العرض في الرئيسةفضاء حر

ترامب في الرياض .. اشتغال جديد على الإدارة المباشرة للعنف

يمنات

أمين غانم

لاغرابة أن يحظي ترامب بالامس بكل هالات صناع التاريخ وجالبي المستحيل في الرياض، بتهافت عربي مشين على رئيس شارد الذهن وغير سوي الإدراك و الثقافة، يخال لمن يرمق خطواته المتثائبة كرجل متثاقل يمضي لحبل المشنقة، لا يتوقع أن تسعفه محامد فعل إنساني اسداه يوما لأحد، بيد أن دونالد رغم كل ذلك كان يختزل خيبات شتى، ماانفكت تعصف بالشرق وتنداح كدوائر لانهائية تسخم العقول والأفئدة.

كان المشهد بالأمس حقيقيا محظا بأن تجلس امريكا معنا وتحكم مباشرة البلاد العربية، كان الحصاد مجزيا أكبر من خيالات بلفور، بإذعان واقع حال غارق في فضفاض كلامي تعوزه مقومات العلم كي يعمل ويقي نفسه كالآخرين من سطوات الاجنبي، لقد تخلى أثرياء الخليج وبعض الحكام والسياسين عن اقرانهم العرب، عن التاريخ وعن الشارع العربي، وشرعوا في صياغة مستقبل المنطقة بغباء من لايتوقع ردا صادما من أرملة معدمة حين تساوم شرفها بالمال.

كانت الحفلة أشبه بإستعلاء حضاري اوروامريكي غير متوقع، على حساب تواطؤ العرب على أنفسهم، في محاولة لرأب صدع مايفتأ يسري بجنون فاتكا بكل الثوابت، إنه تداع نزق للملمة بشاعة الفعل الجائر، قبل أن تستفيق الأمة، بإحلال تحالفات قيم مشبوهة وشرعنتها بالقوة المفرطة، أشبه بمحاولة تزوير ملكية ارض مغتصبة قبل ان يشب ملاكها الصغار عن الطوق، ثمة نظرية سطحية ترسم المنطقة بجيوسياسية غريبة ومرتبكة.

تنطلق فلسفتها من تعويم القيم العربية والإسلامية، بتقسيم ولاءاتها الملتبسة أصلا إلى إستنباطات ضمن خلاص اسطوري وديني قادر على إمتصاص تغول الحرب وتوحش الإنسان، وفق إهواء ذهن جماعي متأصل لحيثيات الكلام والضغائن وليس لوقائع الافعال، وإيكال مهمة تمزيقها وتجريف إخلاقياتها لأبناءها، إشتغال جديد على الإدارة المباشرة للعنف، إقتتال غير متعقل يلد إقتتالات أشد عنفا دامجا عناصر المجتمع كنسيج متغير ومؤقت تفرضه إصطفافات المعركة، كمعادل كاريزمي خادع غير ضامن لذاته، وبسرعة قياسية تتواتر دوائر النار من داخل المساحات المحظورة، وتتحول الأجيال العربية شكلا من صاحبي حق مغدور منوط بهم إسترجاعه، إلى جماعات راديكالية لن تجد الوقت الكاف لإدراك سبلا جديدة للتعايش والإتعاظ مليا من حقبة اللاجدوى حين تستلزم كل هذا الإقتتال والعنف، هكذا تجرجر البلاد العربية، كوعاء نحاسي فارغ، بعدما سلمها النخبة والحكام للطامعين الدوليين والإقليميين ليغدو المجتمع بلاقيمة، بلا طموح ،بلا صبر، وبلا إيمان حضاري بالإنسان، لقد اهدروا دم الإخوان، ودم اليساريين والشيوعيين، فتكوا بالقوميين والليبراليين، بالإسلاميين العقلانيين والمعتدلين، وطاردوا دون هوادة العلماء والباحثين، بات هذا الصقع بلا يمين ولايسار ولا وسط، كتلة ديموغرافية لاتتجانس مع نواميس الزمن اضحى لازما على الغرب والقوى الإقليمية حيازة كل مقدراتها وكفالة من ينجو من أبناءها برعاية صورية من منظماتها الإنسانية.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى