فضاء حر

حركة انصار الله هل سيمكر بها التاريخ؟

يمنات
أكثر ما يكره الناس في الجماعات الدينية الاصولية، تطفلهم على الحريات الشخصية للمواطنين، بل والغاؤها.
الجماعات الدينية تقرأ النص المقدس قراءة حرفية نصية، تفكيرها متحجر، عقلياتها محدودة جامدة، لا تستوعب متغيرات العصر وظروف الزمان والمكان، تعطل العقل والتفكير العقلاني العلمي و تطوع العقل للنص، بدلاً من تطويع النص وقرأته قراءة عصرية حداثية.
سادت لدينا في العالم العربي والاسلامي، منذ الف عام قراءة ظلامية اصولية حنبلية متزمتة للنص القرآني، وتحول الاسلام من اسلام القرآن الى اسلام الحديث.
عطل العقل واغلق باب الاجتهاد، وحُرمت الفلسفة واحرقت كتب الفلاسفة، وقمع المعتزلة واحرقت كتبهم. المعتزلة قدمت قراءة عقلانية تنويرية للإسلام واعلت من شأن العقل.
و تتميز الزيدية في اليمن بأنها معتزلية عقلانية لم تغلق باب الاجتهاد، وارست مبدأ الثورة على الامام الظالم، ولم تلغي الاخر المذهبي والديني، باستثناء الاسماعيلية.
كانت تدرس كتب الفلسفة والمنطق في المدارس الفقهية الزيدية في صنعاء وذمار وغيرها. وقيل ان عميد الادب العربي، طه حسين ذهل عندما علم ان مخطوطات كتب المعتزلة موجودة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، لان كتبهم احرقت في كل العالم الاسلامي، وارسل بعثة من مصر لتصويرها، وبالفعل تم تحقيقها وطباعتها وهي كتاب المغني ثلاثين مجلد، والاصول الخمسة لابي الحسن الهمداني، خمسة مجلدات.
ميزة الفكر المعتزلي انه فكر فلسفي عقلاني انساني تنويري، يؤول النص بما يتوافق مع العقل والعصر.
نحتاج اليوم الى اعادة قراءة التراث قراءة عقلانية حداثية تنويرية عصرية بما يتوافق مع العصر والحداثة، نحتاج الى قطيعة ابستمولوجية مع الفكر الظلامي الوهابي النصي التكفيري السائد منذ الف عام.
عولنا على حركة انصار الله وفرحنا بها باعتبارها حركة زيدية عقلانية، تقبل بالأخر ولم نسمع تكفير او اقصاء او تخوين لمن يختلف معها..
قدمت رؤية متقدمة في مؤتمر الحوار، تضمنت القبول بالدولة المدنية، ورفضت المادة الثالثة التي تعتبر الشريعة الاسلامية مصدر وحيد للتشريعات.
واليوم حققت انتصارات على الارض وايدها الناس، ولكن تلك الانتصارات تحتاج لفكر عقلاني وقراءة عصرية تنويرية للنص الديني، بما يتناسب مع العصر والحداثة، وعند ذلك سيقبل بهم المجتمع، أما اذا قدموا انفسهم كجماعة دينية اصولية ظلامية متحجرة، واصروا على التعصب وتنفير المجتمع منهم عبر ممارسات طالبانية متخلفة تصادر الحريات الشخصية وتتطفل على الناس، مثل منع الغناء ومصادرة الاشرطة ومعاداة الفنون الجميلة، فلن يضيفوا جديدا وسيرفضهم الشعب وسيسقطوا سقوط مدوي، كما سقطت طالبان من قبلهم، فالعصر متغير ويحتاج لاستيعابه عبر فكر جديد، ومشروع وطني عقلاني، يقنع الناس، وتبني دولة مدنية لا دينية، والا فالبديل تغول الجماعات المذهبية الطائفية ودخول المجتمع في صراعات، وحروب دينية دامية.
استوعبوا العصر وتسلحوا بالفكر العقلاني التنويري الحديث، وقدموا قراءة عقلانية معتزلية للنص المقدس. مالم ستسقطوا بسرعة ولا يغرنكم النصر فنحن في عصر العلم، عصر ثورة التكنولوجية والمعلومياتية.

زر الذهاب إلى الأعلى