فضاء حر

خواطر في العيد السابع والعشرين من عمر الوحدة اليمنية

يمنات

كهلان صوفان

ان الوحدة اليمنية المباركة بعد مرور سبعة وعشرون عاما من إعادة تحقيقها تواجه مخاطرا حقيقة وهذه المخاطر ليست وليدة اليوم.

فمنذ نشأتها في العام 1990م وهي تحاك ضدها المؤامرات والدسائس الخارجية كونها تمت بدون موافقة وشروط المحيط الإقليمي والدولي وخاصة دول عدوان اليوم: السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل..ولأن القيادتان السياسيتان في الشطرين سابقا قد وضعتهم أمام الأمر الواقع الذي لم يكن أمام الجميع سوى التسليم به مؤقتا، وهذا كان سبب تجاوز القيادتان للكثير من التفاصيل التي ظلت عالقة وعمل من خلالها الأعداء الخارجيين ووكلائهم في الداخل لتشويهها والنيل منها رغم ما تحقق للوطن في ظلها من إنجازات ديمقراطية وتنموية عملاقة.

وبالتالي يجب أن نعلم بداية بأن الوحدة اليمنية المباركة تمت بإرادة سياسية حرة ومستقلة بقيادة زعيمي الشطرين آنذاك/علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض، ومسنودة بزخم شعبي كبير كان بمثابة ضمانة حقيقية لقيامها وإستمرارها حتى اليوم رغم العواصف الشديدة التي وجهتها وتواجهها.

وهذه الدول العربية المتآمرة على الوحدة اليمنية هي نفسها التي تآمرت على أكثر من محاولة قومية للإتحاد بين أكثر من قطر عربي في طريق الوحدة العربية الشاملة والتي حاول القيام بها أكثر من زعيم عربي كجمال عبدالناصر وحافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي رحمهم الله جميعا، كما أنها من وقفت أمام تفعيل وتطوير جامعة الدول العربية. وهي في الحقيقة تنفذ أجندة أمريكية بريطانية صهيونية. فهي الوكيل الحصري لهذه الدول الاستعمارية في المنطقة العربية والإسلامية وهي الحامي والضامن لديمومة اتفاقية تقسيم تركة الدولة العثمانية أو ما يعرف باتفاقية “سايسبيكوا” مقابل توفير الحماية الكاملة لبقاء هذه الأنظمة الملكية العميلة في سدة الحكم متحكمة في ثروات شعوبها المقهورة، وضمان بقائها متدخلة في كافة شؤون كل دولة عربية وإسلامية. وما عقد القمة الخليجية البريطانية بداية هذا العام والثلاث القمم القادمة السعودية الخليجية العربية والإسلامية المزمع عقدها مع الإدارة الأميركية الجديدة خلال اليومين القادمين في الرياض إلا إمتداد لا لبس فيه لذلك الخضوع والارتهان والعمالة وتدشين لما يسمى بالشرق الأوسط الجديد مع الحليف الجديد القديم الكيان الصهيوني الغاصب.

اذا فبقدر ما مثلت حرب 1994م من إنتصارا كبيرا على مخطط إقليمي ودولي لإنفصال جنوب اليمن عن شماله بقدر ما ساهمت الأخطاء الفادحة التي ارتكبها النظام المنتصر في صنعاء عقب انتصاره في إحداث شرخا إجتماعيا كبيرا استمر في التوسع دون معالجة حقيقية له حتى أصبح لدعوات الانفصال ولقياداتها العميلة حاضنة شعبية كبيرة في جنوب الوطن، تلك القيادات التي دغدغت مشاعر الجماهير بعبارات رنانة وبراقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ومكنتهم من الظهور مجددا وتلميعهم على وسائل الإعلام المحلي والعربي والعالمي وبدعم مباشر وغير مباشر من تلك الدول المتآمرة، حتى وصل الحال إلى أنك لم تعد ترى علم الجمهورية اليمنية في شوارع مدن الجنوب ووضع بدلا عنه علم الإنفصال حتى في المرافق الحكومية على الرغم من أن المواطن اليمني في الجنوب حاليا لا يجد من كل تلك الشعارات ما يسد به جوعه وعطشه وحتى أبسط الخدمات التي كانت تقدم له في ظل الوحدة قد توقفت عن خدمته وتوقف أيضا صرف مرتبه لأكثر من ثمانية اشهر.. وتجده رغم ذلك كله يؤيد ويبارك للغزاة والمحتلين إحتلال أرضه ووطنه بل وقتال أخوانه الشماليين في أكثر من جبهة شمالية ويقاتل نيابة عن جنود المملكة السعودية في حدها الجنوبي ..

ولو سألنا أنفسنا لماذا كل تلك التصرفات لوجدنا أنها نتيجة طبيعية للشرخ الاجتماعي الذي حدث عقب حرب صيف 94 ، وبدافع الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي من تلك الدول لما يسمونه بمشروع فك الارتباط عن الشمال.

ومعظمنا يعلم بأنهم لم يمكنوهم من تحقيق ذلك الهدف بالعودة لما قبل عام 900 بدليل دعمهم لظهور كيانات انفصالية جديدة في إطار الجنوب نفسه في حضرموت وعدن وغيرهما بهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وإشعال حروب أهلية في كافة مناطق الجنوب والشمال أيضا حتى لا تقوم لليمن قائمة بعد ذلك.

إذا في ظل هكذا وضع معقد وهكذا تزييف للوعي العام في الجنوب وبعض مناطق الشمال لا بد من أن يتعامل معه النظام السياسي في صنعاء بحكمة كبيرة تجنبنا الوقوع في ذلك المخطط الدموي لا قدر الله، وبخطوات عملية نذكرها تباعا فيما يلي :

– إظهار حسن النية وعدم الرغبة في الاستئثار منفردا بالسلطة والثروة.

– تشخيص الواقع كما هو في الجوانب الإجتماعية والخدمية والاقتصادية والسياسية في محافظات الجنوب والشمال، وبحث الأسباب التي أوصلتنا إلى ذلك الواقع ووضع المعالجات المناسبة لكل حالة، وتجنب تكرار الوقوع في نفس الأخطاء.

– التسليم والاعتراف بأن الصيغة التي قامت عليها الوحدة اليمنية في العام 90 لم تعد الحل الأمثل لمعالجة مشاكلنا القائمة.

– والتفكير في صيغة جديدة تضمن لكافة محافظات الجمهورية إدارة نفسها بنفسها في إطار حكم محلي كامل الصلاحيات يكفل التوزيع العادل للسلطة والثروة،
– وتبنيها من طرف واحد هو طرف صنعاء من واقع شعوره بالمسئولية تجاه هذا الشعب اليمني العظيم وتضحياته الكبيرة.

– وتنفيذها خلال مراحل زمنية محددة بحيث يتم البدء بإجراءات عملية لتعديل دستور الجمهورية اليمنية وفقا لما تم الإتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

– ومن ثم الدعوة للاستفتاء عليه شعبيا.

– العمل على مباشرة إدخال التعديلات القانونية على بعض القوانين الهامة كقانون الانتخابات والأحزاب السياسية وغيرها وفق آخر صيغة متفق عليها بين الأحزاب السياسية قبل عام 2011م ونتائج مؤتمر الحوار الوطني مع مراعاة نظام القائمة النسبية لطبيعة تركيبة المديريات في الريف اليمني.

– والبدء بتنظيم انتخابات برلمانية ومحلية متزامنة في كافة محافظات الجمهورية أو انتخابات برلمانية ومحلية لنصف المقاعد فقط كمرحلة أولى في المحافظات الواقعة تحت السيطرة، ووفق قواعد سياسية عادلة متفق عليها مع كافة القوى السياسية الوطنية، وبعد إدخال التعديلات القانونية المناسبة عليها بما يضمن مشاركة الجميع فيها ويكفل حقوق الأقليات والمرأة وتمثيلها في البرلمان والمحليات.

– ومن ثم إجراء الإنتخابات الرئاسية التنافسية بدون ترشيح للرؤساء السابقين.

هذه على ما أعتقده خطوط عريضة لما يجب أن تكون عليه المرحلة القادمة بعد مرور 27 عاما من عمر الوحدة اليمنية المباركة لإثبات حسن النوايا ولتجنب المزيد من إراقة الدماء بين أبناء الشعب اليمني الواحد ولعدم الانزلاق في مخططات الأعداء وسيناريوهاتهم الدامية.
والله من وراء القصد.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى