أرشيف

أبناء يتركون والدهم في خيمة ينتظر الموت

أفنى عمره في كد وعمل من أجل توفير كافة المتطلبات لأسرته وتربية أولاده الذين كان يعلق عليهم الآمال لرعايته أثناء كهولته وخاصة بعد أن فقد زوجته في منتصف رحلة العمر.. أكمل عبده منصور رسالته في الحياة بأن قام بتزويج أولاده ولكنه ظل ملازماً لهم ، يقدم لهم الدعم السخي دون منٍ أو تذمر، لم يكن عبده م، يتوقع أن يداهمه غدر الزمن أو جحود الأبناء.

فلقد تعرض عبده م، لحادث جعله مقعداً مدى الحياة، ومع ذلك مقاوماً للمرض وحريصاً على أن يكسب لقمة عيشه من على الكرسي المقعد عليه ليبيع بعض الملابس على رصيف أحد الشوارع في مدينة الحديدة.. إلا أن شدة المرض الذي ظل يلازمه أجبره على التوقف واللجوء إلى أولاده الذين بذل من أجلهم كل غال ورخيص.

طبيعة المرض كان يفرض على الأولاد تقديم الرعاية لأبيهم المقعد، وهو ما افتقده الأب من أبنائه الذي كان يعلق آماله بهم ويدخرهم لمثل هذا الظرف الذي أصبح عليه لكن أمام جحود الأبناء وقسوة زوجاتهم عليه ضاعفت الآلام على جسده الذي كانت تنخره الحسرة والندم.

ظل عبده منصور على كرسيه يتجرع كؤوس المرارة المتزايدة من أبنائه وزوجاتهم وتتنامى على جسده ووجهه اعتصارات الغبن التي تركتها ضربات العصيان الموجهة له بكل قسوة ودون رحمة بل لقد وصلت وحشية زوجات الأبناء إلى تقديم وجبة واحدة لهذا الأب الذي أهدر أبناؤه كافة حقوقه ولم يضعوا أي اعتبار لتعاليم السماء للبر بالوالدين، لم يكتفوا بذلك الحد من العذاب لأبيهم لكنهم لجأوا في نهاية الأمر إلى وضع خيمة لوالدهم جوار منزلهم وتركوه هناك على كرسيه يقاسي الويلات ولا شيء يؤانس وحدته سوى كرسيه المقعد عليه حتى دمعاته المنسكبة على خدوده المتجعدة لم تشفع له عند أولاده لكي يلتفتوا له..

وتحت وطأة الندم والألم لفظ الأب أنفاسه الأخيرة على كرسيه المتحرك خلف منزل أولاده لكن أولاده العصاة لم يعلموا بموته ألا بعد أن أعلمهم جيرانهم بموت أبيهم الذي وجدوه وقد بدأت جثته بالتعفن..

زر الذهاب إلى الأعلى