أخبار وتقارير

محمد: حولت الأرض القاحلة إلى جنة مثمرة، فعوقبت بالسجن

المستقلة خاص ليمنات
أتفق محمد مع أحد ملاك الأراضي على أن يقدم الأخير عدداً من الأراضي القابلة للزراعة لمحمد مقابل قيامه باستصلاحها والاهتمام بها، ثم زراعتها بالأشجار والفواكه، على أن يكون المحصول مقسوماً بينهما نصفاً بنصف.. وبعد قيام محمد بما عليه وحوَّل الأراضي اليابسة والقاحلة إلى مزارع وجنان مثقلة بالثمار والفواكه، نكث مالك الأرض الاتفاق، وكشف عن وجهه الحقيقي، وبادر إلى الزج بشريكه في غياهب السجن وظلمته..
يقول محمد وهو يروي ل «المستقلة» تفاصيل ما تعرض له من ظلم واجحاف: «أعطاني أحد الأشخاص أكثر من قطعة أرض في قريتنا لأقوم باستصلاحها وغرسها بالأشجار المثمرة، والعناية بها، على أن نتقاسم ما نجنيه من ثمارها عندما يحين أوانها، بحيث يكون نصف المحصول لي والنصف الآخر له، فقبلت ذلك لأني أرغب بالعمل، وهو شخص مشغول وصاحب منصب وسلطة، وعندما استلمت الأرض قمت فوراً باستصلاحها وتنظيف التربة من كل ما يضر بها، ثم زرعتها بمختلف الثمار مثل (اللوز، والتفاح، والليمون…الخ)، ويواصل محمد: «اعتبرت هذه المزارع وكأنها ملك لي وليس مجرد شريك بنصف الثمار، كنت أتعب فيها نهاراً وأسهر عليها ليلاً، وأبذل أقصى جهدي لتنمو هذه الأشجار، وأخذت من مصاريف أسرتي وأخوتي لأشتري الديزل من أجل سقي المزروعات، بدأت من الصفر، ولم أتوقف حتى كلل الله جهدي بالنجاح، فكبرت المزروعات وبدأت تعطي الثمار اليانعة، فاستفدنا منها معاً (أنا وصاحب الأرض)، وتقاسمنا الثمار بالمناصفة، كما اتفقنا تماماً، لأني تعاملت معه بكل أمانة وصدق وضمير، ولم أخف عنه ريالاً واحداً، لأنه تعامل معي عندما أعطاني الأرض كإنسان طيب ولم يبدو عليه ما يثير قلقي ومخاوفي، لذلك لم أتوقع منه شيئاً سيئاً أبداً، فعملت طوال سنوات على تحويل أرضه القاحلة والميتة إلى مزارع وجنان مثقلة بالثمار تسر الناظرين، وكنت أعطيه حقه أولاً بأول، لكنه وبدلاً من تقديري ومكافأتي، أقدم على طردي من هذه المزارع التي اسقيتها بعرقي ودمي قبل الماء..
وعن سبب هذا التصرف قال محمد: «عندما رأى بعض أقارب مالك الأرض هذه المزارع وهي ممتلئة بأشجار الفواكه ومثقلة بمختلف أنواع الثمار، طمعوا بها، لأني جعلتها من أفضل المزارع في المنطقة، فطلب منه أقاربه أن يعطيهم هذه المزارع ليهتموا بها هم بدلاً عني، وعندما جاء لأخذها مني، أخبرته بأن ما يفعله خطأ ومخالف للاتفاق الذي بيننا ولا يحق له أخذها مني، بعد أن بذلت في إصلاحها جهدي كله، وضيعت وقتي في الاهتمام بها وزراعتها وخسرت فيها الغالي والرخيص، حتى حان وقت جني الفائدة وجاء يريد أن يخرجني منها ولم يمض الوقت الكافي الذي أستطيع فيه استعادة خسارتي في الاستصلاح والعناية والزرع وشراء الديزل والأسمدة والمبيدات وأجور العمال.. لكنه لم يعر كلامي أي اهتمام وأصرّ على طردي من هذه المزارع بالقوة، وأعطاها لأحد أقاربه.
لم أستسلم فقد أضعت أجمل سنوات عمري في هذه المزارع، واتجهت إلى بعض المشائخ والعقلاء في المنطقة لحل المشكلة بيننا، فهم يعرفون الجهد الذي بذلته والخسارة التي ضحيت بها لإنشاء هذه المزارع حتى أصبحت بالحال الذي هي عليه، فحاول هؤلاء المشائخ إقناع ذلك الشخص النافذ (وهو ضابط برتبة عقيد والكل يريد إرضاءه)، لكنه رفض رفضاً قاطعاً بقائي فيها، لذلك أقترح هؤلاء المشائخ أن يقوم ذلك الشخص بإعطائي ما يوصف ب «الشقيقة»، وهي عبارة عن مبلغ مالي كتعويض عما بذلته لإصلاح هذه المزارع وما خسرته فيها، وقاموا بتقدير المبلغ بأنفسهم وبحسب علمهم، ولأني رجل فقير وعاجز عن مقاومة ذلك الشخص النافذ قبلت بالعرض الذي قدمه المشائخ، لكنه وبالرغم من ذلك رفض هو إعطائي ولو فلساً واحداً مقابل تعبي وخسارتي، وصادر المزارع مني بالقوة، وأعطاها لقريبه، ولم يؤثر فيه كلام الوسطاء وفاعلي الخير الذين يعلمون ما أنفقته وأحسوا بمقدار الظلم الذي وقع عليّ..
ويختتم محمد معاناته قائلاً: «نتيجة تمسكي بحقي وإصراري على المطالبة بما خسرته، قام غريمي باستغلال نفوذه ومكانته، وأقدم على الزج بي في السجن، مدعياً أنني أكلت ثمار مزرعته ولم أعطه منها شيئاً، وأنني عملت على تدميرها وتخريبها ولم أعطه ريالاً واحداً، فحاولت أن أشرح لرئيس المحكمة الحقيقة وقمت بإحضار الشهود لإثبات ما أقول، لكن دون فائدة، فلم يسمع أحد كلامي، لينتهي بي مصيري إلى داخل السجن مظلوماً مقهوراً، ولم أجد من يقف بجانبي، وإذا لم ينصفني القضاء المخول بإقامة العدل بين الناس وإحقاق الحق وإبطال الباطل وإقامة شرع الله، فأين سأجد العدل والإنصاف، ومن سيعيد لي سنوات عمري التي أمضيتها في اصلاح هذه المزارع ومن سيعطيني حقي الذي ضاع بقوة النفوذ والسلطة.

زر الذهاب إلى الأعلى