فضاء حر

مبادرة مختصرة لإخراج اليمن من مأزق الشرعية وانتهاء ولاية السلطة

يمنات
تمر اليمن بمرحلة تاريخية حساسة وخطيرة، وتسير الى الهاوية بوتيرة متسارعة وتواجه تحدي غير مسبوق يهدد وجودها ووحدتها وسلامة اراضيها، فهي اما ان تستجيب للتحدي التاريخي وتكون، او لا تستجيب وتنهار وتتمزق شذر مذر.
و لا يخفى على الجميع ان نظام المبادرة الذي يحكم اليوم بشرعية الامر الواقع، قد وضع نفسه ووضعنا في مأزق وادخل البلاد في فراغ دستوري غير مسبوق، بعد ان حاول التسويق لحوار وطني شامل كخيار الفرصة الاخيرة، التف على ذلك الحوار في لحظاته الاخيرة، وقرر المغامرة بمصير اليمن ومستقبلها، بإصراره على اقرار تغيير شكل الدولة بما يؤدي الى تقسيم اليمن وتمزيقها واقلمتها، وخطط رأس النظام للتمديد منذ لحظاته الاولى فشكل لجنة انتخابات ضعيفة واقر مصفوفة من القوانين المكملة للدستور في اثناء انشغال الجميع بالحوار وتقاسم مع حزب الاصلاح وظائف الدولة وتمت هيكلة الجيش والامن والقضاء استباقاً لنتائج مخرجات لحوار وفرض الامر الواقع، وكان الحوار يسير في وادي ورئيس الدولة ومستشارية من المشترك وحلفائه الاخوان يسيرون باليمن في وادي اخر، عبر اصدار مئات القرارات الجمهورية بتوزيع وظائف الدولة وتقاسمها كغنيمة وفيد..
و في لحظات الحوار الحاسمة تم اقرار التمديد والتقسيم بعيداً عن نصوص المبادرة الخليجية وبعيداً عن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار و لائحته، اقر تقسيم اليمن بخفة وبطريقة هزلية في اخر جلسات الحوار، ومرر التمديد للرئيس منتهي الولاية باالتصفيق والتهريج بما يؤكد ان تلك المخرجات غير شرعية، وهو ما اكده امين عام الاشتراكي في كتابة الموسوم بعبور المضيق المنشور في صحيفة “الشارع” اليومية، مقروئاً مع ما جاء في مبادرة زعيم انصار الله الحوثيين في مبادرته الاخيرة الذي قال فيها ان اقرار التقسيم الى سته اقاليم غير شرعي لأنه مرر بطريقة غير مشروعة، واصر رئيس المبادرة على المقامرة والمجازفة بمصير شعب ووطن بحجم اليمن عندما شكل لجنة التقسيم، ومن بعدها لجنة صياغة الدستور وهيئة الرقابة على الحوار..
ولان هناك متغيرات موضوعية على الارض وتغير في ظروف الزمان والمكان على المستويين المحلي والاقليمي والدولي، بما يخدم قوى التغيير وقوى الثورة و الحداثة وبما يؤدي الى تحجيم واندثار القوى الاصولية والرجعية والايدلوجية ومراكز القوى العسكرية والقبلية والدينية، التي ارتهن الرئيس وامناء عموم احزاب اليسار لها حينا من الدهر، وتحالفوا معها وسوقوا اطروحاتها، ولابد ان يدرك رئيس النظام وحكومة الوفاق والبرلمان انهم جميعاً انتهت ولايتهم وانهم غاصبين للسلطة، وانه لاشرعية لهم بالاستمرار في حكم اليمن لاشرعية ثورية ولاشرعية دستورية، وشرعيتهم هي مجرد شرعية امر واقع، وانهم في مأزق شرعية ومشروعية.
و أنه يجب عليهم الاستجابة لإرادة الشعب في التغيير، و لا يجب المقامرة بمصير شعب، بالمضي في مخطط تقسيم اليمن واقلمتها، لان الرجوع الى الحق فضيلة، و لا يعيب الرئيس ان يتراجع عن قرار انفرادي اتخذه بالأمس بعيداً عن مؤتمر الحوار وقواه الحية..
و يجب ان يتغير المشهد السياسي على مستوى الوطن اليمني، وذلك بالتوافق على ملامح وشكل المرحلة القادمة، الفترة الانتقالية الثانية، وذلك لن يكون الا باعتراف السلطة الحالية انها سلطة غير شرعية غاصبة للسلطة، وشرعيتها شرعية امر واقع، لابد ان يكون لدي الرئيس والقوى السياسية، رؤية وطنية متكاملة عن المرحلة القادمة..
و اهم ما يجب التركيز عليه هو اتخاذا قرار مبدئي من قضية تقسيم اليمن واقلمتها، يتمثل بإلغاء ذلك القرار، ثم التوافق على اعلان دستوري يطرح على الشعب للاستفتاء، يحدد فيه صلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية الحالي ومدة ولايته الذي لا يجب ان تزيد عن سته اشهر، و لا يحق له بعدها الترشح لمنصب الرئاسة، ويناط به سلطة التشريع، ويحل مجلس النواب والشورى الحاليين، لان استمرارهما هدر للمال العام، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية بعيداً عن التقاسم والمحاصصة، حكومة تكنوقراط ، وتحل لجنة الدستور الحالية، وتشكل لجنة من خمسين شخصية وطنية من رجال القانون والقضاة ورجال السياسة يمثل فيها كل مكونات المجتمع الفاعلة، تعد دستور جديد في اطار الدولة البسيطة ، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من تاريخ تشكيلها، وتلتزم بمخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها عند اعدادها للدستور الجديد، فيما عدا المخرجات غير الشرعية التي تم سلقها بعيداً عن مكوني انصار الله والاشتراكي وهي قضية تغيير شكل الدولة وتقسيم اليمن الى ستة اقاليم، وعلى ان تضمن نصوص دستورية انتقالية في الدستور الجديد تترجم النقاط العشرين بما يكفل حل قضية الجنوب وصعدة حلاً عادلاً، من قبل السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب وفقاً للدستور الجديد.
وخلال مدة الستة الاشهر تشكل لجنة عليا للانتخابات جديدة من قضاة مستقلين محايدين تتولى التحضير لعملية الاستفتاء على الدستور وانتخابات الرئاسة والبرلمان وفقاً لقانون انتخابات جديد يصدره الرئيس بعد التوافق عليه مع كل القوى السياسية.
و خلال مدة الستة الاشهر يتم تشكيل لجنة من كفاءات وطنية، تتولى مراجعة قرارات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، الذي صدرت خلال السنتين الماضيتين وبنيت على اساس التقاسم والمحاصصة، و تحرير الدولة والجيش والامن والتعليم والقضاء من خاطفيها مركز القوى العسكرية والقبلية، وتحريرها من الاخونة والادلجة، والاختراق، الذي جرى لمؤسسات الدولة منذ تشكيل حكومة الوفاق.
كما انه من اللازم اعادة تشكيل مجلس القضاء الاعلى من قضاة اكفاء غير مؤدلجين بعيداً عن التقاسم والمحاصصة، وتعيين نائب عام جديد قاض محايد ومستقل بعيداً عن المؤسسات الامنية.
والزام النيابة العامة بالشروع فوراً في فتح ملفات التحقيق في جرائم اغتيالات الضباط الجيش و السياسيين، التي جرى تنفيذها منذ تشكيل حكومة الوفاق والزام المؤسسة الامنية بالقبض على الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة.

زر الذهاب إلى الأعلى