فضاء حر

الحركات الدينيه ومهمة تجريف المشترك الوطني

يمنات

جلال حنداد

تعد المناسبات الدينية بطبيعتها محطات ذات دلالة رمزية في تشكيل البنية الذهنية والعقائدية للهوية الدينية وهذه الهوية ومحدداتها تعد عابرة للانساق الوطنية والقومية ايضا. وهي هوية متحصلة من تراكمات قرون طويلة ماجعلها راسخة وعميقة في الوعي والوجدان الجمعي للشعوب التي تتشارك ذات الدين .

لذلك فان احيائها يجب ان يكون في اطار الانساق والسياقات التي تتبطن المفاهيم والقيم الانسانية والاخلاقية والمشترك الانساني اجمع . مايعني ان احيائها يجب ان يكون بكيفية رمزية دلالية اخلاقية متسامية عن مدخلات الصراع الماضوي والمعاصر وفي حيز المشترك الديني دون ان تتحول تلك المناسبات الى كرنفالات شعبية تعبوية صاخبة تتبطن المفاهيم المفخخة التي تعيد انتاج واجترار الصيغ التاريخية للصراعات بين الامم والشعوب ..!!

المناسبات الدينيه ليست حق مقصور على شعب من الشعوب لذا يجب ان تكون الطبيعة الاجرائية والسلوكية والتعبدية لاحيائها مشترك ديني انسجامي يعبر عن التوافق الجمعي لاتباع الدين الواحد .. وهذه الصيغة التوافقية الجمعية ليست معطى وطني او قومي كي يحتكره او يصيغ معطياته طرف دون اخر..!!

ان حركات الاسلام السياسي المهووسة بالسلطة هي من تعمل وبخبث خطير على اعادة صياغة المفاهيم الدلالية والوجدانية والاخلاقية للمناسبات الدينية وانتاجها في شكل كرنفالات شعبوية سياسية تخدم اهداف سياسية وانتهازية وصراعوية خبيثة ودنيئة لهذه الحركات الدينية المتغطرسة .. حيث ان هذه الحركات تعمل بانتهازيه ممنهجة على انتاج هذه المناسبات بطابع كرنفالي احتفالي شعبوي وتدفع بهذا الطابع نحو التمدد والاستفحال في الوعي السياسي الشعبي واحلاله محل المناسبات والاعياد الوطنية والثورية بحكم ان هذه الاخيرة هي التي تشكل الرافعة العمودية للنضالات التاريخية والثورية والسياسية فوق ارضية المشترك الوطني والتي تصيغ وتشكل الذاكرة الجمعية والهوية الواحدة لابناء الوطن الواحد ..

وبحكم ان الحركات الدينية الطامحة للسلطة تعد منبتة الصلة عن حركة التطور التاريخي للنضالات السياسية والثورية الوطنية والقومية على الاقل طيلة قرن مضى . فان انتاج مشاريعها التسلطيه يتطلب وجوبا من وجهة نظرها تصفية هذا الارث التاريخي والنضالي الذي تراكم من مجمل تاريخ الحركات السياسية الوطنية وشكل بدوره الانساق الذهنية والمعرفية والوجدانية للوعي الجمعي الوطني وصاغ الهوية السياسية والتاريخية للدولة الوطنية والمجتمع…

وبحكم ان الحركات الدينية بحكم مدخلاتها الايدلوجية عابر للانساق الوطنية وقادرة على التمدد الافقي في البيئات الدينية المجتمعية فان تصفية الارث التاريخي السياسي والوطني لا يشكل خطرا عليها بل يعد ذلك الهدم والتصفية والاحلال شرطا وجوبيا لتمددها على عكس بقية الحركات والمكونات والاحزاب والفعاليات السياسية والمجتمعية والثقافوية فهي بحكم بنيتها التكوينيه تتموضع وتنبثق من التراكم التاريخي العمودي للنضالات السياسيه والثورية الوطنية.. حيث ان هد وتجريف هذا التراكم لايمثل ضررا للفعاليات السياسية الوطنية فحسب بل يعد اعداما كاملا لكينونتها الوطنية فتفكيك وتجريف المنظومة الوطنية الوجدانية التي تصوغ الوعي والهوية الجمعيين يلغي تماما الارضية التي تسير عليها تلك المكونات وتتماهي اخيرا داخل البيئات الجهوية والمناطقية والارتدادية وتتفكك هويتها الجمعية الى هويات متشظية متصارعة .. ومن هنا تستأنف الحركات الدينية النكوصية مرحلة تمددها الاخير عبر احياء المدخلات والانساق الدينية القادرة على التمدد المجتمعي الافقي وصوغ هوية دينية سياسية جديدة ووعي جمعي منب الصلة عن التاريخ الوطني السياسي بل نتاج استباحة قسرية سفاحية من تفكيك الوطنية لصالح الدين…!!

وعليه ووفق ماسبق يعمل انصار الله بخبث لئيم على اعادة انتاج المناسبات الدينية بفعاليات شعبوية وتفخيخها بمحددات الصراع السياسي واحلالها بشكل اعتباطي محل الاعياد والمناسبات الثورية والوطنية التي تشكل بوعيها الجمعي في الذاكرة والهوية حاجزا امام مشروعها الاستحلالي الاستعبادي للتاريخ والانسان اليمني..!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى