أخبار وتقارير

القاضي عبدالوهاب قطران: القضاء بعد الثورة اتجه إلى “الأخونة” و “السلفنة”!

يمنات – الوحدة
قال القاضي عبدالوهاب قطران رئيس لجنة القضاء والعدل إحدى هيئات جبهة إنقاذ الثورة السلمية، إنما حدث في مجمع وزارة الدفاع يعد جريمة إرهابية وحشية مرتكبوها تجردوا من كافة القيم الإنسانية، مؤكداً أن المتورطين في الجريمة ومن يقف وراءهم يجب كشفهم للرأي العام وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل.. وتطرق في هذا الحوار الذي أجرته معه «الوحدة» للعديد من القضايا لعل ابرزها: القضاء بعد الثورة كيف اتجه إلى الأخونة والسلفنة. وكيف إعادت الثورة إنتاج مراكز القوى العسكرية والقبلية والدينية في السلطة، ثم الخطاب الديني المتزمت والتكفيري كيف غدا فقاسة للإرهاب.. فإلى نص الحوار:
حاوره: نجيب علي العصار
[email protected]
ما قراءتك للتطورات الراهنة التي تشهدها اليمن في إطار تداعيات الهجوم الإرهابي الجبان على مجمع الدفاع؟
ما حدث جريمة إرهابية وحشية تدل على أن من قاموا بها أو كانوا خلفها قد تجردوا من كافة القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية، وهذه الجريمة وإن كانت وراءها القاعدة، فأنا لا استبعد وقوف بعض الأطراف في المعادلة السياسية ومراكز الصراع والقوى في العاصمة صنعاء أن تكون وراء هذا الاعتداء الإرهابي، وإن كانت القاعدة كما اسلفت قد تبنت الهجوم، وأجزم أن تداعيات هذا الاعتداء الإجرامي البشع الذي راح ضحيته شهداء وجرحى بينهم أطباء مستشفى الدفاع، ستكون تداعياته خطيرة على الداخل وعلى الأقاليم، باعتبار أن هذا الهجوم استهدف أهم مركز سيادي للدولة وزارة الدفاع، وفي ذات الوقت تضارب المعلومات حول تواجد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي أثناء الهجوم، وكان الهدف جر البلاد إلى مرحلة العنف والصراع.
و من وجهة نظري، أنه لا بد من اقالة وزير الداخلية ورؤساء الأجهزة الأمنية منها – القومي والسياسي -لأن المسؤولية لا بد أن تقرن بالسؤال، وإذا لم يقالوا فسوف تستمر هذه الأعمال الإجرامية إلى ما لا نهاية، وبات من الضرورة فتح تحقيق مهني وموضوعي ومتخصص للجريمة، ومن يقف وراءها، وكيف تمكن هؤلاء من المرور من العديد من النقاط الأمنية، والوصول إلى مركز سيادي من مراكز الدولة، أليس الأمر يدعو للتساؤل: أين أجهزة المخابرات – القومي والسياسي – وأين وزارة الداخلية بمؤسساتها المختلفة؟
ما تحليلك لنتائج التقرير الأولي للجنة التحقيق في الهجوم على مجمع وزارة الدفاع؟
التقرير الأولي للجنة المكلفة بالتحقيق في الهجوم على مجمع وزارة الدفاع ثمة ملاحظات عليه بالرغم من أنه أعلن منذ الوهلة الأولى أن جنسيات مرتكبي الجريمة هم سعوديون، وهذه هي أهم مسؤولية من الناحية القانونية، الكشف عن هوية منفذي هذا الاعتداء الإرهابي الجبان، لكن لا أدري كيف توصل التقرير خلال 24 ساعة، إلى أن المنفذين هم من جنسيات سعودية، هل كانت جوازاتهم أو هوياتهم في جيوبهم أم كان مكتوباً على جباههم أنهم سعوديون، كيف تم التوصل إلى هذه النتيجة، هل أجري تشريح لمعرفة الحمض النووي DNA ، ثانياً أشار التقرير إلى أن عدد منفذي الهجوم 12 شخصاً، ثلاثة منهم قتلوا في البداية من قبل الحراسة، وثلاثة آخرون قتلوا عندما انفجرت السيارة، أي أن المتبقي ممن نفذ العملية ستة أشخاص، فهل يعقل وفقاً للمنطق أن يقوم أولئك بمثل هذه الجريمة النكراء، تصفية كل أطباء وموظفي المستشفى، ومن ثم يقاومون إلى فجر اليوم التالي وارتكاب هذه الجرائم، هناك عدم دقة وعدم وضوح في المعلومات التي جاء بها التقرير، ناهيك عن أن التقرير لم يكشف عن الجهة التي تقف وراء الجريمة، ولا ما هي دوافع هذا الهجوم، ولم يخبرنا التقرير كيف توصل إلى معلومات أن الإرهابيين استخدموا «500» كيلو جرام من مادة «تي إن تي» للتفجير، ما الأسس العلمية المتبعة لتحديد حجم هذه العبوة الناسفة.
حدثني عن رؤيتك القانونية كقاض؟
هناك تسرع وعدم موضوعية وهناك إرادة لإخفاء حقائق أو التستر على أشخاص وقادة عسكريين متورطين في العملية، أيعقل أن يستهدف أهم مركز سيادي في البلاد بهذه السهولة، ماذا عن كاميرات المراقبة التي كما يقال أنها تصور الأحداث على بعد مسافات، أيضاً أيعقل أن يوضع ثلاثة جنود كحراسة في أهم مركز سيادي بهذه الأهمية هو مجمع وزارة الدفاع، وكذلك المنفذين يرتدون الزي العسكري، أظن أن المستهدف كان رئيس الجمهورية حسب المرجح والاستدلال المنطقي والقانوني، أن الرئيس كان يزور حفيده الذي كان مرقداً في المستشفى، فكان يراد من الهجوم قتله وتصفيته، بمعنى آخر أن المؤشرات والدلائل تشير إلى تنفيذ انقلاب على الرئيس هادي، هناك تقصير ولا مبالاة وعدم أخذ احتياطات أمنية كافية خاصة في هذا الوضع الذي من المفترض أن يحتاج إلى يقظة أمنية، وأرى أنه من الواجب محاسبة وزير الداخلية باعتبار ما يحدث من تداعيات أمنية تعد في نطاق مسؤوليته وليس من مسؤولية وزير الدفاع، أكرر القول لابد من محاسبة الأجهزة الأمنية برمتها عن هذا الإهمال والتسيب الذي أدى إلى ازهاق أرواح الأبرياء.
في تقديرك وتصورك، هل هذه الأعمال الإرهابية هدفت إلى إرباك وعرقلة المرحلة الانتقالية وافشال مؤتمر الحوار الوطني؟
في اعتقادي أنها لا تستهدف عرقلة سير العملية السياسية الجارية، وافشال مؤتمر الحوار الوطني، لأنني أرى أنه ولد ميتاً، هو فاشل منذ البداية.
لماذا؟.. اليس الحوار الوطني الذي وصل إلى مرحلته الأخيرة يهدف لبناء يمن المستقبل؟
الحوار كما قلت لك فاشل من الأساس، لأن المتحاورين حينما طرحوا النقاط العشرين لتهيئة الأجواء للحوار وحل القضية الجنوبية لتطيب النفوس، وقضية صعدة، معنى ذلك أنك هيأت الأجواء لحوار ناجح وقربت الناس للحلول، أما وأنت طرحت تلك النقاط ثم رحلت ورحلت المشكلة، وتركت أهم مسألتين وهما: شكل الدولة والقضية الجنوبية، وكما أشرت لك فمن وجهة نظري أن لا صلة لهذا الاعتداء الإرهابي بافشال مؤتمر الحوار، وبات من الطبيعي جداً أن القاعدة في اليمن تتمتع بوجود فعلي لا يستطيع أحد تجاهله، بل أصبحت اليمن الآن هي أرض جهاد وفقاً لإعلام القاعدة والجماعات الجهادية، ناهيك عما يدور على الأرض في دماج من حرب طائفية، أضف إلى ذلك الخطاب غير المسؤول لوسائل إعلام حزب معين، الخطاب التحريضي الذي يدعو إلى العنف والجهاد، بمعنى أن تنظيم القاعدة يتهم وزير الدفاع والجيش اليمني بأنه متخاذل، ولم ينصر أهالي دماج، وفي اعتقادي أن العملية أتت انتقاماً من الجيش ومن وزير دفاعه ومن الرئيس هادي الذي لم يتدخل مباشرة ويورط الجيش في دماج.
عموماً كان الأحرى بالأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، أن ترفع وتيرة الجاهزية واليقظة الأمنية إلى 95%، وثمة أحداث وتفجيرات وقعت خلال الآونة الأخيرة كاقتحام المعسكرات والمنطقة العسكرية الرابعة في المكلا، والاعتداء على الجنود في شبوة، كان يفترض على تلك الأجهزة الأمنية التيقظ والحذر باعتبار أن القاعدة اعتبرت اليمن أرض جهاد.
لمن ينتمي الإرهاب في اليمن من وجهة نظرك؟
لاشك أن القاعدة تستخدم وتوظف لأهواء سياسية يقف خلفها من لهم مصلحة في الوصول بالبلاد إلى هذا الوضع وهذا الانفلات الأمني الممنهج والمدروس غايته أن تصل البلاد إلى مرحلة من الانهيار، ليأتي فصيل سياسي وحزب معين لديه قادة عسكريون وأجهزة ومليشيات، وقد سيطر وجند أكثر من 173 ألف جندي في الجيش والأمن ليستولي على البلاد والسلطة برمتها، بمعنى آخر يأتي وكأنه المنقذ كما عمل السيسي في مصر، لكن بطريقة مقلوبة في اليمن، لذلك نلاحظ أن هذا التنظيم يستهدف جر البلاد إلى الفوضى الخلاقة.
من هو هذا التنظيم؟.. ولمصلحة من؟
بصراحة هذا التنظيم هو التجمع اليمني للإصلاح، هو صاحب المصلحة وجند 173 ألفاً في الجيش والأمن.
ما الدلائل؟
المعطيات على أرض الواقع تؤكد ذلك، دعني أتساءل وكتنظيم سياسي ما مصلحتك من تجنيد 173 ألفاً عقب العام 2011م، ناهيك عن أن معظم القرارات التي صدرت لقادة عسكريين بعد الهيكلة في مصلحة هذا الحزب، وأسوق لك مثالاً: عمليات القوات الخاصة فالحرس الجمهوري السابق، أضف إلى ذلك الهيكلة التي جاءت لتدمير هذه القوات – الحرس الجمهوري – والذي كان يعد نواة لجيش وطني قوي وكان الأحرى بالرئيس هادي استبعاد أحمد علي عبدالله صالح من الحرس وتعيين قائد وطني آخر، ويجعل هذه القوات المدربة كقوة ضاربة للبلاد، لكن ما حدث تم أنه تدمير هذه القوات وتوزيعها على مختلف الوحدات، وهذا أدى إلى اضعاف الجيش وتحويله إلى مليشيات، وكما ترى الآن تم استهداف ضباط معينين في الجيش ولا أظن أن الفاعل هي القاعدة، ولكنه تنظيم سري لم يتم الكشف عنه، لماذا؟ أجيبك: ببساطة لأن الاستخبارات والأجهزة الأمنية أصبحت جميعها بيد هذا الحزب، هل يعقل أن تمر أكثر من مائتي جريمة اغتيال دون فتح ملف تحقيق جدي، ولم تعلن نتائج التحقيقات للرأي العام، ولم يحاكم أحد، وأنت الذي تمسك بمفاصل وأجهزة الدولة اليوم، أيضاً حينما أشير بأصابع الاتهام إلى الإصلاح فأنا أستدل إلى معطيات تجري على أرض الواقع، فهؤلاء كما اسلفت يحكمون البلاد ولا يريدون سوى أن يكون رئيس الدولة ورئيس الحكومة واجهة، فمثلاً في آخر مقابلة تلفزيونية مع قناة «معين» وصل التبجح بالشيخ حميد الأحمر للقول حينما سئل عن ما يقوم به الرئيس هادي، أجاب: «ونعم به لولا أنه هنأ الرئيس المصري عدلي منصور» وما كان ينبغي أن يقول ذلك على رئيس الجمهورية اليمنية، هل كان ينبغي أن يستأذن الرئيس من هذا الحزب لتهنئة الرئيس المصري وهكذا وصل بهم الحال.
هل نحن أمام مرحلة تحول فيما يتعلق بالحرب على القاعدة؟
الإرهاب نبتته شيطانية ووجد اليمن بيئة خصبة والآن تحول اليمن إلى قاعدة القاعدة، ومن ثم إلى قاعدة الإخوان المسلمين، وبالذات عقب سقوطهم في مصر، وكما أشرت إلى أن الإرهاب وجد اليمن بيئة متواطئة ومرتعاً له من حيث تواجد المدارس والجامعات ذات الخطاب الديني المتزمت، التي جعلت مخرجاتها فقاسة للإرهاب، من خلال تغذيتها للفكر المتطرف الذي يجعل من البلاد أيضاً بيئة خصبة لهذا الإرهاب وبما يخدم المصالح الأميركية ذاتها، فلو كانت الولايات المتحدة الأميركية جادة في محاربة الإرهاب لكانت جففت منابعه.
لكن ثمة تعاوناً لوجستياً أميركياً لدعم اليمن في مكافحة الإرهاب؟
هي بالفعل تدعم اليمن بطائرات بدون طيار لقتل الأبرياء، ولو كانت جادة في تجفيف منابع الإرهاب لأغلقت جامعة الإيمان بالمقام الأول، أقولها بصراحة لأن هذه الجامعة منبع من منابع الإرهاب.
لكنها جامعة وطنية وصدر قرار جمهوري بإنشائها؟
الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يستخدم القاعدة كورقة لابتزاز الغرب وابتزاز الداخل للبقاء في السلطة، ويبدو أن ورثته الحاليين يستخدمون نفس الورقة.
أكرر القول القاعدة موجودة والفكر المتطرف أيضاً، ولا نستطيع أن ننكر كيمنيين هذه القضية، ومن المؤكد أن الرئيس هادي كان جاداً في محاربة الإرهاب منذ الوهلة الأولى لتوليه السلطة، ودلل على ذلك اتجاهه إلى أبين لمحاربة القاعدة، وبالفعل حسم الموضوع وحرر أبين من تلك الجماعات المتطرفة، ولكن الأخرى لم تقف معه، بل رأينا كيف تحولت «القاعدة» إلى اتهامات ومناكفات بين الأطراف المتصارعة في ما بينها.
و بلا شك أن اليمن أصبحت بيئة خصبة للإرهاب والقاعدة استغلت هذا المناخ، بل أصبح التطرف سائداً نتيجة للمناهج غير العصرية، المناهج الظلامية التي تغرس في عقول الناشئة، وفي الأخير الضحية هم الأبرياء، وبات الوضع الراهن يحتم أن تتجه الدولة من الرئيس إلى الحكومة والجيش للقضاء بجدية على الإرهاب، وأولى المعالجات إغلاق المدارس والجامعات ذات الفكر المتطرف.
حكم الرأفة بالإرهاب حد وصف البعض والذي صدر عن القضاء بشأن التفجير الإرهابي بميدان السبعين.. ما تعليقك؟
من المؤكد والخطير أن القضاء اليمني بعد الثورة اتجه إلى الأخونة والسلفنة، فلأول مرة نرى أن المعهد العالي للقضاء، يقبل طالبتين فقط من قوام 67 طالبة، والعجب العجاب أن ترى شيخاً تكفيرياً في جامعة الإيمان يتم تعيينه لتدريس طلبة معهد القضاء مدونة السلوك القضائي وتخيل المخرجات، وكان من باب أولى أن يتولى تدريس هذه المادة قاض يغرس في نفوسهم الاستقلالية والعزة والاعتزاز بمؤسسة القضاء، لكن مع ذلك تولى المهمة شيخ تكفيري صدرت له كتيبات كفر فيها قيادات في الحزب الاشتراكي اليمني، ثمة عناصر معينة في هذه المرحلة يتم تعيينها في القضاء، من ضمنها المحكمة الجزائية المتخصصة، التي كان يستخدمها الرئيس السابق لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين، الإصلاح وعبر خطابه السياسي، ورئيس دائرته القانونية الأستاذ علاو كان يطالب بإلغاء هذه المحكمة باعتبارها محاكم استثنائية غير طبيعية، وهذا الأمر موثق في معظم وسائل الإعلام ومنها صحيفة «الأولى» لكن بمجرد أن آلت إليهم وزارة العدل عينوا مرشد العرشاني، الذي مالبث أن أجرى حركة قضائية عين فيها أحد عناصره رئيساً للمحكمة الجزائية المتخصصة وهو ينتمي إلى هذه الجماعة «الإصلاح» لذلك كان من النتيجة أن تصدر مثل هذه الأحكام المخجلة، الحبس لمدة سنتين، وكأن ما حدث ليس جريمة إرهابية، إنما حادث مروري، الجريمة مروعة أذهلت العالم فيها قتل مائة جندي شهيد من قوات الأمن المركزي، وكان يجب على القاضي المترافع في هذه القضية إن توافرت الأدلة الكاملة أن يقضي بالعقوبة المقررة شرعاً وقانوناً وهي الإعدام أو البراءة، لكن أن يصدر حكماً بالسجن لمدة سنتين فهذا مخجل وغير مقبول من أحد، وبالتالي الأولى أن يتم إلغاء القضاء الاستثنائي واستبعاد القضاة المؤدلجين حتى لا يحدث ما حدث من أحكام في قضايا إرهاب بهذا الشكل المؤسف، لأن هذا القاضي وهذا الجناح متصالح مع القاعدة ومع التكفيريين والإرهابيين.
باعتبارك رئيساً للجنة القضاء والعدل.. ما تقييمك لأداء السلطة القضائية.. وماذا عن استقلاليته؟
من وجهة نظري كقاض السلطة القضائية الحالية غير مستقلة تتحكم في شؤونها السلطة التنفيذية سواءً رئيس الدولة ونوعاً ما وزير العدل، ورئيس الدولة هو الذي يعين رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، وكذا رئيس وأعضاء المحكمة العليا، ورئيس الدولة أيضاً هو الذي يتحكم في الترقية والتعيين والنقل، بمعنى آخر أن موازنة القضاء طفيفة ولا تزيد عن 1%، ودائماً ما يذهب رئيس مجلس القضاء الأعضاء إلى السلطات التنفيذية للتوسل لزيادة هذه الميزانية، ناهيك عن أن مقار المحاكم كلها شقق إيجارية، القضاء وضعه مزر والقضاة يتعرضون للاعتداء كل يوم ولا يوجد من يناصرهم، ففي الآونة الأخيرة سجلت 57 واقعة اعتداء من «يناير – أبريل» 2013م، وأغلب الحلول لهذه القضايا تنتهي بالتحكيم القبلي، يأتي بثور إلى المحكمة ومن ثم تنتهي القضية، وهذا هو حال القضاء.
أين مجلس القضاء مما يحدث؟
مجلس القضاء ضعيف، وهو عبارة عن مجرد موظفين ولاؤهم لمن عينهم.
لكن يا قاضي رئيسه قاض جاد ويحظى بسمعة طيبة؟
بلا شك هو يتمتع حقيقة بسمعة طيبة، لكنه بلغ أحد الأجلين، أصبح كبيراً في السن، ومجلس القضاء الأعلى جرى تقاسمه كما حدث في بقية أجهزة الدولة، أصبح المجلس محاصصة ما بين الإصلاح والمؤتمر والرئيس هادي وعلي محسن الأحمر، وحالياً تم رفع أسماء إلى الرئيس هادي بعد تعديل القانون الجديد لتعيين قضاة بطريقة المحاصصة، ناهيك عن أن حزب الإصلاح بعد أن نزعت صلاحيات وزير العدل بحكم دستوري صدر في مايو المنصرم لديه نهم ويخشى القضاء، ويخشى أن تتكرر التجربة المصرية في اليمن لذا قرر الاستيلاء كلياً على مجلس القضاء الأعلى، وسيعطى الرئيس هادي حصة طفيفة من خلالها سيتم الاستيلاء على المجلس من قبل حزب الإصلاح، بعد إعادة تعيين رئيس المجلس الذي هو من حصة الرئيس هادي، لذا اقرأ على استقلالية القضاء اليمني السلام.
السؤال الدائر الآن بشكل المستقبل.. هل يتمكن اليمنيون من إنهاء حالة دول القبائل وميراث قبيلة الدولة؟
لا أظن ذلك..
لماذا أنت متشائم؟
لأن مراكز القوى العسكرية والقبلية والدينية هي المتحكمة في المسار السياسي والاقتصادي ومستقبل البلاد.
كان يفترض أن الثورة قد قضت على مراكز القوى تلك، وكان الهدف من الثورة بناء الدولة المدنية دولة القانون إلا أنه جرى في الواقع إعادة انتاج لهذه المراكز من قبل حزب الإصلاح، ففي الوقت الذي لم يعد هناك أي نفوذ لعلي محسن الأحمر، أعاد حزب الإصلاح انتاجهم عن طريق السلطة، بعد أن كانت ثورة فبراير استهدفت هذه المراكز التي أعاقت بناء الدولة المدنية وأعاقت مسيرة التطور ودولة القانون 33 عاماً..

زر الذهاب إلى الأعلى