فضاء حر

الحارس القضائي مُطلق الصلاحيات والمهام والعصي عن العزل والرقابة والمساءلة والتغيير

يمنات

نجيب الحاج

بعد أن فاحت تجاوزات ما يُسمى ب”الحارس القضائي” وما واجهته ممارساته من استنكار وانتقاد واسع من قبل الكثير من المواطنين الذين أفصحوا عن استيائهم من تلك الممارسات وخيبة أملهم في اداء سلطة الأجهزة الرسمية والقضائية وعبروا عن ذلك خلال الايام والاشهر الماضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وفي العديد من المواقع الإلكترونية ؟!

والتي على اثرها سارعت سلطة الامر الواقع ومجلس القضاء الى تغيير رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة بقصد امتصاص غضب الناس وطمس معالم تلك الاختلالات وعالجت الخلل والفشل بذات الآلية الفاشلة وابقت على المشكلة قائمه كما هي والمتمثلة بالحارس السياسي (القضائي) الذي تم تعينه وفرضه على سلطة القضاء من قبل المجلس السياسي الاعلى.

وبدلاً من الغاء ما يُسمى بالحراسة القضائية المفروضة على القضاء وعدم التدخل في شئونه وترك للقضاء كامل الحق في تعيين من يراه كحارس قضائي بما يمكن القضاء من مراقبة ادائه ومحاسبته وعزله وفقاً للقانون.

وعلى العكس من ذلك قاموا بتغيير رئيس المحكمة ظلت المشكلة التي يعاني منها الناس والمتمثلة بالحارس القضائي قائمه وذلك يبشر باستمرار مأساة النهب والمصادرة والسيطرة والاستحواذ على ممتلكات الناس وحقوقهم.

وطالما وان اسباب المشكلة لا تزال قائمة ولا يزال الحارس القضائي يمارس الدور الموكل اليه في قرار تعيينه ومعه فريق مهول من الاشخاص والاتباع والمقربين المُعينين من قبله كممثلين ومندوبين له في ادارة الشركات والمؤسسات والاموال والعقارات المحجوز عليها.

والسؤال هو حتى وأن تم تغيير الحارس القضائي أو تم عزله والغاء مهامه وهو مالم يحدث حتى الآن فما هو مصير الشركات والمؤسسات والممتلكات المحجوز عليها والتي تم تغير سجلاتها التجارية باسمه الشخصي وتم بموجب ذلك تنصيب نفسه رئيسا لمجلس اداراتها وقام بإيداع أصولها ووثائق ملكيتها لديه وعددها بالألاف ، وما مصير المبالغ الموردة من ايراداتها الى حسابه الشخصي في البنك وليس في حساب المحكمة أو النيابة ومقدارها بالمليارات والتي لم يصدر حتى الآن بشأنها حكم قضائي بات يقضي بمصادرتها.

وما هو مصير الالاف من موظفي تلك الشركات الذين تم تسريحهم من أعمالهم وحرمانهم من رواتبهم ومصادر رزقهم واحلال اشخاص بدلاً عنهم وفرض لهم رواتب شهرية مهولة، فماذا أستفاد الناس من هذه الاجراءات والمصادرات التي أتخذت تحت غطاء الحراسة القضائية وباسم الشعب واستعادة أمواله؟!.

هذه مجرد تساؤلات تؤكد أن ما تم حتى الآن لا شئ سوى أنه: تغيرت وتبدلت الوسيلة وظل الخلل قائم ومُستمر وبقت المشكلة كما هي؟!.

” فالقضاء اليوم ملزماً أكثر من أي وقت مضى في نظر القضايا المُحالة اليه والمنظورة أمامه والبت فيها من الناحية القضائية فقط بعيدا عن المُلابسات والمماحكات السياسية التي شهدتها وتشهدها البلاد خاصة وأن هذه المُمحاكات والدعاوي والحجوزات الانتقائية قد أستدعتها ظروف وأحداث سياسية استثنائية في خضم هذا الصراع المُرعب وفي خضم ثورات وأحداث عنيفة ارهقت البلد والناس.

فلم يبق للناس أي ملاذ يلجئون اليه سوى القضاء الذي يتوجب عليه اليوم الحفاظ على شيء واحد لا يزال بإمكانه الانتصار له والمحافظة عليه في خضم هذه الاحداث والتقلبات والمتغيرات وهو استقلاله ونزاهته وعدم خضوعه لتقلبات السياسة أو الميل وفقاً لرغبات وأهواء الساسة.

القضاء اليوم أثبتت يقينا بأنه لم يعد ذلك الميزان العادل الذي يزن الأدلة ويمحصها بقصد الوصول الى الحقيقة بل يقوم بتعين وتكليف حارس قضائي هو في الاساس مفروض عليه ومعين من قبل السلطة السياسية الذي هو في الاصل ممثل لها ومُعين من قبلها والتي بموجبها يتقدم بطلبات الى القضاء يطلب من خلالها حجز ومصادرة حقوق وممتلكات أشخاص أو شخص غير محسوب على سلطة الأمر الواقع لا لشيء سوى أن المحجوز عليه ينتمي لحزب سياسي معين أو لأنه لم يرضخ بالولاء والتبعية لهذه السلطة.

وغداً ستتغير الاحداث وسنجد القضاء سوطاً بيد طرفاً أخر يسلطه على خصومه السياسيين بقصد النيل منهم وملاحقتهم وإسكات اصواتهم. فماذا الذي تبقى لبسطاء الناس..؟؟!!

إن لم يكن القضاء غير مستقل وعادل ونزيه حتى ولو كان تحت سيطرة وضغط قانون سياسي معين فكيف يمكن أن نسميه قضاء؟! وماذا تبقى حينها من هيبة القضاء ومن قدسية رسالته..

فإذا كانت الكثير من القيم السامية قد دنست في خضم الحرب والصراع العبثي فيتوجب اليوم على القوى المتصارعة وعلى الاطراف السياسية أن يتركوا على الأقل العدالة ومحرابها القضائي للشعب وأن يكفوا عن استخدام القضاء كسوط يسلطونه على رقاب الناس وعلى رقاب خصومهم السياسيين من وقت لأخر.

وهذا ما شهدته اليمن منذ حقبة طويلة وتشهده اليوم في ظل هذه الانتقائية والملاحقات القضائية التي برزت مؤخرا وجعلت من النيابة والقضاء أداة لاحداثها فتجلت ارادة الساسة على أعمال القضاء وهذا ما سيجعل الامور تمضي دوما بالاتجاه الخطأ ضد المنطق وضد العدالة وضد مفهوم الحق وروح القانون.

ومعه ستظل اليمن تعاني من جرح مفتوح كلما شعر الناس بضعف العدالة وخذلان القضاء وعدم انتصاره لهم في مواجهة السلطة والقوة والنفوذ فلا يزال الناس في هذا البلد يتطلعون الى وجود قضاء ينتصر للضعيف قبل القوي، فالقوة والضعف لا يؤخذان في الحسبان وما يؤخذ في الحسبان هو الحقوق وهي مسئولية سيتحملها القضاة امام الله وأمام الامة والضمير الانساني.

ووثائق ومداولات وأحكام وقرارات القضاء تسجل وقائع تاريخية مهمة وتعطي مصداقية كبرى لرواية احداث التاريخ كما تعكس ثقافة وحضارة الشعوب وطرق تفكيرها والقوانين والأعراف السائده فيها في مرحلة معينة ومنها يتبين تطور القوانين والعقوبات وطرق وتنظيم العلاقات داخل الدولة وعلاقتها مع الخارج.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى