانة وأعلى شأنا من هؤلاء مجتمعين لأسبابموضوعية متصلة بتمثيله شريحة تشكل خارطة دولة مستقلة في الجنوب وثقل اجتماعي وبرجوازي يوازي نفوذ مليارديراتقبائل الشمال وجنرالات حاشد وسنحان.. لذا حين عرف التفاصيل انحرف كليا وحسب حساباته السياسية بحسابة التاجر الشاطر.. اعتقد أنه قضى عدة أيام يتفاوض مع هادي حول منصب "نائب الرئيس" وحين وجدالطريق مسدودا لحق نفسه قبا أن يخسر ما تبقى من رصيده الجماهيري في الشارع الجنوبي.. ولأنه مهم جداً في حسابات هادي فقد بذلت جهود اعلى المستويات لإقناعه بالعودة للمشاركة في الحوار دون جدوى.. ليعود ظل نائب الرئيس الغائب للسيطرة على المشهد بغيوم كثيفة تزيد ضبابية الموقف غموضا وتعقيدات متداخلة.. حميد الأحمر يؤمن بان والده الراحل كان بالفعل "صانع الرؤساء" في اليمن ويسعى ليكون هو نسخة من أبيه مع اختلاف يدفع به من التحكم بالخيوط الرئاسية من خلف ستار المسرح الى الإمساك بالخيط المفقود مباشرة دون الحاجة الى الحذر واللعب من بعيد بالبيضة والحجر.. غير هذا تبقى عقلية رجل الأعمال الباحث عن المكاسب والفرص حاضرة في برنامج عمل حميد السياسي البعيد عن النشاط التجاري والقبلي!!

 

العقدة والحبل.. بين منشار الرئيس والنائب الحل!!

عقده "النائب" في اليمن متفشية داخل الأوساط السياسية لدرجة صارت فيها أقرب الى اللعنة .. إحساس الطامعين في الحكم بان القائد يأتي من مقعد النائب شاع وتفشى.. ليغدو الطريق المختصر للطامحين في الرئاسة.. عبد ربه ظل عقدين من الزمن نائبا للرئيس صالح دون أن يكن له أي حضور حقيقي.. لذا فهو لا يطيق استذكار تلك الفترة بعدما صعد للرئاسة ويخشى أن يعين أحدا من الأقوياءنائبا له فيصبح بعدها ضحية.. نظرا لعدم قدرته على تنصيب شخصية ضعيفة في الموقع قياساً بما كان عليه الحال عندما اختير منصف التسعينيات ليكون نائب للرئيس القوي صالح.. كما أن حساسية هادي من وظيفة "النائب" تدفعه للتخلص منها بالعمل على إقصاء صالح من رئاسة حزب المؤتمر والتموضع مكانه بحكم تم نائب الحزب هو الأجدر برئاسة باعتباره رئيسا للجمهورية.. غير ان تمسك الرئيس صالح برئاسة المؤتمر الشعبي العام تعكس رغبته الجامحة في البقاء على عرش الزعامة.. وصالح في الأشهر الأخيرة من حكمه كان يفكر في تعيين نائب ثان الى جانب عبد ربه.. حدث ذلك أثناء الزخم الثوري في 2011 وملاحظة ميلان الرياح جهة النائب هادي.. فما كان من أركان النظام السابق سوى وضع مقترح أمام صالح يقضى بتنصيب اللواء مهدي مقوله نائبا لرئيس الجمهورية لشئون الدفاع والأمن في محاولة لإبقاء القوات المسلحة تحت قبضة جنرالات سنحان بعد انشقاق اللواء علي محسن وفرقته الأولى المدرعة.. العقدة ذاتها يلاحظ تأثيرها على حامي الثورة الجنرال علي محسن إثر بقائه نائبا لقائد الفرقة الراحل محسن سريع من واقع أركان حرب.. بدا التأثير واضحا في تشتت ذهنية علي محسن ورؤاه بين إعلانه العلني أن كان الرجل الأول في عهد صالح وليس الثاني كما كان يصنف وكما يريد أن يكون الآن في زمن هادي.. حيث تردد الأحاديث عن آمال علي محسن المدعومة بضغوطاته للتربع في كرسي النائب.. فيما يرى آخرون انه حقق ما يريد بطريقة غير مباشرة عبر القرار الجمهوري "الاستثنائي" بتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية لشئون الدفاع  الأمن ومنحه صلاحيات واسعة في الاطلاعوالإشراف على إدارة الجيش من مكتب خصص له في القصر الرئاسي دون بقية المستشارين الرئاسيين.. علما أن محسن أكد نيته في الابتعادعن الوظيفة العسكرية بمجرد استقرار الوضع.. لكنه مع كل تحسن للوضع المستقر يقرر التقدم للرئاسة أكثر وليس العزوف عنها.

 

الزنداني والبيض وعلي ناصر.. التطلع الى الأعلى

الازدحام في طابور النائب.. يشمل أيضا الشيخ عبد المجيد الزنداني رجل الدين المنتمي لحزب الإصلاح ورئيس جامعة الإيمان المتهمة بتفريخ الإسلاميين المتشددين.. الزنداني بعد الوحدة كان نائبا لرئيس مجلس الرئاسة وعقب الثورة الشبابية الأخيرة كبرت طموحات الشيخ عبد المجيد من نيابة الرئيس الى قيادة دولة الخلافة الإسلامية التي دعا لإقامتها من على منصة ساحة التغيير بجامعة صنعاء.. بالمقابل لم يدخل علي سالم البيض رئيس الجنوب السابق ونائب رئيس دولة الوحدة عم أحلام وطموحات الزعامة..حاليا يحن الى العودة رئيسا شرعيا لدولة الجنوب العربي من خلال فك الارتباط واستعادة الدولة عبر الحراك الجنوبي المتواصل.. بالمثل وبذكاء وهدوء.. ينتظر الرئيس الأسبق علي ناصر محمد اللحظة المناسبة للعودة الى الكرسي الذي غادره منتصف الثمانينات كرئيس للشطر الجنوبي.. عودة ناصر قد تكون لرئاسة الشطرين من صنعاء كونها أسهل له من تولي الرئاسة في عدن.. هناك شبه إجماع بأن علي ناصر هو الأخطر في هذه المرحلة.. تكتيكاته وحذاقته فيا لتعامل مع الأحداث تنم عن شخصية قادرة على قلب الطاولة.. لقد بات مقلقا حتى للرئيس هادي رغم ما يجمعهما من صداقة ويربطهما من مصير واحد منذ أيام الزمرة.. لكن قلق عبد ربه يتضح رغم المسافات البعيدة التي تفصله عن علي ناصر الذي اصبح مصدر إقلاق للرؤساء والحالمين بالرئاسة.. علي سالم البيض يحاول إزاحته من طريقه وصالح يتمنى ان يكون الحجر التي تكسر اختها وهادي لا يستطيع الاستغناء عن مشاوارته والاستفادة من خبرته ومن حين لآخر في العقد الأخير كنا نسمع أخبارا تتردد عن عودة علي ناصر ودخوله الانتخابات الرئاسية وتعيينه نائبا للرئيس ولم ينقطع الحديث عنه في كل ازمة وعند كل منعطف.. كان صالح يهددد به هادي والبيض وصار هادي يهدد به صالح والآخرين.. غير أن الجديد هنا هو في الانزعاج الشديد لـ علي محسن وحلفائه من علي ناصر المنفي خارج الوطن.. ظهرت هذه المستجدات في الأسبوع الماضي حين خرج المحسوبون على الجنرال محسن يهاجمون ناصر ويتهمونه بالتآمر على هادي والسعي للانقضاض على حكمه.. يقولون إن ناصر يلعب بالمشير هادي ويوجهه كما يشاء عبر قريبة وزير الدفاع اللواء محمد ناصر.. هذه الأطروحات ليست بعيدة عن الصحة.. بل قريبة جدا من الحقيقة.. لكن لماذا برزت الآن؟ افهموها!

المد والجزر في الصراع على كرسي "نائب الرئيس" يخضع لحالة الطقس وتلاطم الأمواج.. هادي يريد لنفسه البقاء والتمديد.. الأطراف الأخرى لن توافق على هذا الإجراء دون مقابل,, ترتفع أصوات قيادات اللقاء المشترك حول الرئيس القادم لإرباك عبد ربه بالتوازي مع نوافق أقطاب حاشد وسنحان على رفض التمديد وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.. يتخبط الرئيس الانتقالي كحصيلة طبيعية لأعماله المتخبطة منذ توليه الرئاسة.. لا يدري ماذا يعمل.. فيلجأ للدفاع والمواجهة بالتلويح بإقالة باسندوة من رئاسة الحكومة.. ليتحول الصراع الى لعب عيال واغفال لانهيار البلد.. فيما يطرح اسم احمد علي لقيادة الحزب مقابل تنحي والده عن رئاسة المؤتمر.. تثير الصلاحيات الواسعة التي يمنحها هادي لوزير الدفاع حفيظة شركاء السلطة المطالبين بوجود نائب للرئيس.. والرئيس عبد ربه منصور الضعيف والمنقاد يخاف من تصيب نائب له لأن الخيارات السماء المطروحة تصيبع بالارتعاش, ولو رجعنا قليلا للوراء سنجد هادي حاضرا في تناقضات المشهد اليمني المعقد.. صالح كان يقول إن عبد ربه ليس نائبه إنما نائب علي محسن من باب التهكم.. علي محسن بدوره كشف أنه كان يخطط ويرتب مع عبد ربه للانضمام للثورة والانشقاق عن النظام من أول لحظة.. أما عمليا فقد كان علي محسن هو نائب صالح الفعلي وليس عبد ربه منصور بشهادة عبدالله علي عليوة.. وإذا صحت دقة ما يقال إن علي ناصر يتفاخر بأن هادي كان مجرد عسكري عنده فالتأويل أبلغ من الكلام.. ولو ثبت أن أحمد علي هو من كان يدير الدولة أثناء غياب والده الرئيس وليس النائب هادي فتلك معضلة تحتاج على تفكيك وسبر أغوار لمعرفة من كان المسئول عن إدارة شئون اليمن أثناء تواجد الرئيس صالح فيا لسعودية للعلاج من إصابات تفجير جامع الرئاسة.. وقبل أشهر كتبت في "الديار" إن "الحوثي هو الحل" مستعرضا نقاط هامة في مقترح يركز على إبعاد وجود عبدالملك الحوثي بمنصب نائب رئيس الجمهورية.. بيد أن المثير للتأمل هو الانشغال البالغ بموضوع الهام والقضية الأجدر بالاهتمام تتمثل في "الرئاسة والرئيس" باعتبار هذا الجانب هو المحتاج للمناقشة والنقد وفضح جوانب القصور والأخطاء وانعكاسات وأضرار الأداء السلبي للرئيس هادي سياسيا وإداريا على مدى عام ونصف من الاهتزاز الرئاسي!!   

زر الذهاب إلى الأعلى