فضاء حر

ثورة بتراء

يمنات
الفئات المختلفة التي حسمت قناعتها بضرورة التغيير والنزول في 2011 م للتعبير عن هذه الإرادة بوسائل سلمية بهدف تحقيق أهداف وتطلعات راقية وسامية لتحقيق التغيير الأمثل وفقا لأحدث المبادئ والاسس التي توصلت آليها مسيرة التطور البشرية في تنمية المجتمعات في شتى المجالات وما إن بدأت تظهر عوامل النصر لتحقيق التغيير، حتى شعرت بعض القوى التقليدية بقدرة هذه القوى غير المنظمة على أحداث تغيير يحقق ما تسعى اليه تلك القوى وان لم تحمل ذات أهداف التغيير الأسمى والامثل.
فكانت هناك إرادة تغيير موحدة ولكن الأهداف ووسائل التحقيق لم تكن موحدة فكرا وسلوكا وان عبرت بعض تلك القوى التقليدية عن موافقتها على الأهداف التي صرحت بها قوى التغيير الشبابية ليس عن قناعة بها وإنما تكتيكا لمواكبة الركب الذي اكتشف وسيلة التغيير (براءة الاختراع) فما كان من قوى التغيير الحقيقية (نظرا لسمو مطالبها وتجردها عن المصالح) إلا أن قدمت تلك القوى التقليدية المنهزمة خلال المراحل الماضية والتي كانت جزء من الجمود والنظام السابق. فمنحتها قيادة مسيرة التغيير في لحظة تجرد وحسن نية ساذجة.
وعلى خلاف تقديرات اغلب شباب الثورة، نكثت القوى التقليدية التي استلمت قيادة التغيير بتعهداتها في الالتزام بأهداف الثورة واستغلت حسن النية الساذجة والتجرد المطلق لأغلب شباب الثورة وشرعت في مفاوضات واجراءات مسيرة التغيير ليس لتحقيق اهداف الثورة للتغيير الامثل بل لصياغة اسس و طرق لإدارة مصالح ذاتية غير مشروعة بل وتتعارض مع أهداف الثورة الحقيقية، فلم تقدم أي رؤية أو حلول متقدمة بل ظلت تمارس ذات النظام السابق وسائله وطرقه وآلياته، فلم يتغير شيء إلا التقاسم وازدياد حجم الفساد والمفسدين، ولم يقتصر الحد عند ذلك بل نتج عن هذه الممارسات مزيدا من التراجع العكسي السلبي في جميع المجالات و تدهورت خلالها مؤسسات الدولة أكثر فأكثر وازداد النفوذ القبلي والعسكري والديني على حساب سيادة البلد وأمنها واستقرارها، وأصبح القرار السياسي والسيادي أكثر تبعية وارتهان لقوى اجنبية فأصبحت اليمن مكان صراع إقليمي في المنطقة.
والخلاصة أنه لا يمكن تحقيق تغيير امثل وأهداف اسمى بعوامل هرمة وتقليدية غير قادرة على التخلص من عوامل عجزها التي اكتسبتها من فكر وسلوكيات المراحل المنصرمة.
إن تطلعات وأهداف ثورة شباب التغيير الأسمى كانت متقدمة جداً على واقع فكر وسلوك وقدرات القوى التقليدية التي تصدرت المشهد على حساب أصحاب الحق.

زر الذهاب إلى الأعلى