فضاء حر

الإصلاح وتحالفات المصلحة

يمنات
لا يجد الإخوان حرجاً في الانقلاب على كُل المحاذير والتابوهات التي وضعوها يوماً وكادت تصبح جزءاً من عقيدتهم، فبعد أن خوفوا الناس لعقدين من الشيوعية والماركسية والنجمة الحمراء وقرن الشيطان (روسيا)، تحالفوا ببساطة مع الحزب الإشتراكي حين وجدوا في هذا التحالف فرصة لاقترابهم من الاستحواذ التام على السُلطة، فتاريخياً كانوا جزءاً بل والجزء المهيمن فيها، وحين تكون العقيدة السياسية هي البرجماتية والنفعية، فلا شيء يُستبعد من هذا الحزب الذي تغزلت جماعته الأم بالصهيوني شيمون بيريز.
و بعد كل ذلك الصراخ والابتذال “الثوري” في الساحات، عن صالح والمؤتمر وعفاش والنظام العائلي والسفاح ونهاب اليمن وقاتل الأطفال وصانع الحروب.. الخ، وبعد رميه بكل الإخفاقات في أداء الإخوان والمُشترك في حكومة الوفاق التي لم تكن إخفاقات إنما كانت تغليب المصالح الخاصة ومصالح الجماعة على مصلحة الشعب، بعد رسم هذه الصورة الشيطانية عن صالح والمؤتمر لا يجدون الحرج في أن يتحدثون عن التحالف معه، وإن كانت السياسة تستدعي منهم ذلك ونحن نعلم أنهم يلعبون سياسة فليكفوا عن إيهام الناس بأنهم حزب ديني وأن لهم قيم دينية ومشروع أعلاء كلمة الله في الأرض! ليعترفوا بأنه لا دخل لهم بالدين وليبحثوا عن خياراتهم السياسية.
الوقت تغير وهذا يعني أن موازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية تغيرت ويُدرك الاخوان جيداً هذا الأمر، لكنهم يحاولون خداع الزمن، أو عكس حركة التاريخ وهذا مُحال وعليهم الرضوخ لسلطة التاريخ، فشتان بين الاخوان في الأمس واليوم.
في أول تحالف بين المؤتمر والإخوان في الثمانينات، كان صالح بحاجه إلى الإخوان لتدعيم حكمه ومواجهة الجبهة الوطنية (الاشتراكيين قبل الوحدة) وتم تشكيل الجبهة الإسلامية وتمويلها وتسليحها من الدولة، ولأن المؤتمر حينها دخل هذا التحالف مع الإصلاح وهو بحاجه إليهم وهو بحالة ضعف، فقد أستغل الإخوان هذا التحالف وتمددوا اقتصاديا في السلطة واخترقوا المؤتمر وتغلغلوا في جهاز الدولة الأمني والبيروقراطي حتى اليوم.
هذا كان في الماضي لكن اليوم الإصلاح هو من يستغيث بالمؤتمر، وبعد هزائمه العسكرية والقبلية والاجتماعية في شمال الشمال هو أضعف من أن يملي شروط على المؤتمر، في هذا التحالف لن يبحث الإصلاح عن مكاسب جديدة كما في السابق أو بالوتيرة التي كان يحصد بها مكاسبه سابقاً، بل سيسعى للمحافظة على المصالح التي أكتسبها تاريخياً من تحالفه مع المؤتمر، ولا خوف على المؤتمر من هذا التحالف، بل سيكون فرصة لكي تتضح صوره الإخوان أمام الشعب ويتعرى تماماً !

زر الذهاب إلى الأعلى