فضاء حر

أين الحزب؟!

يمنات
أين الحزب..؟ هذا السؤال ليس سخيفاً، كما أنه ليس متأخراً، رغم أن الحزب متأخرا جداً .. فعله السياسي المُفترض تقديمة حاملا لنضالات جماهير الشعب المُفقرة في الصراع الطبقي الدائم مادامت ثروات البلد ملكية خاصة في أيدي القِلة المُسيطرة.
أين الحزب..؟ أَشهَق هذا السؤال بوجع في كل صباح وأنا أمر على جولة (بير باشا) في الطريق إلى الجامعة- تعز ، وأرى العُمال البائسين على الرصيف يتناولون الشاي والخبز الفقير، يهرولون تجاه أول سيارة قد يكون بها مقاول ما سينتقي أشدهم قوة وأكثرهم خبرة ليشتري قوة عمله ويترك الآخرين يعودون بائسين لا يجدون قوت يومهم، وأخجل من النظر إليهم، أسمعهم يرددون يا الله ، لكني لا أُمن سوى بهم مُحرريّ أنفسهم من هذا الرِق الرأسمالي وبالحزب أداتهم السياسية، وأسخر من نفسي .. يكاد الحزب المادي من فرط غيابة أن يُتحول إلى غيب، و أخشى أن نترك النضال ونتجه إلى الابتهالات والتصوف عسى تتنزل الأمانة العامة والمكتب السياسي بحلٍ ما على الكادحين!
أين الحزب..؟ في كل مرة نجتمع مع الرفاق ونناقش القضية الوطنية يؤلمنا هذا السؤال .. أين الحزب..؟ وأين دوره..؟ وكأن الجواب ، اكتفى الحزب بتقديم رؤاه لمؤتمر الحوار، واكتفى الأمين العام بتأليف كتاب “عبور المضيق”.
أغلب كوادر الحزب وخاصة في شمال الشمال يناضلون مع أنصار الله هذه حقيقة، بعض الرفاق يُسموهم بالرفاق المتحوثين ! ومن الجهل النظر إلى النتيجة دون تحري العلة فلو أن الحزب كان موجود كما ينبغي في حقل الصراع الاجتماعي في شمال الشمال لكان الرفاق يناضلون في صف الحزب دون تلمس البديل، ولكان الحزب متحالفاً مع أنصار الله بالضرورة لأن الشارع حينها سيجمعهم وسيتكاتفون لأجل النضال مُكملي بعضهم، لكن الحزب اليوم في الحكومة وحين يرى في أنصار الله مخربين فهذا طبيعي ولطالما كان يُنظر للحزب كمخرب حين كان يناضل على الأرض وينتزع خبز الناس من أشداق السُلطة.
و إذا كان كوادر الحزب لم يتصوفوا ويتلمسون البديل ليستمروا في نضالهم الاجتماعي الطبيعي كفعل مضاد للاحتقانات الطبقية فكيف بالناس العاديين الذين يعقدون آمال على الحزب والتي يُفترض على الحزب أن يحمل تطلعاتهم؛ هل سينتظرون الحزب هل عليهم الجمود حتى يتحرك الحزب ! .
لا أشك أن الأمانة العامة تعلم أن الإخوان قصفوا منازل الرفاق وهم يقصفون قُرى عمران فهل قدم الحزب موقف تجاه قواعده وتجاه الأهالي أم أستمر في موقفه العدمي وهو يدين الحرب والموت كفكرة ؟!
وكأن الحرب جاءت من خارج التاريخ وكأنه لا يوجد هناك ظالم ومظلوم في تلك الحرب ! ، ومؤكد الأمانة العامة تعلم أيضاً أن الرفاق في عمران شحذوا بنادقهم ودافعوا جودهم جنباً إلى جنب وصفوف أنصار الله ولم يتسن لهم أن يصرخوا “حزبك باقي يا فتاح…” فصرخوا “الموت لأمريكا ..الموت لإسرائيل …”، فالصرخة الأخيرة من كانت تظلل نضالاتهم في ظل غياب الحزب. ومازالوا اشتراكيين منذ أن ألقى عليهم الحزب بالفكرة- سبيل القضية وسلمهم الكتاب والبندقية في زمن الجبهة الوطنية “جودي” وغاب، مازال الرفاق في شمال الشمال صامدين اشتراكيين جهاويين ثوريين لم ينسوا الحزب لكن الحرب كمؤسسة هو من يتجاهلم، ربما لأنهم لا يلبسون الجينز !
جنوباً أين الحزب
الضالع تقصف بشكل شبه يومي وطبعاً تهدم منازل وتُحرق أملاك ويسقط شُهداء وتتشرد أُسر… فأين الحزب من الضالع ، أين الحزب من الحراك الجنوبي ، أين وصلت رؤية الحزب بشان القضية الجنوبية ، ماذا فعل الحزب تجاه الضالع كحالة خاصة يومياً تحت نيران قوات ضبعان، وبشان القضية الجنوبية بشكل عام وتنفيذ مخرجات الحوار والنِقاط المُقررة استباقاً له، هل تابع الحزب لقاءات هادي والنوبة، وتابع بيان جمعية المتقاعدين العسكريين والأمنيين الذين قالوا أن النوبة لا يمثل الهيئة القيادية للجمعية بل نفسه كشخص ، والمهم هل لدى الحزب موقف حقيقي تجاه هذه الأحداث في الجنوب أم تخضع لحسابات أخرى لا علاقة لها بقضايا الناس بل باقلمة الحزب وانفصاله، في حالة اقلمة الجنوب وتقسيمه، وفي حالة استقلاله.
أين الحزب من الاقتصاد
منذ أسبوع رفرف علم اليمن في منظمة التجارية العالمية ثاني أكبر منظمة إمبريالية تسرق خبز الشعوب أين موقف الحزب السياسي أين موقف الكتلة البرلمانية بشان القرار، وكأن الأمر هذا لا يعني الحزب هل ينتظر الحزب من حزب الإصلاح أم الناصري أم المؤتمر أن يتحدث عن مخاطر الانضمام لهذه المنظمة مع أن بن دغر الرفيق السابق (التي مازالت سياسته الإعلامية هي الجارية في إعلام الحزب) الوزير الوحيد الذي تحدث عن مخاطر انضمامنا لهذه المنظمة وخاصة على قطاع الاتصالات، بينما الحزب لم يخصص لهذه القضية الخطيرة جداً على المستقبل الاقتصادي للبلاد لم يخصص لها ولوا سطراً في “افتتاحية الثوري” ولا حتى تصريح لمصدر مسئول يُنشر في “الاشتراكي نت” ولا يهم إن كنا لا نعلم من هذا المصدر المسئول الخجول !
أين الحزب من أزمة الوقود التي تحرق المزارع وبيوت الفلاحين، وترفع الأسعار من حبة القمح إلى عود الثقاب..
الحكومة تسوق الشعب نحو الموت إما جوعاً أو رعباً فأين موقف الحزب من هذه الحكومة وما زال مُشاركاً فيها..
انتقد الحزب التغيرات في الحكومة بينما كان حرياً به أن ينتقد الحكومة بشكل عام وينسحب منها ويطالب بحكومة كفاءات وإن كانت المبادرة تشترط التوافق فلتتوافق الأحزاب على حكومة كفاءات واضن اللقاء المشترك سيقيم للحزب وزناً حين يطرح هذا الاقتراح في اجتماع استثنائي للقاء المُشترك !
أين الحزب ….؟ لا يُمكن حصر كل الأسئلة في مقال واحد لأن الحزب مطلوب حضوره في كل شكل من أشكال الصراع الطبقي .إلا أن كان الصراع الطبقي مزحة ماركسية سمجة !!

زر الذهاب إلى الأعلى