أرشيف

باكثير يضيء صنعاء بذكرى مئويته

احتفى اليمن بالأديب الراحل علي أحمد باكثير تزامنا مع ذكرى ميلاده المائة، وعبر الاحتفاء عن العرفان لدور هذه الشخصية اليمنية الفريدة في الساحتين العربية والإسلامية.
ونظمت فعاليات ثقافية بارزة بهذه المناسبة، فعقدت ندوة علمية عالمية نظمتها جامعة عدن بمدينة سيئون بحضرموت وحملت عنوان “مئوية الأديب والمفكر علي أحمد باكثير.. السيرة، الريادة، الإبداع 1910م-2010م”.
 وأوصى المشاركون باستحداث جائزة وطنية تعنى بـ”الإبداع الأدبي والفكري” وتحمل اسم علي أحمد باكثير، وإطلاق اسم باكثير على معلم أو شارع أو ساحة تليق بحمل اسمه في مدينة سيئون، والعمل على طباعة أعماله وتوزيعها على المكتبات العامة في اليمن.
وكان وزير الثقافة اليمني محمد أبو بكر المفلحي قد افتتح في مدينة سيئون دار باكثير الثقافية، التي تحوي كل إنتاجه الفكري مطبوعا ومسموعا ومرئيا، كما تضم كل ما يتصل بحياته الشخصية، باعتبارها متحفا خاصا به، ووعد الوزير بطباعة أعمال باكثير الكاملة قريبا.
وقال المفلحي إنها مصادفة جميلة أن الاحتفال هذا العام بالذكرى المائة لميلاد علي أحمد باكثير تزامن مع احتفال اليمن والعالم الإسلامي بمدينة تريم عاصمة الثقافة الإسلامية، وتريم هي مدينة العلم والعلماء على مدى التاريخ الإسلامي حيث ينتمي باكثير لهذه الثقافة.
 واعتبر الروائي والشاعر اليمني علي المقري الاحتفاء بالكاتب الكبير باكثير الأول من نوعه، لافتا إلى أن ذلك هو بداية للالتفات لهذا الكاتب “الذي همّش حيا وميتا”.
وأشار إلى أن “باكثير كان منبوذا في بداية حياته من اليمنيين باعتباره كان قريبا من الأدب اليساري، ثم نبذ من اليسار في بقية حياته باعتباره تحوّل إلى الاهتمام بالأدب الإسلامي”.
وأكد المقري في حديث للجزيرة نت أن الاحتفاء الرسمي به يجب أن يكون بداية لقراءة كل أعماله بغض النظر عما تحتويه من أدب أيديولوجي إسلامي، أو أي منحى فكري قد يختلف معه الكثيرون، حسب تعبيره.
وأكد المقري أن الأدباء في أعمالهم “يقفون ضد السلطات الشمولية ولا يتفقون مع الحكام الاستبداديين، ولذلك يهمشون في حياتهم وينسون في مماتهم”.
وأضاف “لو استطاعت السلطات أن تخرجهم من المقابر لتنتقم منهم لفعلت ذلك”.
من جانبه رأى الشاعر عبد الغني المقرمي أن أهم ما يميز أدب باكثير أنه أثبت وبطرق عدة أن الالتزام بقضايا الأمة والسير في ركابها لا يتنافى قط مع الإبداع الأدبي، و”هذا الإثبات جاء في فترة كان يراد فيها للأدب العربي أن يكون نسخا مشوهة من ثقافة الآخر التي تنامت وترعرعت بفعل الانبهار بأوروبا والغرب عموما”.
وأوضح المقرمي في حديث للجزيرة نت أن “أديب اليمن الكبير علي أحمد باكثير عانى كثيرا بسبب التزامه بقضايا أمته، ولاقى من أشكال التضييق والتغييب ما جعله يتمنى لو أنه كان راعيا في حضرموت وليس أديبا في القاهرة”.
واعتبر المقرمي أن “باكثير عاش أدبه قيما عليا، ومثلا لا تبلى، ولذلك فإن حضوره في الذاكرة الأدبية حضور باذخ، وهو في الأخير ظاهرة أدبية تستعصي على الغياب، وتؤكد قول الشاعر: ولو ثقفت يوما حضرميا…. لجاءك آية في النابغين”.
 يذكر أن باكثير ولد في إندونيسيا عام 1910 لأبوين يمنيين من حضرموت، وتلقى تعليمه باليمن على يد العديد من الفقهاء والشعراء، ونبغ في الأدب والشعر في مرحلة مبكرة من حياته.
وانتقل إلى مصر عام 1934 والتحق بجامعة فؤاد الأول حيث حصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وترجم العديد من الأعمال أثناء دراسته ومنها مسرحية روميو وجولييت، واستمر في أعمال الترجمة بعد التخرج.
وبعد أن أنهى باكثير بعثة دراسية في فرنسا عام 1954 فضل العودة والإقامة في مصر، وعمل بالتدريس في المنصورة والقاهرة، وفي 6 أبريل/نيسان 1968 وصل عدن في زيارة وطنه الأصلي بعد استقلال البلاد يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، وغادر إلى حضرموت بعد غياب دام 35 عاما، وبعد ذلك غادر من عدن إلى الكويت لعدة أيام ثم عاد إلى القاهرة.
في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1969 توفي باكثير فجأة بمنزله في القاهرة إثر نوبة قلبية حادة قبل أن يتم الستين من عمره، ودفن بمقابر أسرة زوجته المصرية بمنطقة الإمام الشافعي بالقاهرة.
المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى