العرض في الرئيسةفضاء حر

تغاريد غير مشفرة .. النصر الزائف

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

السلطة التي تعتقد إنها أخضعت أهالي عرة همدان وإنها انتصرت عليهم واهمة..
هي في الحقيقة هزمت نفسها، وستظل كل يوم تهزم نفسها في مكان، وستظل تتأكل سمعة ووجود، وتنكشف دمامتها، وتتعرى شرعية القهر والغلبة التي تعتمد عليها، وهي بهذا تحفر قبرها كل يوم على نحو حثيث، حتى يداهمها الأجل، ولا أرى إلا أنه آت لا محالة وغير بعيد.

(2)

تعتقد إنك تنتصر فيما الحقيقة أنت تهزم نفسك كل يوم وتسقط أكثر ليس في الوعي فحسب، بل وفي الواقع أيضا.

كل يوم فسادك ونهبك يكبر ويتسع، وتظن إنك تنتصر، فيما الحقيقة إنك تستعدي كل يوم عدد أكبر من مواطنيك، فتتسع الدائرة حتى تبتلعك ذات يوم.
عندما تمارس سياسة الغلبة والقهر على الناس، وتعتقد أنك غلبتهم وأخرست أصوتهم التي تزعجك، فيما الحقيقة إنك تزيد الاحتقان والقهر في نفوسهم، وسينفجر يوما كل هذا القهر والاحتقان في وجهك كالعاصفة.

انت لا تنتصر كما تتوهم بل أنت تحفر قبرك الذي لن تستطيع يوما الخروج منه، وسيهال عليك التراب كجيفة.

(3)

تحشد ترسانة أطقم ومدرعات وجنود لمواجهة احتجاج سلمي لقرية عرة همدان.. أي مجد هذا الذي تحققه أو تدعيه دون أن تخجل ولا تستحي؟!
أرضك تستباح من أدنها إلى أقصاها، وثروتك منهوبة من ألفها إلى ياءها، وأنت تحشد عدتك وعتادك في وجه عرة همدان..

تحاصرها وتداهمها وتروع وتنكل بأهلها المسالمين.. أي ملحمة هذه التي أجترحتها ضد أناس عزل، مارسوا حق وجودهم بالاحتجاج السلمي والمشروع ضد سلطة تريد أن تتملكهم وتتملك أموالهم، وتستبيح حقهم في أرضهم، وغيرها من الحقوق، وأولها حق الاعتصام والاحتجاج السلمي.

إنه مجد من الخزي والعار إن كنت تعلم، وأبطاله من ورق وزيف وادعاء كذوب.

(4)

هذا الحشد الكبير من الآليات والأطقم والجنود لا تعني إلا إنك خائف ومرعوب وهش.. إنه الخوف المتضخم داخلك من مارد لا يضام قد يصحوا يوماً على حين غُرّة.. لابد من قيامة ستأتيك، وتنسف ما بنيت من أهرامات الظلم والفرعنة.

ستظل تمارس الإرهاب والإخضاع دون أن تعلم أن هذه السياسة قد أودت بطغاة كبار لا تبلغ منهم قدر ظفر أو أنملة.

أنت لا تحصن سلطتك بالعدل بل تحصنها بالغلبة والنهب والفساد والسطو، لذلك توقع ما تخاف منه.. توقع يوما أن تأتي الغلبة عليك وتكسرك كعود ثقاب، ولك من الطغاة عظات، وأمثلة لا عد لها ولا حصر.. مع فارق أن غيرك كان أقدر وأشطر.

(5)

وجه السلطة الدميم لم يعد مقتصراً على قرية عرة همدان، ولا منحصرا في محلة أو منطقة أو محافظة، بل بات يمارس نهبه وفساده وسطوته وعنجهيته هنا وهناك، وعلى نحو فظ ومتسارع وغشوم.

كل يوم ينكشف هذا الوجه المتورم بالظلم والنهب والعنجهية أمام شعبنا، وتكشفه أكثر المظالم اليومية التي تثقل كواهلنا، والتي باتت تكبر وتتكاثر على نحو تعجل دون شك من زواله وهلاكه، حتى وإن توهم الوهم أن الغلبة ستغلب شعب إلى آخر الزمان.

(6)

غرور السلطة وعنجهية القوة وسياسة الإخضاع ضد احتجاج سلمي هو ما عاشه اهل عرة همدان رجال ونساء واطفال..

هذا هو وجه السلطة الدميم الذي عرفوه عن قرب، وبات وشماً من نار في ذاكرتهم، ومعهم من دافع أو ساند أو تضامن مع حقهم المغتصب بالغلبة والقوة.

هذه السلطة تهزم نفسها بإمعان، وتفقد كل يوم ما بقي لها من رصيد بات متصحر وفارغ، بل ومثقلاً بالدين.
وأما ما كانت تظنه هذه السلطة البالغة الغرور، أن لها من الرصيد ما لا ينفد، ستجده بغته قد أدركه التلاشي والزوال في هدنتين، أو ثلاث أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى