أخبار وتقارير

لاجئون سوريون يتسوَّلون.. في أفقر دول العالم

يمنات – رويترز
فراراً من سفك الدماء والدمار الذي خلّفته الحرب الأهلية في سوريا عبرت يسرا مصطفى و15 من عائلتها الكبيرة الحدود إلى تركيا، لكنهم وجدوا تكاليف المعيشة هناك مرتفعة للغاية، فجرَّبوا حظهم مع الأردن فلم يحصلوا على تأشيرة الدخول، ولم تفلح محاولاتهم أيضا لدخول لبنان.
لم يدر بخلدهم أن مآلهم سيكون إلى اليمن، أحد أفقر بلدان العالم، والذي يمزقه تمرد متشددين إسلاميين، وجماعة شيعية في الشمال، وتوترات انفصالية في الجنوب.
قالت يسرا، المتشحة بالسواد من رأسها إلى أخمص قدميها، وهي تجلس في أحد الشوارع الرئيسية في صنعاء، على أمل أن تبطئ احدى السيارات وتمنحها بضعة ريالات يمنية «لا يوجد مكان نذهب إليه في الوقت الحالي. نحن نتسوّل في الشوارع».
يقول برونو جيدو ممثل مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في اليمن: إن البلد يستضيف بالفعل 240 ألف لاجئ من الصومال واثيوبيا واريتريا والعراق. لكن نطاق الصراع الدائر في سوريا، الذي دمّر مسقط رأس يسرا في حلب، دفع الناس «الى الفرار في كل اتجاه» على ما يبدو. يقدّم اليمن، الذي يعيش نحو نصف سكانه البالغ عددهم 25 مليونا تحت خط الفقر أو يكادون، ملاذا أخيرا للأعداد المتزايدة من السوريين الفارين من أتون الحرب في بلادهم. وذكرت يسرا أنها وأسرتها دفعوا ثمن الرحلة لليمن، الذي لا يشترط حصول الأسر السورية عامة على تأشيرة دخول.
الحياة أرخص.. والناس طيبون
وقالت السيدة المسنّة ل «رويترز»: «الحياة هنا أرخص، والناس طيبون ويتصفون بالأمانة». لكنها أقرت بأن المتسولين من دول أخرى مثل الصومال يضايقونهم أحيانا، لأنهم يتسولون في ما يعتبرونها مناطقهم.
بدا الأسى على وحيدة، زوجة ابن يسرا وهي تروي كيف سرقت «العصابات» سيارة زوجها، التي كان يستخدمها كسيارة أجرة ليكسب قوت يومه في حي الأشرفية بحلب.
الكابوس يلاحقنا
لكن يبدو أن أسرتها تواجه كابوسا جديدا أينما حلّت. ففي صنعاء قالت وحيدة إنها تخشى على مستقبل بناتها بسبب الحكايات المتداولة عن أن بعض السوريين يدفعهم اليأس لتزويج بناتهم بمهور أقل كثيرا مما تحصل عليه العروس اليمنية عادة.
وقال جيدو ممثل مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين «عندما يكون هناك أشخاص يعيشون في الظل قد تسوء الأمور بشكل يتعذر تجنبه.. سمعنا عن تزويج بعض الشابات السوريات بمهور بخسة وعن أطفال لا يذهبون للمدارس».
وتقول المفوضية إن هناك نحو 900 لاجئ سوري مسجلون في اليمن، وصل معظمهم العام الحالي، ويستقرون في صنعاء في الأساس، وبأعداد أقل في عدن، كبرى مدن الجنوب. ويشير جيدو إلى احتمال وجود 1600 لاجئ غير مسجلين وفقا لتقديرات أولية جمعتها منظمة دولية غير حكومية.
من صنعاء إلى عدن
يعتاد اللاجئون السوريون الشرعيون أو غير الشرعيين الحياة اليومية، ويبحثون عن المأوى والطعام والتعليم لأبنائهم.
في طريق رئيسي في مدينة عدن الساحلية الجنوبية تقف زينة (12 عاما) وشقيقها سعد (13 عاما) في جو حار خانق، يتسولان لدفع إيجار الغرفة التي تقيم بها الأسرة. وعلى جدار قريب كتب شعار «سوريا حرة».
وبعد قضاء ساعات تحت حرارة الشمس، يعود الاثنان إلى فندق الأمين، الذي أصبح مأوى مؤقتا للكثير من العائلات السورية.
وحين نزعت زينة حجابها ورفعت خصلات شعرها للوراء، ظهر وجهها وقد اكتسب سمرة ظاهرة عن باقي بشرتها. وتقول بعض الأسر التي فرت من درعا، مهد الانتفاضة السورية المستمرة منذ عامين ونصف العام، انها لم تستطع أن تتحمّل تكاليف المعيشة في الأردن. ودفع فاعل خير أردني تكاليف رحلتهم إلى اليمن، وانتهى بهم المطاف في عدن. وتكسب هذه الأسر قوتها عن طريق التسوّل وصنع السبح وبيعها.
و في البهو يتجمّع الرجال لمتابعة مزيد من مشاهد القتال في سوريا عبر المحطات الإخبارية العربية وهم يدخنون السجائر. ويعتقد كثير منهم أن طريق العودة الوحيد الى بلادهم مرهون برحيل الأسد.
وهم يرون أن اتفاقا للتخلّص من أسلحته الكيماوية يجري التفاوض عليه حاليا من خلال الولايات المتحدة وروسيا قد يغير مسار الأحداث ويعزز موقفه. ويقول اللاجئ أبو مفيد «إذا ما نزعوا الأسلحة الكيماوية وبقي رئيسا لن تحل المشكلة».

زر الذهاب إلى الأعلى