أرشيف

صعوبات أمام الجيش اليمني بزنجبار

دخلت الاشتباكات بمحافظة أبين جنوب اليمن بين الجيش اليمني وجماعات مسلحة يشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة أسبوعها الثالث على التوالي، وسط حديث عن عدم إمكانية حسم تلك المعارك في الوقت القريب، وذلك لوجود صعوبات تواجه الجيش مثل اعتماد تلك الجماعات على عنصر المباغتة وحرب العصابات. ويشير سياسيون ومراقبون إلى أن تلك الجماعات زرعت عبوات ناسفة وألغاما داخل مدينة زنجبار وعلى مشارفها بعد أن أصبحت شبه خالية من السكان، مما يعيق تقدم الجيش.
وحسب سكان محليين نزحوا من زنجبار إلى عدن، فإن قوات الجيش المرابطة على مشارف زنجبار منذ ثلاثة أسابيع تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد تفوق بأضعاف عدة ما لحق بالمسلحين.
وتفيد المصادر بأن المسلحين -الذين يقدر عددهم بنحو أربعمائة- يتحصنون في المدينة ويكثفون هجماتهم المباغته على وحدات الجيش خلال الليل.
عسكريون سابقون
ويعتقد الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية باليمن نبيل البكيري أن قدرات تلك الجماعات على الصمود عسكريا في هذه الفترة ترجع إلى كون معظم أفرادها عسكريين سابقين، فضلا عن أن جزءا كبيرا منهم يتلقون تدريبات خاصة في بعض المعسكرات.
 وألمح إلى أن “حرب العصابات” التي يخوضها المسلحون جاءت في وقت تم فيه سحب كل الوحدات الخاصة بمكافحة الإرهاب إلى صنعاء وحشرها في معارك حي الحصبة ضد أنصار الشيخ صادق الأحمر، ولم يبق هناك في مدن محافظة أبين سوى قوات عسكرية نظامية غير متخصصة في حرب الشوارع والعصابات.
 واعتبر البكيري في حديث للجزيرة نت أن “الجماعات المسلحة في أبين هي جماعات صنعها النظام بهدف استغلالها فزاعة في وجه الغرب وأميركا لتقديمها وقت الحاجة على أنها قاعدة اليمن”.
ونوه إلى أن النظام ظل يمد تلك الجماعات بكل أشكال الدعم والرعاية على مدى السنوات العشر الماضية, لكنه لم يعد يستطيع تلبية طلبات هذه الجماعات بعد اتساعها وتمددها، وبحكم أزمته الحالية وتفككه، وهو ما حدا -في نظره- بهذه الجماعات إلى أن تحصل على طلباتها بنفسها بالسيطرة على مؤسسات الدولة والمراكز العسكرية ونهب ما فيها.
حرب عصابات
من جهته يري الخبير العسكري مدير مركز الدراسات الإستراتيجية الأكاديمية العسكرية العليا للقوات المسلحة العميد الركن على ناجى عبيد أن “العمل العسكري مع أي جماعات إرهابية مسلحة داخل المدن لا يعتمد مطلقا على الاستعجال في الحسم العسكري”.
 وأشار في حديث للجزيرة نت أن هناك صعوبة في الحديث عن سرعة الحسم لمواجهات مسلحة تدور في مدن بين “عصابات” وقوى نظامية، مؤكدا أن هذه الصعوبة ترجع إلى كون المسلحين في زنجبار يتحركون وسط المدنيين، وكون الجيش “يتجنب” سقوط خسائر وسط المدنيين.
 وأضاف “أنا أتوقع أن يحسم الجيش الأمر في وقت أطول وبخسائر أقل”، وهون من أهمية تهديدات المسلحين بفتح أكثر من جبهة للمواجهات ونقلها إلى مدن مجاورة لزنجبار كعدن، واعتبر ذلك مجرد “حرب نفسية الهدف منها تثبيط جهود الأمن وإضعاف معنوياته”.
غطاء جهوي
وعزا مدير تحرير صحيفة اليمن الباحث المتخصص في شؤون الإرهاب فارس غانم الأمر إلى كون تلك الجماعات المسلحة “محترفة في حرب العصابات”، وتستخدم الأسلحة المتوسطة والألغام وصواريخ الكاتيوشا.
 وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن “أهم عنصر في المواجهة هو معرفة عناصر تلك الجماعات بالطبيعة الجغرافية للمدينة، التي أصبحت مغلقة عليهم بعد نزوح السكان منها، وهو ما يمنحها فرصة كبيرة في التنقل بسهولة في الأحياء”.
وأضاف “تمتلك تلك الجماعات عنصرا آخر للقوة هو الغطاء الجهوي من بعض الشخصيات النافذة في المحافظة لاستخدامها ضد الخصوم السياسيين في النظام، وكذا فزاعة لتخويف القوى الإقليمية والدولية في إطار الشراكة في مكافحة الإرهاب”.
 من جهته أشار الكاتب الصحفي والناشط السياسي زايد جابر إلى أن عدم الحسم الأمني يعود إلى الأسباب الحقيقية المتعلقة بالشكوك في ما إذا كانت تلك الجماعات بالفعل هي عناصر القاعدة أم أنها جماعات مسلحة على صلة بالقصر الرئاسي كما يشاع.
واعتبر في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن “طول فترة السيطرة لتلك الجماعات على زنجبار وعدم قدرة الجيش على الحسم تؤكد محاولة النظام تضخيم تلك الجماعات ليثبت للعالم أن هناك خطرا حقيقيا يهدد اليمن والعالم من القاعدة بدليل أن الجيش لم يتمكن من القضاء عليها حتى الآن”.




المصدر:الجزيرة – سمير حسن 

زر الذهاب إلى الأعلى