العرض في الرئيسةفضاء حر

سيناريوهات التعامل مع الوضع الجديد في الجنوب

يمنات 

كهلان صوفان

في ظل الأحداث السريعة المتلاحقة في حضرموت وعدن لفرض واقع سياسي جديد مسنود بقواعد شعبية وبغطاء ودعم مباشر من دول العدوان تبرز أمام النظام السياسي في صنعاء تحديات جديدة أكثر تعقيدا من سابقاتها. فبعد فشل الحل العسكري لدخول صنعاء وتدمير المنظومة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية وما تبعها من أوراق ضغط سياسية واقتصادية واجتماعية للقبول بشروط دول العدوان والتي أقل ما يمكن وصفها به أنها شروط اذعان واستسلام نلاحظ أن العدو لجأ إلى تغيير جذري في استراتيجيته تجاه اليمن من خلال اللعب بالورقة الجنوبية المتأزمة أصلا واستثمار معاناة المواطنين الناجمة عن العدوان والحصار والإحتلال ووقف صرف المرتبات لأكثر من ثمانية اشهر وفشل أو إفشال حكومتي بن دغر وبن حبتور في إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية والإنسانية للمجتمع… والتي تتفاقم كل يوم لتدفع المواطنين في النهاية إلى السخط العام من كل ما يمت للوحدة وللمركز بصلة والقبول بتكريس سياسة الأمر الواقع الذي نتج عقب عدوان 26 مارس 2015م بخلق كيانات ومشاريع صغيرة قابلة للحياة تعيش على جهاز التنفس الاصطناعي الذي تتحكم به دول العدوان لتتقاتل تلك الكيانات فيما بينها لسنوات بسبب احتكار السلطة والثروة والهدف إضعافها جميعا وبقاء اليمن تحت الوصاية السعودية.

إذا الخطورة لا تكمن في بيان لقاء حضرموت الجامع ولا في إعلان عدن التاريخي وما تبعه من تشكيل مجلس سياسي مكون من 26 شخصية جنوبية حراكية برئاسة الزبيدي لتمثيل الجنوب داخليا وخارجيا ولا فيما سيتبعه من كيانات ستتشكل لاحقا في الجنوب وفي مناطق الشمال الخارجة عن السيطرة، كما لا تمثل الخطورة في من يقف وراء هذه المشاريع الصغيرة ويدعمها بالمال والسلاح سواء كانت أمريكا أو بريطانيا أو أطرافهما الإقليمية المتمثلة في السعودية و الإمارات وإسرائيل وغيرها…بل الخطورة تكمن في الزخم والحاضنة الشعبية المؤيدة لقيامها والتي ستدافع عنها بكل ما لديها من قوة وامكانيات لإيمانها أو ايهامها بأنها تمثل الخلاص من سيطرة المركز واستبداده وتحكمه في السلطة والثروة.

إذا الحل أمام هكذا معضلة لا يكمن في الانجرار لاستخدام القوة والغلبة لتغيير هذا الواقع لأننا بذلك سنحقق هدف العدوان بتعميق الجراح بين أبناء الشعب الواحد واحداث شرخ رأسي في تركيبة المجتمع اليمني من الصعوبة بمكان معالجته، وما أحداث أو حرب صيف 94 وما تبعها من سياسات اقصائية لشريك الوحدة إلا خير دليل على سوء عاقبة انتهاج مثل هكذا سيناريو.

وأرى بداية الانتظار قليلا لنرى كيف سيتم تكييف هذا المنتج الجديد مع شرعية هادي المزعومة التي يتكئ عليها تحالف العدوان في حربه على اليمن.

فإذا حل هذا الكيان محل المجرم هادي وحكومته يكون العدوان قد خدمنا من حيث يشعر أو لا يشعر بطي صفحة سوداء من حياتنا لطالما رغب شعبنا في التخلص منها مهما كان الثمن..وبالتالي فلا ضير من الحوار مع هذا الكيان الجديد باعتباره ممثلا عن شعب الجنوب وله قواعده الجماهيرية الحية والاتفاق معه على أسس محددة لترسيخ الوحدة اليمنية وقيام نظام حكم سياسي يكفل التوزيع العادل للسلطة والثروة بين أبناء الشعب اليمني الواحد.

أما إذا حدث صراع على أرض الجنوب بين هذا الكيان الجديد وشرعية هادي المزعومة فسيتبعه بالتأكيد صراع بين دول التحالف التي تقف مع كل طرف وخاصة بين السعودية وأمريكا من جهة وبين الإمارات وبريطانيا من جهة أخرى، وبالتالي سيكون ذلك إيذانا بتصدع التحالف وانهياره وربما دخول أطراف دولية جديدة تخلق معادلة توازن استراتيجي كفيلة بإنهاء العدوان وفق شروط متوازنة.

أما السيناريو الثالث المتمثل في حدوث توافق وانسجام بين هذا الكيان الجديد والشرعية المزعومة فسنكون هنا أمام مولود مشوه متناقض مع نفسه الهدف منه تقسيم أرض الجنوب والمناطق الخارجة عن السيطرة في الشمال بين السعودية (في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا حزب الإصلاح وتنظيمي القاعدة وداعش أو الجيش الموالي للمجرم هادي وقوات الغزو السعودي)، وبين دولة الإمارات (في المناطق التي يسيطر عليها الحراك الجنوبي المسلح وقوات الغزو الإماراتي)..وهذا السيناريو سيكون امتداد للوضع القائم وستظل رحى الحرب تراوح مكانها في حرب استنزاف طويلة المدى يحسمها في النهاية أصحاب القضية الأقدر على الصمود والتأثير في خطوط الخصم الدفاعية في الحدود وفي طبيعة أهداف صواريخه البالستية.
وما النصر إلا من عند الله.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى