أخبار وتقارير

اليقظة السعودية المتأخرة هل ستنفع؟

يمنات – الهوية يحيى المحطوري
سابقة هي الأولى من نوعها.. على مستوى الساحة اليمنية والإقليمية..
لقاء رسمي جمع بين الأستاذ صالح هبرة رئيس المجلس السياسي أنصار الله, بسفير الرياض في صنعاء.. حيث تعتبر أول مرة يلتقي فيها طرف رسمي سعودي بممثل رسمي لأنصار الله..
ولم يحدث سابقاً على الإطلاق على كل المستويات القيادية والتنظيمية للجهتين لا في السر ولا في العلن..
كل الصحفيين والسياسيين الذين تناولوا الحدث لم يضيفوا سوى علامات استفهام جديدة عجزت عن توضيح الصورة ولم تقدم التفسير الصحيح أو حتى التحليل المنطقي لأبعاد اللقاء أو أسبابه أو تأثيراته على الساحة اليمنية والإقليمية.
اللقاء من حيث المبدأ أثبت استقلالية القرار لدى أنصار الله, وعدم تبعيتهم لأي طرف إقليمي أو دولي, وأكد زيف التضليل الإعلامي لخصومهم الذين كذبوا في هذه القضية كثيراً حتة خجل منهم الكذب.. لكن الكثير من التساؤلات طرحت؟
بينما الإجابة الشافية لم تطرح الى الآن.. ولمحاولة إيجاد إجابة منطقية علينا الرجوع الى الوراء, والتأمل في بعض الأحداث ومحاولة تفسير مواقف السعودية منها.. نتذكر جيدا..
كيف ظلت كثير من الأطراف اليمنية تخوف النظام السعودي من الحوثيين طوال الأعوام الأخيرة, وتطلب المزيد من الدعم للوقوف في وجه الخطر الذي يشكله الحوثيون في خاصرة المملكة..
لكن الأخيرة لم ترصد أي عملية على حدودها أو خرق أو محاولة لتهديد أمن المملكة على طوال السنوات الماضية..
الجديد في الأمر أن الربيع العربي عندما زحف على المنطقة وأزاح الكثير من الأنظمة وأسقط رؤوس بعضها وأسهم في تغيير شكل البعض الآخر.. أقلق السعودية كثيرا فبدأت بمواجهة ثورة البحرين والتلاعب بثورة ليبيا والتآمر على ثورة اليمن, رافق ذلك تنافس شديد لبسط وتوسيع النفوذ بين قطر والسعودية خصوصاً وكل عملاء الإدارة الأمريكية في المنطقة عموما.. فقد حاولت هذه الدول السيطرة على صناعة القرار في كل بلدان الربيع العربي بصناعة الفوضى ثم تقديم الحلول..
وأسهم النفط الخليجي في رسم الصورة لبعض البلدان بينما أسهم الموقع الجغرافي لأخرى في تحديد بعض ملامح الصورة.. كتركيا مثلا..
ولتوضيح الصورة أكثر, علينا مراجعة هذا التنافس الحاد, فقد تمكنت السعودية من قمع ثورة البحرين وأزاحت قطر من الساحة اليمنية عبر المبادرة الخليجية, حين احتضنت أطراف النظام في المملكة- خصوصاً علي صالح- بينما علقت قطر دورها المعلن في اليمن.. واتجهت لتمويل “علي محسن” و”حميد الأحمر” ضد “صالح” الذي ساندته أجنحة في العائلة المالكة في السعودية.
قطر انفردت بمصر, وليبيا, واتجهت للسيطرة على القرار في سوريا, وبعد الصمود السوري, والارتباك الأمريكي الناتج عن ذلك, والرغبة السعودية في الحضور على طاولة المفاوضات بشأن سوريا قام آل سعود بسحب مجاميع المرتزقة التي كانت تواجه أنصار الله في كتاف بقيادتهم وهيكلهم التنظيمي وكانوا تقريبا حوالي عشرة الى عشرين ألف مقاتل ودفعهم الى الجبهة السورية تحت مسمى “جبهة النصرة”..
وهي خطوة قوبلت بامتعاض أمريكي تمثل في إدراج “جبهة النصرة” ضمن المنظمات الإرهابية.
السعودية لم تتمكن من السيطرة على قرار اليمن بشكل كامل بعكس قطر التي سيطرت على قرار الإخوان في مصر بشكل كامل وبدأت بتجنيدهم لصناعة الفوضى في بقية الدول عن طريقهم خلاياهم التي عملوا على بنائها طوال عقود, لكن الإمارات تيقظت مبكرا, واعتقلت تلك الخلايا وحاولت دون تمكن قطر من ذلك.
السعودية هي الأخيرة, أحست بالخطر, فكلما فشلت الحرب على سوريا في تحقيق أي نتيجة, كلما ازداد الموقف الأمريكي ارتباكا, فبدأت السعودية بالتحرك بمفردها فدعمت الإطاحة بإخوان مصر وحاولت إحكام سيطرتها الكاملة على قرار اليمن.. مخالفة الرغبة الأمريكي.. التي تحاول جاهدة استعادة هيبتها ولو بالدخول في حرب مباشرة مع سوريا والدول المؤيدة لها.. لتحقيق أي نجاح.. يخضع حلفائها قبل أعدائها..
السعودية هي الأخرى, خافت كثيرا من ردة الفعل الأمريكية والقطرية.. التي لم يبق لها أي ورقة سوى مجاميع علي محسن وحزب الإصلاح التي أعدتها ومولتها قطر خلال عاميين بعد الثورة الشعبية, واستخدمتهم للضغط على خطوات المبادرة الخليجية أو للتأثير على أطرافها.. موقف السعودية من علي محسن, وعدم استقباله والاستجابة لطلباته خلال الأيام الماضية, يؤكد تورطه في محاولة صناعة الفوضى داخل المملكة لصالح دولة قطر.
وكذلك موقف السعودية من حميد الأحمر الذي جعله يتراجع عن تهديداته الحمقاء بعد جريمة حوث, ويحاول استعطاف قطر باستدعاء علي صالح في بيانه الأخير..
ولأن السعودية صنعت الفوضى في العراق ومصر وسوريا ولبنان وفي كل مكان بالمال القذر وبتجنيد العصابات التكفيرية التي لا يحكمها مبدأ ولا يوجد لديها ضمير..
هي الآن تخاف من أن تسقى من نفس الكأس الذي جرعته بقية الشعوب وصنعت به لهم الموت في كل لحظة..
ولأن اليمن المنطقة الأكثر تصديرا للمرتزقة.. فقد بادرت المملكة الى طرد المغتربين والعمال اليمنيين.. والتعامل معهم بطريقة وحشية.. وأوقفت الدعم عن مليشيات علي محسن وحميد الأحمر.. وبدأت التعامل بحذر مع كل الأطراف..
الأمر الذي دعاها الى إعادة صياغة علاقاتها مع كل الأطراف بما يدفع عنها شبح عصابات المرتزقة.. فقامت بزيارة المكتب السياسي لأنصار الله, من أجل التنسيق المباشر.. مع الطرف الأكثر قدرة على تهديد النظام السعودي.. وقد جربته السعودية.. في الحرب السادسة.. أما الأطراف التي توالي وتتبع من يدفع اكثر. فلم تعد السعودية معتمدة على ولاءاتهم وتقاريرهم الكاذبة, والذين بدأوا بالضغط على السعودية من خلال محاكمة خمسة سعوديين متهمين بالانتماء الى ما يسمي بالقاعدة..
وربما يبدوان في تنفيذ مخططاتهم ويستهدفون مصالح سعودية في اليمن سعياً لتحميل أطراف أخرى مسئولية جرائمهم..
ولكن هل سينفع آل سعود استيقاظهم المتأخر.. في دفع خطر مجاميع المرتزقة وعشاق المال وطلاب الدنيا عن نظامهم المتهالك الذي وصل الى مرحلة الشيخوخة وهو مرشح للسقوط في أي لحظة قد تهب فيها نسمة ربيع عربي من دول الجوار..
أو رياح مؤامرة أمريكية تبحث عن نظام بديل أكثر ولاء وطاعة ومطابقة للمواصفات الأمريكية التي تفرضها المرحلة..
هذا ما ستقرره نتائج الأحداث القادمة ابتداء بسوريا وانتهاء باليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى