فضاء حر

الحركات السياسية الدينية وأدوات القمع القديمة

يمنات

كان المأمول من المكونات والحركات السياسية الدينية التي وصلت إلي السلطة عقب الثورات الأخيرة، وعلي رأسها جماعة الاخوان المسلمين أن تبدأ فورا في تأسيس نموذج سياسي جديد متكامل مع علامات الزمن الفارقة ومغاير للصيغ الماضوية القمعية القدية .. نموذج يمتح من الدين الإسلامي أسسه ومنطلقاته و يضع نفسه بمقابل النماذج العصرية من حيث تقديمه فهما جديدا- للعالم والوجود أولا – وللحكم وللفرد والديمقراطية وحقوق الإنسان ومشاكله وهمومه وأولوياته من ناحية ثانية. وذلك انطلاقا من زعم تلك الحركات والمكونات بإيمانها بأن الدين الإسلامي خزان لكل شي وبأنه يحتوي علي حلول لكافة قضايا العصر مادام صالح لكل زمان ومكان كونه عالميا وثابتا محوريا في الشخصية الإنسانية والإسلامية علي وجه الخصوص  لكن تلك الجماعات للأسف بادرت منذ الوهلة الأولي إلى انتهاج سياسات تتعاطي مع التحولات الجارية بنفس الأدوات القمعية القديمة لتفرض نفسها في الواقع الجديد ليس كحركات متيقظة هدفها إعادة الاعتبار للإنسان والدين على جميع المستويات القيمية والثقافية والسياسية والمفاهيمية.

بل لتفرض نفسها بديلا ارتداديا نكوصيا ينحو بدون تغليف او مواربة باتجاه المواقف الرجعية – اجتماعيا- والسلفية – ثقافيا . واستملاك السلطه (الاستبداد) – سياسيا. بالتزامن مع تدشين خطاب ديني هو الأخر نكوصي استلابي يعمل علي تأمين تغطية أيديولوجية دينية لتلك الحركات في شرعنة ما بدأت في انتهاجه.

و أمام هذا الانحراف المبكر أصبحت شعوبنا أمام مصيبة جديدة لا تقل خطورة في حال نفاذها عن مصيبة الاستبداد التي ثارت ضده.

إننا اليوم أمام علامة فارقه في الزمن إما نواصل نضالنا في استحضار إمكانات التحرر التاريخية التي استعدناها مؤخرا بعد أن ظلت مغيبة عنا لأزمنة طويلة ونستثمر أدوات المرحلة وتطويعها لصالح تحقيق وانجاز النموذج السياسي الرشيد وحل مشكلاتنا الكبرى، وإما أن نخضع لمصير من الاستتباع والاستعباد الذي بدأت تفرضه علينا فئة بحكم تفوقها الحاصل في امتلاك أدوات أدارة الواقع؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى