تحليلات

تداعيات مجريات الأحداث في مصر على إخوان اليمن وتطلعهم للانفراد بالحكم

يمنات – خاص – أنس القباطي

يعيش إخوان اليمن حالة من الترقب الشديد لما يجري في مصر، على اعتبار أن ما يحصل في مصر ينعكس بضلاله على كثير من البلدان العربية.

حالة الترقب والقلق هذه، بدت واضحة من خلال التضارب في التصريحات بين ناشطين محسوبين على الاخوان، وصلت حد المساجلات والشتيمة بين مؤيدي ومعارضي مرسي في اليمن من جماعة الاخوان المسلمين.

ولعل ما جرى من سجال بين النوبلية كرمان المؤيدة لتظاهرات التحرير والنائب شوقي القاضي المؤيد لمرسي، نموذجا على حالة التوهان والتخبط التي أصابت اخوان اليمن والصدمة التي تعرضوا لها مما حصل في مصر في وقت كانوا يجهزون أنفسهم للانقضاض على الحكم عن طريق التغول في الجهاز الاداري للدولة والمؤسستين العسكرية والأمنية.

كما أن صمت الزنداني من تصريحات نسبت له ناصحا مرسي بترك الكرسي، ومن ثم نفيها بعد ثلاثة أيام، على اثر تصريحات أوباما، هو تأكيد على حالة الدهشة والصدمة التي يعيشها اخوان اليمن، ودليل على أنهم لا يملكون قرارهم.

اخوان اليمن يعلمون جيدا أن نجاح الشعب المصري في ازاحة مرسي والجماعة من الحكم، سيكون له انعكاساته عليهم في اليمن.

ويعلمون جيدا أن ازاحة مرسي قد تعيده إلى السجن، كون الشعب المصري لا يكتفي بالإزاحة أو الرحيل عن الكرسي كما حصل في اليمن، وهو ما سيفجر حالة الغضب والاحتقان في الشارع اليمني، تجاه حزب الاصلاح، الذي صار غالبية الشعب اليمني يتهمه بسرقة الثورة وتجيير الحكومة لتنفيذ أجندات حزبية تسعى إلى الاستفراد بالحكم.

الاصلاح كان يسعى إلى تطويق الرئيس هادي وابعاده عن حزبه، وضرب علاقاته مع الحراك والحوثيين وبالتالي مقايضته بالتمديد مقابل الحصول على مكاسب، وتحويل المحاصصة مع حزبه الذي لا يزال يشغل منصب الأمين العام فيه، إلى المحاصصة معه.

وربما كانت هناك صفقة تطبخ على نار هادئة، بدأت تتكشف خلال الفترة القليلة الماضية، تتمثل في التمديد لهادي مقابل عددا من المكاسب السياسية التي يطمح من خلالها الإصلاح ونافذيه إلى تجيير مؤسسات الدولة لفوزهم في الانتخابات النيابية، وبالتالي استفرادهم بالحكم.

هزة مصر التي هزت الاخوان في اليمن والوطن العربي، ربما أوقفت التفكير في هذا الجانب، وربما أيضا جمدت المشروع إلى وقت أخر، بانتظار ما ستفرزه أحداث مصر، بل ربما صرفت انضار اخوان اليمن إلى التفكير بما سيحصل من ردة فعل شعبية في اليمن، وكيف يمكن مواجهتها.

ولعل مسيرة "مدنية الدولة" التي خرجت تزامنا مع خروج الشعب المصري، هي ناقوس الخطر الذي جعل "إخوان اليمن" يتخوفون من المستقبل.

تزامن الاحداث الأخيرة في مصر وقطر وخروج القرضاوي إلى مصر، يعتبره  البعض مؤشرا على أن هناك ربما لعبة دولية تستهدف الاخوان الذين اندفعوا بجشع نحو السلطة عقب ثورات الربيع العربي.

البعض يرى ما حصل في قطر أولا ومصر تاليا بداية ترنح الاخوان الذين لم يراعوا الشراكة والتنسيق مع باقي فصائل ثورات الربيع العربي، واتجهوا للاستفراد بالحكم.

كما يرى هؤلاء أن تغيير النظام في قطر يهدف إلى تجفيف المنابع المالية للجماعة، وأن القرضاوي خرج من قطر مطرودا، وما يجري اليوم في مصر هو بداية الانتكاسة السياسية والشعبية للاخوان.

خروج الاخوان في مصر من السلطة سيمثل ضربة قاسمة للجماعة في مصر وخارجها، وسيحولها إلى مجرد جماعة فاشلة سياسيا لا تستطيع تلبية مطالب الشارع والتفاعل معه، خاصة وأن الجماعة فقدت تعاطف حليف قديم (النظام السعودي) على إثر الدعم القطري السخي الذي يبدو اليوم وقد قلب لهم ظهر المجن، من حيث لا يتوقعون، وهو ما سيكون كفيلا بتحويل الجماعة إلى مجرد وعاظ في دور العبادة، يعيشون على جمع التبرعات، وسيحتاجون إلى عقود أخرى لاستعادة الثقة الشعبية بهم، والتي تحتاج إلى جيل جديد من الشباب لا بد أن يغير من طريقة تعامله وأسلوبه مع الشارع، وتعاطي السياسة بأسلوب جديد بعيدا عن اقحام الدين في أمورها، وتجييره لمصلحتها.

كل هذه المعطيات سيكون لها أثرها السلبي في اليمن على الجماعة، وإن كانت لا تزال ترضع من ثديي القبيلة والعسكر، لكن المجتمع اليمني الذي يتحفز للمدنية، سيتمكن من رفع صوته في وجه الاخوان، ما سيعطي لمعارضي الاصلاح دفعة قوية والتلويح في وجه بالشارع، بعد أن كان يلوح به في وجه خصومه، باعتبارهم من بقايا النظام، الذي ثار ضده الشعب.

الإصلاح سيسحب من تحته بساط التحدث باسم الثورة والثوار، و في حال سقطت الجماعة في مصر، سيصبح مجرد حديثه باسم الثورة التي سرقها نافذيه، مجرد خنجر مسموم يغرز في خاصرته.

زر الذهاب إلى الأعلى