أرشيف

النائب شوقي القاضي : محاولة اغتيال الرئيس لم تتضح بعد وليس بالإمكان التأكيد ان كان جريحا بفعلها

اتهم السعودية وأمريكا بإخراج مسرحية إصابة صالح، وحذر من أن أي فعل انتقامي من قبل الرئيس سيتحول إلى حقد في قلوب شباب الثورة على السعودية وسيترجم إلى عنف ضد أسرته، ودعا الشباب إلى الانتباه إلى مخطط إجهاض الثورة والمشترك إلى الكف عن الاستمرار في ارتكاب الأخطاء وعلي محسن إلى فتح خطوط مباشرة مع الشباب لحسم الفعل الثوري.. وتفاصيل أخرى أوردها النائب المعارض شوقي القاضي في حوار مع موقع “مرصد البرلمان”..
ـ بداية ماهي قراءتكم لظهور علي عبدالله صالح مرتين بعد تعرضه للإصابة وفي صورتين بدا في الثانية أكثر تحسناً من الأولى وفي وقت متقارب؟
يبدو أن هناك تواطؤ واضح من قبل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي بشكل عام لإخراج هذه المسرحية التي بانت مشاهدها تماماً ولا زالت هناك أمور غامضة ومخفية. حادثة محاولة اغتيال الرئيس لم تتضح بعد وليس بالإمكان التأكيد أن علي عبدالله صالح كان جريحا بفعل هذه الحادثة، وهل وقعت في جامع النهدين أم في مكان آخر، وهل كانت هناك محاولة اغتيال أصلاً أم لا، وهل الذي ظهر علي عبدالله صالح أم غيره.. مازال الغموض يلف المشهد تماماً، ويبدو أنه للمرة الأولى تصل العلاقات بين الدول إلى حد التواطؤ والتلاعب بأعصاب الشعب اليمني والتآمر على ثورته. وهنا أستطيع القول إن السعودية أرادت أن تختصر ثورة اليمنيين وليست هي وحدها من أرادت ذلك وإنما دول الخليج وأغلب الأنظمة العربية، لأنه عندما نجحت ثورة مصر وقبلها ثورة تونس كان لابد لهذه الأنظمة والقوى التي تعمل منذ عقود على إيقاف مد ثورات الشعوب وإعاقة عجلة التحرر من قبضة الاستبداد أن تعمل على إيقاف هذه العجلة، لأنه إذا فشلت الثورة اليمنيةـ لا قدر الله ـ فأعتقد أن الشعوب الأخرى ستفكر مليون مرة في أن تقيم ثورة، لكن إذا انتصرت فإن الشارع العربي في أغلب الدول ومنها الملكية سيشتعل وستمتد ثوراته، ولذا كان هناك تواطؤ عربي وأمريكي على ثورة اليمن.
ـ كيف تتهمون أمريكا بالوقوف ضد تحرر الشعوب العربية من أنظمة الحكم المستبدة في الوقت الذي تقول إنها تدعم قيام أنظمة ديمقراطية في الوطن العربي؟
هنا ينبغي أن نقدر أن القوى الأمريكية ليست على قدر واحد من التقييم، فهناك قوى تحديثية ديمقراطية حقوقية نجلها ونكن لها كل الاحترام والتقدير، لكننا نجرم تفاوت قرار الإدراة الأمريكية وتباينه من مرحلة لأخرى تبعاً للوبي الذي يسيطر عليه، وفي اعتقادي أن اللوبي الذي سيطر على الولايات المتحدة منذ ما قبل جورج بوش بما في ذلك فترة أوباما، ولكن بصورة معدلة، يقدم الجانب الأمني والاقتصادي على القضايا الأخرى خاصة في ظل غياب التوازن الدولي وبالتالي انفردت الولايات المتحدة بالمشهد فكان لابد أن يستغلها لوبي الاقتصاد والشركات الكبرى والعملاقة ولوبي السلاح فوجد ما يسمى الإرهاب وغيره، فجاءت أولوية هذا اللوبي بأن تبقى الأنظمة الهشة والرخيصة خصوصاً وأن الثورة المصرية بدأت تخطوا خطوات في طريق اختراق الخطوط الحمراء عندما أوقفت تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل وأعادته بعد ذلك، ولكنها فكرت أن تتجاوز خطوطاَ حمراء على مستوى دولي، وظهرت قوى جديدة مرشح لقيادة الشارع العربي وهذه القوى قد تكون دبلوماسية وعلى مستوى التفاهم الدولي لكنها لن تكون مرتهنة ولن تكون خاضعة خضوعاً كلياً للهيمنة الدولية، فالقوى الدولية تحتاج لأنظمة تركب على ظهورها ولو على حساب مصلحة الشعوب وبالتالي كانت المؤامرة قوية جداً على الثورة اليمنية من جهة السعودية كرأس حربة ومن جميع الأنظمة العربية إلا النادر ولا حكم له، إلى جانب وجود تواطؤ أمريكي أوروبي، ما أدى إلى ارتباك المشهد اليمني تماماً وزاد من تعقيده وانسداد آفاقه.
ـ ثمة من يرى أن المشترك أسهم بصورة غير مباشرة في تأخير حسم الفعل الثوري وإطالة أمد الثورة.. ما تعليقكم؟
المشترك ارتكب غلطة كبيرة وخطأ فادحا حينما ظهر مؤثراً في ساحات الثورة، ويبدو أنه فعل ذلك لأسباب خاصة ولكن ذلك من وجهة نظري كانت غلطته القاتلة.
ـ لماذا؟
لأن المجتمع الدولي أدرك أن المشترك صاحب قرار في ساحات وميادين الثورة، فمعروف أنه عندما تظهر قيادات لها مصالحها وأجندتها ـ المشروعة طبعا ًـ بإمكان القوى الأخرى الضغط عليها باعتبارها رأس الحربة، فالشارع المصري مثلاً الذي لم تظهر أية قيادة تمثله طوال ثورته جعل من المستحيل أمام الأمريكان والقوى الدولية الأخرى التفاوض معه. وخطأ المشترك يكمن في عدم اقتناص اللحظات الحاسمة التي كان يمكن أن تستغل لحسم الفعل الثوري، وعندما تم تفويت هذه الفرص انتقلت الكرة إلى الملعب الإقليمي والدولي ومن ثم حصل ما حصل من تواطؤ مع أسرة علي عبدالله صالح.
ـ يقال إن علي عبدالله صالح سيعود إلى اليمن خلال الأيام القادمة، برأيكم ماهي التداعيات التي قد تحدث جراء عودته، وهل تعتقدون أنه يفكر بالانتقام ممن يرى أنهم خصومه؟
عودة الرئيس ستظهر تماماً حجم الحقد والمؤامرة على الثورة من قبل السعودية وأمريكا.. أن يعيدوه فمعناه أن تشتعل الساحات ويتصاعد الفعل الثوري فيزداد سيل الدماء.. ليس هناك ما يخيف شباب الثورة إن عاد الرئيس مريضاً أو شبه مريض فقد قاوموه ورفضوه وهو في قمة مجده وكامل صحته، لكن هناك ما يُقلق على مصير الشارع اليمني بشكل عام فيما لو عاد فعلاً وتأكدت حادثة محاولة الاغتيال وأنها حدثت بالفعل، فعلي عبدالله صالح عرف بأنه لا يغفر لخصومه ولا يفوت أي فرصة للانتقام ممن يعتقدهم خصومه، وبالتالي فإن الانتقام الذي سيحصل ستواجهه ردة فعل أقوى منه، لأن هناك غضب وحقد دفين في قلوب شباب الثورة لم يجدوا فرصة لإظهاره، فإذا ما عاد صالح وبدأ بممارسة أي فعل انتقامي ضد شباب الثورة ستتفجر حينها قلوب الشباب حقداً على السعودية وأمريكا وغيرهم من المتواطئين مع صالح ونظامه وسيترجم هذا الغضب إلى عنف لا مثيل له ضد الأسرة الحاكمة والموالين لها.
ـ وماذا عن منهج السلم الذي اختطه الشباب لأنفسهم وجسدوه في ثورتهم؟ هل تقصد أن الشباب سيتخلون عن سلميتهم ويلجأون إلى استخدام العنف؟
أعتقد أن الناس الذين كانوا سلميين سيتخلى الكثير منهم عن السلمية وربما تحدث مداهمة لمعسكرات أسرة صالح إلى معاقلها.. نحن في الساحات مثلاً صرنا خصوماً للشباب عندما نؤكد لهم سلمية الثورة ورفض حمل السلاح، فأنا مثلاً أسير في الشارع بلا سلاح أو مرافقين وأقول لهم سلمية إلى الأخير.. فإذا فكر صالح بالانتقام فالشباب ربما يخرجون عن طورهم وستلتف حولهم قوة كبيرة وربما تتدخل قوى إقليمية فتمدهم بالسلاح نكاية بالسعودية، الجانب الآخر أن السعودية على الرغم من وقوفها ضد إرادة اليمنيين في عدة محطات من تاريخ اليمن كانت قد حظيت بقبول الشارع اليمني الذي عرف بالتسامح كدولة شقيقة وصديقة وجارة لليمن فإنها ستخسر هذا التسامح وربما يوظف ذلك ضدها من قبل قوى دولية وإقليمية كإيران وغيرها، وستنجح هذه القوى في استقطاب ليس الحوثيين وغيرهم من أتباع المذهب الزيدي وإنما سيرمي جميع اليمنيين بالمذهبية وبالدين كله إذا ذلك ضد السعودية، لأن السعودية نكأت جراحنا وارتكبت جريمة من أكبر جرائمها في حق الشارع اليمني الذي خرج بأغلب سكانه يطالب بالتغيير وليس بأي مطلب خطأ. أعتقد أن الحقد على السعودية في الوقت الراهن في أعلى مستوياته فأنا لا أجد شابا في لحظة نقاش إلا والسعودية في نظره العدو رقم واحد حتى قبل علي عبدالله صالح وقبل أمريكا وإسرائيل لدرجة أنني أقرأ في صفحات الفيس بوك من يطالب بتحرير أراضي نجد والحجاز من السعودية وهناك من يرفض الاعتراف بها كدولة.. فعلى السعوديين أن يختاروا.
ـ لكن السعودية تخشى أن تنتقل ثورة اليمن إليها وهذا الأمر هو ما يخيفها فعلاً؟
ما قيل عن عدوى الثورة والخوف من انتقالها إلى السعودية كلام فارغ، فقد قامت ثورة 26 سبتمبر في اليمن ولم تنتقل إلى السعودية.. اليمنيون لا يصدرون ثوراتهم وإنما يريدون أن يعيشوا في إطار إقليمهم ووطنهم في ظل نظام يحفظ كرامتهم ويوفر لهم الحياة الكريمة، ولذا فإن الخوف من تصدير الثورة كذبة كبرى.
ـ إذا ما انتقلنا للحديث عن تعز وباعتبارك أحد سكانها وممثل لواحدة من دوائرها في البرلمان، لماذا مواجهة النظام تزداد حدة وضراوة عندما يكون ذلك ضد تعز وأبناءها؟
هناك حقيقة واحدة وهي أن تعز لا تفرق عن غيرها من المدن والمحافظات اليمنية التي تعيش ظروفاً إنسانية قاهرة، ذلك أن بقايا النظام يمارسون الآن جرائم ضد الإنسانية، وللعلم فإن هذا التوصيف قانوني ونص عليه قانون روما الصادر عن محكمة الجنايات الدولية والذي نص على أن محاربة الناس في عيشهم وفي أمنهم واستقراراهم يندرج بمنهجية معينة في توصيف الجرائم الإنسانية. ومأساة تعز لا تقارن بما يحدث في أبين أو في أرحب أوفي غيرها من مناطق اليمن.. صحيح أننا في تعز نعيش تحت القصف لكن الشباب اختاروا تحرير ساحتهم التي اقتحمتها قوات الحرس والأمن وبلاطجة النظام وعاودوا الاعتصام فيها، واختار بعض المشائخ الدفاع عن ساحات الاعتصام فحصلت المواجهات مع فلول الحرس الجمهوري ونجم عن ذلك مقتل عدد من المواطنين وخسائر في المنازل والممتلكات، وتعز ربما تأخذ نصيبها من تلك الهجمة الشرسة لفاعلية أبناءها في مختلف ميادين الحرية والتغيير في محافظات الجمهورية.
ـ ماهي الكلمة التي تودون توجيهها في نهاية هذا اللقاء؟
هناك ثلاث رسائل أولاها للشباب أن انتبهوا إلى أن هناك قوة دولية دخلت في الخط تريد أن تفرق جمعكم وتفض التحام ثورتكم، فكونوا على حذر وقرروا حسم ثورتكم. والرسالة الثانية لأحزاب المشترك وأقول لهم: أخطأتم في البداية فلا تواصلوا الخطأ، والرسالة الأخيرة للقائد العسكري علي محسن الأحمر ومشائخ اليمن بأن يفتحوا خطوطاً مباشرة مع الشباب لتصعيد وحسم الثورة.

زر الذهاب إلى الأعلى