أرشيف

نوران الحكيمي يتيمة لأب حي حرمته جهات عليا من تقبيلها

تكتسب قضية الطفلة نوران الحكيمي (9 سنوات) خصوصية غير مسبوقة في بلادنا.. فأبيها الدكتور عبد الله مقبل الحكيمي أستاذ لمادة (علم الاجتماع) بكلية الآداب جامعة صنعاء، وأمها المنفصلة عنه عام (2004م) أروى ذمران باحثة في مركز الدراسات والبحوث التي استطاعت أن تلغي  توجيهات وقرارات وتعاميم رسمية بهاتف وزير وتعطل أحكاماً قضائية (ابتدائية ــ استئنافية) بتدخل وزير  وفي حين حجز قاضٍ ملف القضية لديه لتغيير مسارها يوقف قاضٍ آخر من الاستمرار في متابعتها.

 ترى : هل ذنب هذه الطفلة أن تقع فريسة صراع بين باحثة وأكاديمي؟ والغريب أنهما يعملان في حقل الدراسات الاجتماعية.

بل ما الذي يدفع وزير الداخلية, وقاضي محكمة  يقضيان باليتم على نوران من أبيها  بتدخلاتهم في دعم أمها ضده ؟ فأعيته السبل من أن يقبلها ويسكن عينيه برؤية وجهها؟

وهل من المنطقية في شيء أن تظل قضية طفلة بريئة تدور في أروقة المحاكم لأكثر من سنوات أربع صدر أثنائها حكمان (ابتدائي واستئنافي) ولم تنفذ منهما أي فقرة؟

كثيرة علامات الاستفهام حول قضية نوران .. المستقلة حاولت فك بعض طلاسمها لاطلاع الرأي العام عن هذه المأساة.

خلاصة الحكاية أن الدكتور عبد الله مقبل الحكيمي إثر انفصاله عن زوجته الأولى التي أنجبت له الطفلة "نوران" العام (2000 ) كان توصل إلى اتفاق ودي مع شقيق زوجته السابقة تضمن " أخذ ابنته نوران كل خميس وإعادتها إلى أمها صباح اليوم الثاني، ودفع كافة النفقات والاستحقاقات القانونية " المحددة للنفقة في مثل هكذا حالة غير أن ذلك الاتفاق لم يكتب له الاستمرار فبعد خمسة أشهر فوجئ بعدم التزام الطرف الآخر (الأم) في عملية التنفيذ ومنعته من أخذ طفلته خلال الفترة المحددة في الاتفاق.

إزاء هذا الأمر اضطر اللجوء إلى القضاء بقصد استعادة  نوران عبر القنوات الشرعية كحق مكفول له بكافة التشريعات السماوية ومجمل القوانين الأرضية، وواجب ينبغي أن يقوم به الأب نحو ابنته ولكي تعرف الطفلة بقية إخوانها ويعرفونها , وحتى لا يحرما من بعضهما .

بيد أن العناد و تدخلات أطراف بعضها (شخصيات اعتبارية) في صف الأم جعل القضية تأخذ  بعداً جديداً منذ العام (2004م ) حتى اليوم عبر سلسلة من الإجراءات .. نكتشف في سياقها  مصفوفة الأخطاء والتجاوزات التي للأسف الشديد قام بها مسئولون كبار  في أكثر من إدارة وسلطة.

نوران حصلت على جواز سفر ببيانات كاذبة حد ما جاء في ورقة في( الملف) ثم غادرت الطفلة مطار صنعاء الدولي دون إذن أو علم الأب يوم 11/8/2004م ، وبعد أربعة أيام من نفس الشهر صدر تعميم من مصلحة الجوازات بالمنع من السفر, وكذا أوامر تقضي بمنع سفر الطفلة نوران خارج اليمن كقرار نيابة الجوازات القاضي بمنع الطفلة من السفر وسحب الجواز منها في تاريخ 9/10/2004م .. ودعم هذا القرار بقرار من رئيس المحكمة بتاريخ 16/8/2005م بمنع نوران من السفر وتم تعميمه  في ذات اليوم من قبل مصلحة الجوازات على جميع محافظات الجمهورية والمنافذ المؤدية من وإلى خارج البلاد لكنها سافرت للمرة الثانية.

حيث تدخل وزير الداخلية رشاد العليمي ومن الصدف أن الوزير  (دكتور جامعي في علم الاجتماع ــ  أي ذاته التخصص الذي يحمله كل من الأب والأم ) بالسماح للطفلة بالسفر خارج اليمن.. والغريب  أيضا أن هذا اليوم كان يوم الثلاثاء أي يوم اجتماع الحكومة كما يقول "الحكيمي" أن الدكتور العليمي غادر اجتماعه لخدمة (أروى ذمران) وتدخله – طبعاً – هنا يعد مخالفة جسيمة كمسئول كبير بتعطيله قرار محكمة ابتدائي وتعميم مصلحة الجوازات.

– بعد أربعة أشهر وتحديداً في 12/12/2005م صدر توجيه من رئيس محكمة جنوب شرق الأمانة القاضي (عبد الله علي النجار) للجهات التنفيذية وهي هنا (الأجهزة الأمنية العامة) بتمكين "الحكيمي" من رؤية ابنته نوران وأخذها معه يوم الخميس من كل أسبوع وإعادتها صباح اليوم التالي – الجمعة – لوالدتها. غير أن  التوجيه لم ينفذ حيث كانت الأم قد تقدمت بتظلم  خلاصته (رفض طلب الأب في رؤية ابنته).

– في 30/1/2006م صدر الحكم بتأكيد رؤية الأب وشطب تظلم الأم .. وفي ذات العام بـ "21 مارس" رفض الالتماس وأيد للمرة الثالثة حكم الرؤية للأب لابنته.. ومضت الشهور تترى حتى يوم (8/5/2007م) حيث صدر حكم قاضي التنفيذ برفض الاستشكال والسير في إجراءات التنفيذ للحكم الأول لصالح الدكتور الحكيمي ولم ينفذ القاضي (النجار) الحكم.

إزاء هذا الوضع وجد الأستاذ الجامعي  "الحكيمي" نفسه أمام مشكلة جديدة ولما لم تنفذ الأحكام السابقة قدم شكوى لوزير العدل والتفتيش القضائي شكى فيها المحاولات التي حالت دون تمكينه من تنفيذ الحكم والرؤية من قبل القاضي (النجار) وبين أن القاضي أعلن صراحة أمام الناس أن لديه أوامر بعدم التنفيذ من قبل جهات عليا، كما ورد في (مذكرة رقم 636وتاريخ 7/9/2007 قسم الوارد بالتفتيش القضائي).. وصدر على ضوء هذه الشكوى قراراً في 18/7/2007 من التفتيش القضائي يدين رئيس المحكمة وتصرفاته.

 طبعاً كل هذه المدة والحكيمي غير قادر على رؤية نوران على أمل صدور حكم الاستئناف وسيراها .

– وأخيراً  في 2/6/2008 صدر حكم الاستئناف من أمانة العاصمة يؤيد الحكم الأول الصادر في 12/12/2005 والقرارات والتوصيات والتعميمات السابقة واللاحقة له ويلزم محكمة جنوب شرق الأمانة بالتنفيذ.

لتأخد القضية منحى جديداً وتواتر احتمالات واردة لإعادتها إلى مربع البداية، كما يفيد (د.الحكيمي ) بهدف تغيير الحكم السابق وتحديد اكتفاء مدة التقاء الطفلة بوالدها عدة ساعات فقط ، وعندما حاول والد الطفلة الاعتراض على تصريح القاضي بذلك كاد اعتراضه أن يؤدي به إلى داخل السجن لولا تدخل قاضٍ آخر تمكن من إيقاف تلك التوجيهات.

الدكتور الحكيمي لم يجد من مخرج سوى مناشدة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء العالي وكافة المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان والطفولة أن تتضامن معه لرؤية طفلته نوران البالغة من العمر تسع سنوات ووقف انتهاك حقوق طفلته التي حرمت بأن يكون لها أب وإخوة .

زر الذهاب إلى الأعلى