فضاء حر

البعرة تدل على البعير واثر القدم يدل على المسير

يمنات
أستطاع الأعرابي بفراسته النابعة عن حاجته البحثية ان يستنتج طرق معرفية برغم عدم توافر وسائل وتجهيزات ومعلومات البحث المتوفرة حاليا لاستنتاج واستقرأ الوقائع الظاهرة وتحويلها الى معطيات، فالذي جعله يتعرف على موطن ومقام البعير هي نوع البعرة ومكوناتها، وتعرفه على اثر أقدام العابرين جعله يحدد اتجاه السير والمسير .
ومن هذه المعطيات استنتج واستقرا ان وجود ارض ذات فجاج وسماء ذات أبراج يدل على وجود خالق صانع متفرد، هو الذي خلق هذا الكون، وبالتالي لم يحتاج الى وسائل اخرى للإقناع، كالخوارق والمعجزات الاستثنائية، التي يحتاجها من لا يستطيع الوصول الى قبول الفكرة او الامر الا بها..
في واقعنا الحالي، وما حدث من حراك جماهيري للمطالبة بتحقيق أسس ومبادئ وأهداف التطور والتحديث والتغيير الأمثل الذي تقتضيه حاجة الانسانية والمجتمعات، بدء بالمطالبة بتغيير السلطة السياسية المسئولة عن هذا الجمود وعدم الحركة، وحصل ما نعرفه الجميع، تغير أشخاص وجاء غيرهم وبقي أشخاص من السابقين، لكن الواقع يؤكد ان الأثر واتجاه المسيرة توكد انها لا يمكن ان تكون متجهه نحو الاهداف والغايات التي سعى ويسعى لها المجتمع عموما، بل ان الاتجاه والأثر يوكد انه يسير باتجاه سير اسوأ ونتائج من السابق وبعقلية الأعرابي فمعطيات وشواهد وامارات عديدة لا حصر لها توكد ذلك المسير والحال والواقع..
ومما لفت انتباهي مؤخراً وأعجبت بمدى ومقدار الاستخفاف السلطوي بالشعب وبواجبات ومسئوليات السلطة من خلال المجاهرة بالمخالفات والإفساد بدون خجل وقلة حيا، فالنظام السابق او الاشخاص السابقين كانوا عندما يخالفون هذه الأسس يبحثوا عن وسائل وطرق يحققوا مصالحهم بأسلوب التفافي متقن وغير ظاهر مع المحافظة على المبدأ شكليا دون مقاصده، اما الان فقد تجاوزت السلطة هذا السوء، الى ممارسة المخالفة بشكل ظاهري وبدون حياء او حشمة او حتى المحافظة على الشكل، فامتدت تصرفاتها غير الصحيحة والمخالفة للأسس والمبادئ والواجبات والمجاهرة بها دون حيا او خجل، استهتارا بالشعب وتجاهلا للأصول وهناك أمثله، لا حصر لها في المواقف والقرارات التي اتخذتها السلطة السياسية منذ عام ونصف..
لا يمكن حصرها وترتيب أهميتها لكثرتها، و الطريف في هذه القرارات منها ما يتعلق بتشكيل هيئة الفساد التي صدر فيها حكم لأبطالها لعدم الالتزام بالإجراءات والشروط المتعلقة بالقرار، فتعقبه قرار اكثر مخالفة وتناقض مع معايير وشروط التعيين ومن القرارات الطريفة التي تجاوزت كل توقعات الاستهتار بالشعب وتجاوزت اعتبارها دليل وإمارة الأعرابي الى انها تعتبر معجزه خارقة لإثبات مدى السقوط والتقهقر والمخالفات للأصول والمبادئ ومسئوليات السلطة والاستهتار بالشعب ومقدراته وسلطته..
ما يؤكد هذا هي المعجزة المتمثلة بالقرار الوزاري الصادر عن رئيس مجلس الوزراء برقم (485) لسنة 2013م وتاريخ 2013/9/15 ،، والذي نص على تعيين ثمانية مدراء عموم بمكتب مستشار رئيس الجمهورية للدفاع والأمن والاعجب من مقدار الكم الهائل لمدراء العموم لمكتب مستشار من جملة اكثر من عشره مستشارين يفترض انه جزء من مكتب رئيس الجمهورية، الى جانب المجلس الاستشاري..
الاعجب من ذلك هو التوصيف الوظيفي لمدراء العموم أولئك وهو التوصيف التالي :–1/ مدير عام مكتب المستشار 2/ مدير عام المتابعة بمكتب المستشار 3/ مدير عام الترجمة بمكتب المستشار 4/ مدير عام الأرشيف والتوثيق 5/ مدير عام السكرتارية 6/ مدير عام الحسابات 7/ مدير عام للمشتريات والمخازن والصندوق ( اول مره آرا هذا الجمع المتناقض ) 8/ مدير عام للموارد البشرية..
واللافت ان جميع اسماء المعينين هم ضباط في قوات الفرقة المنحلة وغيرها من الوظائف، هذا الكم من الوظائف والإدارات العامة العليا التي بطبيعة الحال يندرج تحت اطارها العديد من الوظائف والادارات والاقسام، والتي لا وجود لها في اللائحة الداخلية لمكتب رئيس الجمهورية ولا في الهياكل الادارية في قانون الخدمة المدنية، بل انها تماثل او تزيد على مقدار الإدارات العامة في مكتب رئيس الجمهورية وكأنها تشكيل آخر لمكتب رئيس الجمهورية وليس احد مستشاريه..
طيب لو تمت مماثلة بقية المستشارين كهذا كم ستتحمل الدولة نفقات وتجهيزات واثناء قراءة هذا القرار العجيب فقد عرفت انه من شر البلية لأنني ضحكت فور قراءته، واكثر ما أضحكني في شر البلية هو التوصيف الوظيفي لمدير عام الموارد البشرية لمكتب المستشار.. وهذا يؤكد ان هناك قوى بشرية هائلة تتبع هذا المكتب استقلالا وليست ذات القوى البشرية لمكتب رئيس الجمهورية.
التشكيل هذا يدل وفقا لمبدأ الأعرابي انه ليس تشكيل مكتب مستشار رئيس الجمهورية في اطار مكتب رئيس الجمهورية ، وانما هو تشكيل وتوصيف وظيفي لمكتب رئيس الجمهورية الفعلي ( المشفر ) فهل نستطيع ان نستنتج ما استنتجه الاعرابي ان البعرة تدل على البعير .

زر الذهاب إلى الأعلى