فضاء حر

اجتماع “الحكماء” مع الحوثي استدعاء لماضي وأد الدولة

يمنات
ﻻ ادري متى اصبح هؤﻻء الذين دعاهم الحوثي لاجتماع يوم أمس الجمعة من مشايخ وعقال و وجاهات اجتماعية، حكماء و عقالا لليمن ، بينما قال عنهم تاريخ اليمن انهم ﻻ يملكون أي عقل، و وصفتهم كتبه بأنهم حفنة من الاستغلاليين والفسدة ﻻ هم لهم سوى امتلاك سيارة “حبة طربال” ومرافقين وذخيرة واعتمادات مالية تؤهلهم للعيش في طوابير على ابواب الحكام ورجالات النفوذ في الدولة، كي يقتاتوا احلامنا وتطلعاتنا نحن اليمنيين في تأسيس دولة مدنية، هؤلاء عاشوا على نمط حياة حافلة بالاقتحامات والسطو على اراضي وحقوق المستضعفين، رضعوا الفوضى والزمجرة والعنترة لتأسيس دولة الشيخ، والقبيلة، وتكريس شرعة الدين، المفصل بمقاسات تبجيل الحاكم وبقاء الفوضى كعناوين رئيسية خارج سياق وضد مشروع الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
هؤﻻء اقتحموا كل ما من شأنه تنظيم الحياة وقوننتها، و ليت شعري انهم ابقوا على اخلاق القبيلة وقيمها النبيلة المشهورة بالشهامة والكرم ومناصرة الضعيف والحق، هؤلاء هم مخلفات التشوه السياسي والاجتماعي، الذين كرستها لهم انظمة اعتمدت الفوضى ليسود التخلف والجهل ، فكان ان جاءت بهم خلال خمسين سنة الماضية، وتمكنت من توغل سلطتها بذبح شهيد اليمن وحبيبها الرئيس الحمدي، الذي كان منتهى حلم اليمنيين في بناء دولة مؤسسات عادلة وديمقراطية، ليدشنوا عودة البربر من جديد.
هؤﻻء لم يدشنوا يوما احتفائية او مؤتمر وطني، يناقش كيفية ايجاد مستقبل آمن للوطن ورخاء ابنائه، لم يجتمعوا يوما ليسندوا الدولة في اشد لحظاتها العصيبة، اتخيل وتخيلوا معي جميعا بسؤال: ماهي أكبر مؤهلات يحملها أهم مشائخ اليمن؟ صحيح هناك مشائخ مثقفين وينتمون لفكرة اليسار، لكنه يبقى شيخ و ﻻ تحتاجه العادة الا لنقض قوانين الدولة وانتهاكها، هذا في الأغلب، والا لساعد الدولة في ايكال قضايا الناس عبر الجهات المعنية .. ﻻ ان يحل هو محلها ويعطي نفسه الحق في سجن ومعاقبة رعيته، فكرة الشيخ تعني الغاء مهام الدولة، يعني تعدي للشرع الاسلامي.
كما نرى في محتوى حلولهم لبعض القضايا بنقائض يحرمها الدين، ليس هناك امرا يستطيع ان يفعله هؤلاء المشائخ، في اجتماعهم بالصالة المغلقة مع الحوثيين، بإمكانه تعزيز وجود الدولة، والمساعدة في فرض هيبتها ونفوذها، ﻷنه أمر يتناقض مع وجودهم العرفي والقبلي ومع مطامحهم ووظائفهم الاجتماعية، وكما قلنا سوى خرق النظام ومخالفته وتعزيز وجودهم ووجود مشاريع ذاتية ضمن مصالح لهم فيها وعد وشأن فأننا لن جد منهم سوى ذلك، على حساب الدولة والمواطنة والهوية الوطنية المدنية الديمقراطية الجامعة، الحوثيين احتاجوا في فترة من الفترات للمثقف والكاتب والاعلامي في لحظات كانوا اشد حاجة لهم، ثم رأينا استقطابهم للقيادات العسكرية مؤخرا، و ها نحن نشهد عودة التحالف مع القبيلة والشيخ، الخصم اللدود والتاريخي للدولة المدنية، و النظام الديمقراطي والحكم الرشيد، الحوثي ذكي ويعرف ان القبيلة والشيخ هم القادرين على ترجيح الكفة، و ان ضمن كسب ود اهم مشايخ اليمن، عندها سيموت القبيلي البسيط، دفاعا عن قناعات الشيخ ومصالحه واحلامه في الحصول على شأن وسطوة ما.
كنت اتمنى ان يدعو الحوثي على غير العادة، الى اجتماع لأهم مثقفي واعلاميي وادباء ونخب اليمن السياسيين ، لمناقشة ما يدور ووضعه على طاولة حوار جدي في مؤتمر سيتحدث عنه التاريخ، ﻻ ان يبحثوا عن فئة لها تاريخ مخزي، في هدم اليمن وتخلفه، وهي السبب في تدمير وانهيار بنية الدولة ومؤسساتها، التلويح بورقة القبيلة في هذه اللحظة الحرجة في تاريخ اليمن له دﻻلات خطيرة جدا على مستقبل الدولة المدنية التي ينشدها الجميع، اجتماع امس اعادة تكريس لسلطة القبيلة والشيخ، هكذا بوضوح واعادة تموضع الحوثي كسلطة حاكمة، وتسليط سوط الدين بشكل مختلف كحامي ومظلة تناقض ما كرسه حزب الاصلاح بشعارات مذهبية جديدة، مماثلة تلوح في الأفق، وكما استخدم الاصلاح الاسلامي القبيلة في حربي صيف 94 وست جولات في صعدة، سيستخدمهم الحوثيين في حروب مشابهة، تبدوا من حيث التكتيك الدرامي، لمواجهة خصوم حاليين ومستقبليين ليس لهم اسم بعد.
اضحكني جدا دعوة “شيخ مشائخ عدن ” هههههههه، تبدوا هذه المفردات الثلاث مستفزة لشعراء، سكنوا عدن امثال رامبوا ودرويش و أدونيس والجاوي، وفنانين ومفكرين وادباء ومبدعين، مثلت عدن لهم حاضنة مدنية يسارية من الطراز العتيق.
المهم يبدوا ان دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات المدنية، فكرة بعيدة كل البعد، و ﻻ وجود لها في أفق اللاعبين الرئيسيين في الداخل والخارج.
اليمن ستشهد مزيد من الانسلاخات ضد تأسيس وعودة الدولة، لصالح الانقسامات والتشتت وخرق اي توافق مستقبلي سياسي واجتماعي، اليمن سترزح بفعل المحاصصة، والتقسيم والتوزيع العادل للبلد، ونحن فقط مجرد حيوانات بدون حقوق في محميتهم واقطاعيتهم المسماة باليمن..
نحن فقط من سيذوق المرارات والتكبدات، و وحدنا، من سيتنهد كل خمس دقائق بسبب وبدون سبب، بالحلى او بالصميل، داخل السجون او خارجها، من يقرر مصيرنا خارج هذه الحتمية القرفة والمميتة، ﻻ زال بعيدا كل البعد، طالما وهناك انبعاث لمشاريع اقليمية ودولية بوسطاء ﻻ يحترموا العقل وقيمة رواده من المثقفين والنخب والاعلاميين والمفكرين والمبدعين والأكاديميين والفنانين، بينما يحظى الشيخ بمؤتمر انقاذ لمشاريع احادية تستند وتستظل تحت وطأة المشائخ، افسد والعن فئة حكمت و ﻻ زالت تحكم اليمن..
عليك يا وطني السلام..

مؤتمر حكماء القبائل الشمالية
يمنات
لم أتابع مؤتمر حكماء القبائل الشمالية الذي دعا له عبدالملك الحوثي ( و لا اعلم الصفة القانونية التي يحملها لكني دعوة كأي مبادرة طوعية ذاتية .
وربما لان اهتماماتي الميدانية بوقائع الانتهاكات القادمة من افعال الخارجين عن القانون شغلتني عن مشاهدة هذه المسرحية اليمنية .
لكني شاهدت صورة عامه للتجمع الذي اغلبه شخصيات غير معروفه بالنسبة لي , لم اشاهد سوى مخزنين ولابسي الاثواب والجنابي , رأيت الشق الاجتماعي لمجتمع جغرافي معين وغاب التنوع المدني والثقافي لدولة مرت بها حضارات ودول .
غابت المراة كالعادة ( لانها صورة المدنية ) وربما لان الداعين لهذا المؤتمر يرونها غير حكيمة ولاينطبيق عليها الوصف , وربما رفضت النساء لانهن شعرن أن مثل هذه المؤتمرات ستعيد مطالبهن للعصر الحجري وليس حتى العصر الجاهلي .
غابت مطالب ولغة حلم الدولة المدنية , وحضرت فقط لغة الاستقواء والوعيد , وهي نفس لغة المنتتصر في 94 (المؤتمر والاصلاح ) وقبلها لغة المنتصر في 86 وبعدها بسنوات هي لغة المستحوذ على ثورة 11 فبراير 2011 ,,
وكل هذا لان النخب والشرفاء في وطني صامتين , متفرجين , في انتظار ماذا سيقول الخارج .

زر الذهاب إلى الأعلى