أرشيف

هتك العرض- هدم المنزل – سجن – جلد والضحية واحدة

اشتكينا في أقسام الشرطة فوقف الجميع ضدنا.. وفي النيابة انتصرالقوي على الضعيف، والمحكمة حكمت.. هكذا قالت سهام وقال والدها، ولم تقل منظمات حقوق الإنسان والمدافعون عن الحقوق الإنسانية شيئاً.. سكت الجميع مثلما سكتت العدالة قبل ذلك، ورأت في سهام عوداً غضاً طرياً يسهل كسره، ورأت أن سهام ووالدها يمكنهما أن يناما بقهرهما ولا ضير في ذلك، لأن الخصوم أكثر مالاً وأعلى قدراً في شريعة الظلم.. لم يحاول أحدهم أن يستمع لسهام وهي تبكي وتنتحب على ما أصابها، ولم يحاول أحدهم أن ينظر للقضية من منظورها الإنساني وبعين العدالة التي لا تفرق بين "القبائل" و"الأخدام".. لكنها عدالة عمياء لا ترى إلا نقوداً ووجاهات وأحساب وأنساب.. ولعل الضحية هنا تكون أشرف حسباً ونسباً وإن كانت "خادمة" بتوصيف هذا المجتمع المتوحش، لأن الجلاد خرج من جلده الإنساني وارتكب جريمته مستنداً على قوته وماله واستقوى كونه ابن عاقل حارة، هو ومن شاركه هذه الجريمة البشعة باختطاف سهام واغتصابها وإعادتها فاقدة للوعي، لتفيق بعد أيام على حقيقة أن وحوش البشر قد فعلوا فعلتهم بها.. وتفيق مرة أخرى على حقيقة أنها حامل جراء هذه الجريمة النكراء، وتشاء الأقدار إلا أن ينمو الجنين والإجراءات والتحقيقات تراوح مكانها، تغطي على المجرمين لأن الضحية "خادمة" أولاً، ومن تعز ثانياً، تلك هي الحقيقة.. ثم يأتي ميعاد الولادة لتضع مولوداً وتصبح أماً بالإكراه والاغتصاب، وتكتمل آلامها عندما حكمت المحكمة عليها بالسجن لمدة عام ومائة جلدة.. وهي كما تقول مغتصبة ولم يُلتفت لقول العلم والطب الذي بإمكانه أن يحدد من هو أب هذا المولود؟.. ومع كل هذا أخذوه من والدته التي لم ترفضه رغم كل ما حدث لها.. ولعلهم بهذا أرادوا إبعاد الدليل وتحييده في هذه القضية والتي جرى تنفيذ حكم المحكمة الابتدائية على وجه السرعة، لأن سهام لا محامٍ لها، والمسألة كلها أن سهام "خادمة" هكذا يقولون.. ولأنها كذلك فقد رأت جهة النفوذ أنه لا يحق لها أن تتهم ابن الأكابر، فرموا بها في السجن عاماً كاملاً، وقبل هذا وبعده لحق بها وبأهلها من الظلم ما يثقل كواهل الجبال، ووصل إلى المسكن الذي كانوا يسكنون فيه فهدموه وطردوهم منه وألقوا بهم في العراء دون وازع من ضمير أو دين أو ما يمنع هذا الظلم العظيم.. سهام لم تزل مصرة على رفض الظلم وقد هدَّ قواها وقضيتها أمام محكمة الاستئناف لكنها وحيدة فقيرة لا تعرف كيف تدافع عن نفسها، وعجزها هذا جزء من سبب الإدانة..

فهل المنظمات الحقوقية لها آذان تسمع سهام وتفهمها أم أن على سهام أن تكتم قهرها وحزنها لأن لا أحد يمكنه أن يستمع لشكواها بآذانٍ إنسانية.. إنسانية فقط.. سهام تذهب إلى المحكمة سيراً على الأقدام حافية رغم طول المسافة والجوع ينهش أحشاءها والحزن يعتصر قلبها، وثمة سؤال بطول هذا البلد وعرضه: أين هي العدالة؟ وأين الذين يقولون أنهم يدافعون عن الحقوق؟ أين هي تلك المنظمات التي أشغلت السامعين بضجيجها وأحاديثها عن الحقوق الإنسانية؟ سهام لا تملك ديناراً ولا درهماً ولا تفهم الكثير من مسارات النيابات والمحاكم.. فمن يدافع عنها؟ ومن يوصل صوتها لمن ينصفها؟

سهام عبد الحكيم تناشد الرأي العام والمنظمات الحقوقية إنصافها وأهلها مما حل بهم، أُغتصبت وسُجنت وجُلدت وهُدم المنزل الذي كان يضمها هي وبقية أسرتها، وهي الآن مهددة بكل شيء بما في ذلك القتل، لأنها تصرخ من جور ما أصابها.. فهل من يسمع؟ وهل من يدافع عنها؟

أين أنتم يا دعاة حقوق الإنسان والدفاع عنها؟ أين أنتم يا أصحاب الضمائر الحية من هذه القضية التي هي اليوم عنوان البشاعة والظلم والقهر؟ لماذا أنتم صامتون؟؟!

زر الذهاب إلى الأعلى