أرشيف

ارتدوا أكفانهم لرحيل مبارك

ارتدى عدد من المتظاهرين المصريين في ميدان التحرير أكفانا، وأخذوا يطوفون بها في الميدان، مؤكدين أنهم خرجوا من بيوتهم وهم ينوون عدم العودة إليها إلا إذا رحل الرئيس حسني مبارك ونظامه.

وبسؤال مجموعة منهم: لماذا ترتدون الأكفان؟ أجابوا “ما لنا بُدّ” مؤكدين أن الفكرة جاءت عفوية عندما تعارفوا في الميدان بعد أن جاؤوا من محافظات شتى. وقالوا إن مطالبهم هي “الحرية والكرامة، وصار يستوي لدينا في عهد مبارك الحياة والموت، فنحن ميتون بالحياة”.

شكاوى

وقالت جيهان عبد العاطي للجزيرة نت “كفرت بعهد مبارك، بعد أن تعرضت وابنتي لظلم فظيع”.

وعن تفاصيل معاناتها قالت إنها أرسلت ابنتها للخدمة في بيت لواء شرطة بوزارة الداخلية، لكن أسرته ظلت تعاملها معاملة سيئة.

وتضيف عندما سحبتها من خدمتهم، لا سيما أن المقابل زهيد، استدعاها اللواء، وصب جام غضبه عليها، وقال لها بكل فجاجة “أنتم عبيد عندنا”، ثم كواها بالنار في ظهرها، وحاول اغتصابها، وهددها -كما تقول- بعظائم الأمور إن لم توقف شكايتها منه لدى النائب العام.

وجاءت جيهان إلى الميدان تطالب بحقها السليب، بعد ما لم تجد إنصافا. وعندما تعرفت بقية المجموعة قررت مشاركتهم ارتداء الكفن، باعتبار أن إهدار الكرامة إهدار للحياة، معربة عن ثقتها في أنها ستتمكن من القصاص من هذا الظالم إذا جاءت حكومة جديدة.

أما سمية سيزار فارتدت الكفن، مع زملائها بالميدان، “بعد أن فشل مبارك في حل المشكلات الاقتصادية للمصريين”. وتضيف أن أسرتها مكونة من زوج وثلاثة أبناء بمراحل التعليم، وأنهم يدفعون إيجارا شهريا للشقة التي يقطنون بها قدره ستمائة جنيه، في حين أن دخلها هي وزوجها لا يتجاوز ألف جنيه.

وتتابع “وصلنا إلى مرحلة تشبه الهلاك.. ولم يعد أمامنا حل سوى بيع الأبناء. فهل هذا ما يرضي حسني مبارك بعد أن رفض زيادة الرواتب؟”.

تعهدات

إلى جانب مظاهرة الأكفان، لجأ عدد آخر من المعتصمين إلى قطع عهود على أنفسهم، فهذا شاب وضع لاصقا على فمه ونذر ألا يتكلم إلا بعد رحيل مبارك أو تقديمه للمحاكمة، بعد أن قُتل أخوه فجر يوم الخميس الماضي برصاص قناصة تابعين لجهاز الأمن في الميدان.

أما أحمد ( 33 سنة) فنذر أن يبقى في ملابسه التي يرتديها منذ 25 يناير/كانون الثاني الماضي دون تبديل، حتى يرحل حسني مبارك، مستندا إلى أن آخر ملكة لأعداء المسلمين في الأندلس كانت قد نذرت أن لا تستحم حتى يخرج آخر مسلم من الأندلس، وهو ما تحقق لها، بعد تسع سنوات، مما جعلها تخرج لتستحم عارية أمام الناس وفاء لنذرها. “لكنني سأستحم بالبيت حين سيرحل مبارك”. يقول أحمد متندرا.

تحدّ
كان لافتا أيضا مجيء بعض المعاقين للمشاركة في الاعتصام برغم ظروفهم الخاصة، فبعضهم يتحرك على مقاعد متحركة، وبعض آخر لديه شلل نصفي، وفريق ثالث لا يسمع ولا يتكلم، وبالرغم من ذلك يعبرون عن ابتهاجهم، ويلوحون بعلامات النصر.

فهذا معاق ارتدى كفنه، كاتبا عليه “كفاني..ارحل”. وتلك مسنة جاءت من أقاصي الصعيد، وقد علقت لافتة احتجاجية، وأخذت تجأر بشكايتها من متاعبها بعد أن أصبحت أرملة، وقد ارتدى ابنها الكفن، ونام على الأرض إلى جوارها.

وهذا مصري بسيط يتحرك باكيا بأرجاء الميدان، هاتفا “ما تنسوش دم الشهداء”، ذلك أن ابنه استشهد في “جمعة الغضب”.






المصدر:الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى