فضاء حر

هل سيفشل الحزب الاشتراكي في استقطاب طاقات جماهيره وتسخيرها لخدمة متطلبات رؤيته المقدمة لمؤتمر الحوار

يمنات

(الحلقة الأولى): استعراض نقدي لحديث د: ياسين سعيد نعمان في فعالية اليوم

في الفعالية التي عقدت اليوم الأربعاء 9/5/2013م بمقر اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي بأمانه العاصمة حول اعتماد رؤية الحزب الشريعة الاسلامية مصدر جميع التشريعات .. والتي تحدث فيها كلا من الأستاذة بشرى المقطري و الدكتور ياسين سعيد نعمان وحضرها العديد من قيادات وجماهير الحزب.

وفي حديثها أشارت الاستاذة بشرى متسائلة: هل هذا التكتيك السياسي في المادة (3) من الدستور الحالي والتي تبناها الحزب في رؤيته يستحق كل هذا التنازل منه علي حساب ذاكرته التاريخية؟؟ ثم ما هي إذا هوية الحزب الفكرية في ظل تبنيه الهوية الدينية للدولة..؟؟.

وخلصت في عرض وجهة نظرها إلي أن الحزب تحالف مع القوي اليمينية على أرضية واقعية دون محاولته تفكيك البنيات الذهنية لتلك القوي لصالحه. كما قبل وللأسف بكل الأوهام وأنصاف الحلول التي روجت لها تلك القوى وهو ماض في سياق التكيف معها…الخ

الدكتور ياسين وفي سياق استعراضه لرؤية الحزب والمحددات التي انطلق منها في موقفه من الشريعة.. كان صريحا في تعاطيه للتساؤل الأول الذي ورد في حديث بشرى حيث أفاد بلغة واضحة وصريحة إلى أن تبني الحزب لهذا الموقف ليس تكتيكيا سياسيا وإنما هو موقف نضالي.. وهكذا تصريح يعد واضحا لا احتمالات فيه .. لكنه في ما يتعلق بالتساؤل الأخر (عن هوية الحزب القادمة) استخدم لغة سياسيه تهويمية ذات نزوع تنظيري سكوني يفتقد للموضوعية والمنهجية ويعتمد على إحلال المفاهيم العاطفية المحاكية للوجدان السياسي محل المفاهيم العقلانية المحاكية للموضوعية السياسية ذات المضمون الاجتماعي والتاريخي التراكمي. محاولا خلق مساحة تصالح وسطيه بين الهوية التاريخية للحزب وموقفه من تبني المادة (3) في رؤيته .. ولكن تلك المساحة تأتي داخل دائرة غير واضحة الحدود..

وهكذا خلص الدكتور ياسين في منطق حديثه التبريري إلي حرص الحزب على عدم خلق حالة تصادم بين جيلين .. وبقي السؤال الأصعب بلا تأويل أو إجابات .. قد تبدد الشك الذي يساور الكثيرين..

ولم يقف د. ياسين عند استفهامات الهوية الفكرية للحزب في معرض الحديث عن نص المادة (3) بل امتاز بتجاوز ذلك كله باتجاه مستويات جديدة تضم في سياقاتها حزمة من المبررات التي استند إليها الحزب في موقفه هذا.. تنطلق وفق تنظيراته بان فهم ما يدور وتفسير ما يجري الآن أصبح أمرا مرتبط بحتمية تغيير الأدوات المعرفية في ميدان العمل السياسي.. بما معناه أن قراءة الحزب للواقع السياسي وبالأدوات المعرفية الجديدة شكلت معطى أساسي في تحديد رؤية الحزب الحالية وتبنيه لموضوع حصرية الشريعة الاسلاميه كمصدر وحيد للتشريع، وستشكل أيضا معطي أساسي في تحديد هويته..

وقد أشار د. ياسين إلي بعض التعقيدات الواقعية المتراكمة التي حالت دون تمكين الحزب من ممارسة دور حيوي بعد حرب 94 م وانه لا يمكن تفكيك بنيان تلك التعقيدات إلا عبر هذا الموقف الذي تبناه الحزب اليوم .. ويمكن استنباط تلك المحددات من خطاب ياسين وإجمالها في السياق الأتي:

 

إن معظم الجماهير اليوم تري الحزب خيارا تقدميا وتتطلع إليه كحامل لمشروع الدولة المدنية وإحداث عملية التحول المنشودة .. لذلك فان الحزب معني بان يتناغم ويتكامل مع الهوية الاجتماعية والذهنية الثقافية والوطنية لهذه الجماهير من خلال تأطيرها في رؤاه وأدبياته السياسية ..

ولما كان الدين يملا مساحة كبيرة من العقل اليمني وكانت المكونات الدينية التاريخية لم تترك تلك المساحة بدون عبث بل ملأتها بمفاهيم مغايرة لقيم الدين الحقيقي..

 ولكي يستطيع الحزب تغيير ذلك العقل الجمعي – الفردي، فانه يجب عليه أن يدخل إلي داخل هذا العقل .. لأنه لا يمكن تغيير العقل من خارجه .. كما أن مثل هكذا إسهام يقلل من فرص المكونات الدينية في العبث بالعقل..

يحتم على الحزب ألا يترك فرصة لمن يدعي الغيرة على الشريعة أن يملى هذا المكان وحده …..الخ.

لكنه وبرغم مما توحي به هذه السياقات التبريرية وعباراتها التهذيبية المترفعة من انسجام مع العقل التنظيري وربما انطباقها إلي حد ما على الحقيقة الموضوعية .. إلا انه هنا تضيع الفواصل والحدود بين التبرير والتأكيد .. وبين التنظير والتجربة التاريخية المحسوسة للحزب التي اكتسبت بناينا فكريا إيديولوجيا تراكميا غير قابل لتفسيرات اختزالية أو أحكام تقييمية للواقع تتأتى من خارج الاستمرارية الطويلة والتواصل التاريخي لتجربه الحزب السياسية..

هذا وعلى الرغم من أن الدكتور ياسين قد تمترس بأساليبه اللامعة ومنطقه التوسطي بهدف تبديد مظاهر الإحراج والتشويش والارتباكات الفكرية التي أصابت تبريراته فانه في الأخيــــــر من وجهة نظري قد فشل في تبديد الشك الذي يعتري الكثيرين وامتصاص الصدمة التي نعيشها..

وان وصاياه الابوية رغم نقائها لم تعد ذات صدق نقدي مع رفاق تصقلهم هويتهم اليسارية مهما غادروا أيديولوجيتهم لصالح البرامج الأدائية إلا انه ليس بوسعهم مغادرة ذاكرتهم كما فعل حزبهم .. لاسيما وان معطيات الواقع اليوم ومدخلات عمليه التحول لا توفر ادني معايير للاطمئنان ..

وسنتناول تلك المعطيات والمدخلات التي أغفلها الحسب من حساباته في حلقه لاحقة

 صنعاء

الأربعاء 08/05/2013

 من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى