أرشيف

توازن الخوف في اليمن

صقر ابو حسن: يبدو الأمر في اليمن يمضي, حتماً, نحو التصعيد المستمر, منذراً بنفاد لحظات الثبر التي ترسم خطوط التماس بين جيشين أحدهما موال للثور الشبابية (الفرقة الأولى مدرع), والقوات الموالية لصالح (الحرس الجمهوري والخاص والأمن المركزي), خاصة أن لا حلول تلوح في الأفق, واستمرار الأصابع مقتربة من الزناد الموجه إلى صدر الآخر, الآخر اليمني طبعاً.

صاعد تلك المخاوف
الفريقين للآلاف من الشباب في صفوفهما,” استعدادا للمواجهة التي تقترب من أيامها الأولى”, كما وصفها ضابط عسكري يحمل رتبة عقيد رفض الكشف عن هوينه, وأشار إلى إمكانية أن ينفجر الوضع بشكل مفاجئ, في صنعاء, مع تصاعد الاستعداد القتالي بين الطرفين, بشكل مقلق.
ففي وقت انخرطت عدة مئات من الشباب الموالي لقوى الثورة, خاصة من أنصار حزب الإصلاح المعارض, في صفوف القوات التي يقودها اللواء المنشق علي محسن الأحمر, تجند قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي آلافاً من الشباب العاطلين عن العمل والقادمين من المناطق الريفية النائية, في العادة, في عدة مراكز ومعسكرات في محافظات منها “صنعاء, ذمار, إب, عدن, وتعز”, بشكل مكثف, وغير مرتب.
ميزان النار
وفي تقرير لمركز أبعاد للدراسات (مركز أبحاث يمني) عن الحالة اليمنية خلال فترة الاحتجاجات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح, منذ فبرير2011, قارن بين القوتين العسكريتين, وقال “إن الفرقة الأولى مدرع تعاني من قلة التسلح وضعف التدريب مقارنة بالحرس الجمهوري “إن الفرقة الأولى مدرع تعاني من قلة التسلح وضعف التدريب مقارنة بالحرس الجمهوري الذي يعاني من ضعف في العقيدة القتالية” وكشف التقرير المثير للجدل , وصدر مؤخراً, عن امتلاك اليمن, حالياً, 156 طائرة لا توجد منها في إطار الجاهزية سوى 60% فقط, أهمها طائرات “الميج” المقاتلة, التي يسيطر جيش الثورة على 7طائات منها في”قاعدة الحديدة الجوية” التي أعلنت ولاءها لقوى الثور, واستبعد التقرير دخول القوات الجوية القتال, لعدة أسباب أهمها في نظر التقرير:”وجود عسكريين في القوات الجوية مؤيدين للتغير بشكل سري أو علني ” ما يجعل مسألة إرباك النظام والسيطرة على بعض المطارات أمراً متوقعاً, وهو ما يغير ميزان القوة الجوية من قوة داعمة لجيش النظام إلى قوة عبء.
وخلص التقرير ألا انه من “الصعب التنبؤ بأي من الفريقين يملك قوة الحسم العسكري إذا ما اندلعت مواجهات”, لكن شيئاً واحد توقعه التقرير وهو: حصول التغيير.
خسائر
تخسر اليمن نحو 10 ملايين دولار شهرياً, تقدمها كموازنة لقوات الفرقة الأولى مدرع, ويقودها على محسن الأحمر, بحسب تقديرات وكالة يونايتد برس الإخبارية الأمريكية, فيما تصل موازنة باقي القوات الموالية لصالح أضعاف تلك الموازنة, في بلد يصنف بالأفقر على المستوى منطقة الشرق الأوسط.

الحرس الجمهوري والخاص
الحرس الجمهور والقوات الخاصة, تعتبر القوة العسكرية الأقوى تسليحاً في الجيش اليمني, يقودها نجل الرئيس صالح “أحمد” وهو شاب يحمل رتبة عميد, مركز قيادتها الرئيسي الضاحية الغربية للعاصمة صنعاء “في منطقة الصباحة”. لذا الحرس الجهوري 32 لواء(فيلقاً) موزعة على ألوية صواريخ ” منتشرة في جميع محافظات اليمن. وتتحصن تلك الألوية في مناطق مطلة على مدن في الغالب, فيما القوات الخاصة التي أنشأها احمد على,عام 2000, يصل عدد ألويتها- بحسب ضباط تحدثوا لـ”الأولى” -إلى 11لواء, وتمتلك تلك القوات عتاداً عسكرياً هائلاً, وترفد منذ سنوات بأحدث الأسلحة القتالية,لتصل الى التصنيع. فقد كشفت وزارة الدفاع أواخر العام 2010, مجموعة من”مدرعات عسكرية “حديثة,صنعتها وحدات متخصصة في قوات الحرس الجمهوري, والتي سميت”بجلال3” حيث تعتبر المدرعة “جلال3” من احدث المدرعات المتوسطة, لكن اللافت, احتكام تلك القوات على أنواع حديثة من المدافع ذاتية الحركة, ومنظومة صواريخ كاتيوشا وراجمة “الاورجان”, ومجموعة غير معروفة من صواريخ”ارض أرض”, على رأسها: سكود بي ودي ,كما ويمتلك دفاعاً جوياً لا بأس به من الباتشورا المطور والفولجا والهوك الأمريكي وصواريخ محمولة على الكتف وعلى العربات متوسطة المدى, ولدى تلك القوات الخاصة مراكز تدريب القوات الخاصة, أهمها: مركز الجدعان المشترك (مأرب), ومركز تدريب القوات الخاصة (الحديدة), بينما الحرس الجمهوري, يمتلك المدارس والمعاهد الخاصة به لتأهيل الجنود والضباط, ويمتلك قاعدة ” إدارية ولوجستية وتموينية” وخاصة به, بالضافة إلى “مصانع أغذية وزارع وحظائر”.
ولدى الحرس الجمهوري,10 ألوية عسكرية تحيط بالعاصمة صنعاء, منها 8تحيط بالقصر الرئاسي في منطقة السبعين , ومنها لواء يتمركز في منطقة “السواد- حزيز” جنوب العاصمة, وفي الجهة الغربية, مركز الصباحة, وهو مقر تلك القوات, ولواء في جبل “نقم” المطل على العاصمة من الجهة الشرقية, بالإضافة إلى عدة ألوية منتشرة في مناطق ” ضلاع, همدان, الصمع, الفريجة, شمال صنعاء, ولواءان في منطقة “بني حشيش”, ولواء في منطقة “الأزرقين” (شمال صنعاء).

قوة مكافحة الإرهاب
هي وحدة متخصصة في مكافحة الإعمال الإرهابية, وتعد قوة عسكرية عالية التدريب والتسلح, ودربها مجموعة من الخبراء الأجانب, كان ضمنهم أمريكيون, وقال ضابط في تلك القوات,اكتفى بالإشارة إلى اسمه بمنصور عبد الله, إن “عدد عناصر قوات مكافحة الإرهاب نحو 4 آلاف عسكري”, فيما أعلنت صنعاء منتصف عام 2010, أنها خسرت نحو 250مليون دولار لتدريب وتسليح هذه القوة, بآلاضافة إلى الدعم الأمريكي المقدم لليمن, من أجل الحد من الأعمال الإرهابية, ومكافحتها.
على محسن الأحمر, اللواء المنشق, والأخ غير الشقيق للرئيس صالح.
بالإضافة إلى قيادته المنطقة العسكرية الشمالية الغربية, يقود قوات “الفرقة المدرعة الأولى” إلى أيام قبل انضمامه إلى قوى الثورة الشبابية وتعهده بحماية المعتصمين في 21مارس2011 , كان يعد من ابرز رجال الرئيس على عبد الله صالح, ورجلاً مقرباً من كرسي الحكم.
افشل انقلاباً عسكرياً, كان يهدد إلى الإطاحة بصالح, قاده ضباط موالون لتنظيم الناصري في اليمن, بقيادة عيسى محمد سيف, في أيام حكم الرئيس صالح الأولى.
وتنظر إليه جماعة ألحوثي في شمال اليمن, أنه جزء من رجال النظام, حتى وان انظم إلى الثورة, وطالبته بالاعتذار عن حرب صعده, بسبب قيادة معارك ضارية استمرت لسنوات, وصلت 6حروب, بين قوات الجيش اليمني, ومسلحي جماعة الحوثي.
الحرس الجمهوري
ويقدر عدد منتسبي الحرس الجمهوري بنحو 300 آلف عنصر عسكري- حسب تأكيدات عسكرية, ولقاءات ميدانية من ثلاث ضباط في قوات الحرس الجمهوري, بمحافظة ذمار, التي يوجد فيها معسكرات ومدرسة تدريب تتبع قوات الحرس.
الفرقة الأولى مدرع
تمتلك 31لواء “مدرع, دفاع جوي, صواريخ”, منتشرة في أغلب محافظات اليمن,خاصة المناطق الشمالية الغربية, الشرقية الشمالية, والشرقية الجنوبية, منها 4ألوية في العاصمة صنعاء, لكنها تفتقر إلى التسليح الجيد- بحسب مركز إبعاد للدراسات اليمني.
كما تفتقر إلى الحروب التكتيكية الحديثة , ولديها قوة عسكرية هائلة ينقطها التدريب المستمر. ويقدر عدد منتسبيها بنحو 80ألف عسكر, من مختلف الرتب, بالإضافة إلى تجنيد 30آلف شخص, كمنتسبين جدد. تسند تلك القوات, قوة قبليه من القبائل الموالية لقوة الثورة, أبرزها”تحالف قبائل اليمن”, الذي يتزعمه زعيم قبيلة حاشد صادق أحمد
الجيش اليمني في ويكيليكس
قالت إحدى الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس, أن “الميزانية العسكرية الخاصة بوزارة الدفاع اليمنية, تعد الأكبر مقرنتاً بالقطاعات الأخرى, لكنها بحسب الوثيقة لا تخضع لأية رقابة أو مراجعة لحسبانها بصورة متعمدة “بالإضافة إلى أنها ميزانية وصفت بـ”غير شفافة”
وأشارت تلك الوثيقة إلى إن المراقبة والتمكين تحت أيطار المخابرات العسكرية, كما تحدثت الوثيقة عن أن “مراقبة الإنفاق العسكري” اليمني “غير ممكن أو محدد”, و “يعد انتقاد إنفاق وزارة الدفاع خطاً سياسياً أحمر “حد توصيف الوثيقة التي جاءت تحمل عنوان “الميزانية العسكرية في اليمن غير شفافة والإنفاق العسكري لا يخضع لأي مراجعة”.
قبيلة آنس ..الانضمام المفزع
كانت ساحات الاعتصامات في اليمن, مكان جديداً على إثبات الولاء للثورة والسير في ركب القبيلة تعد الأكبر في رفده القوات الملسحلة والأمن بالرجال, لذا كان إعلان قبيلة آنس, الانضمام إلى شباب الثورة في ساحة التغير بذمار, مفزعاً لنظام, ليس لشيء, غير أن هناك 180آلف شاب من أفرادها منضوون في عباءة الجيش ولأمن.
وقبيلة آنس التي اختفت تسميتها بفعل التقسيم الإداري الجديد إلى 4مديريات “ضوران , المنار, جبل الشرق, وجهران”, ضمن النطاق الادراي لمحافظة دمار, يمكن تسميتها” بقبيلة الجنود “, وذلك كونها أكثر رفداً للجنود في صفوف الأمن والجيش اليمني, والأكثر انتشاراً لأبنائها فيها.
المديرات الـ4 “المنار, ضهران, جبل الشرق, وجهران”, التي تشكل في مجملها النطاق الجغرافي لقبيلة آنس, يبلغ عدد سكانها حوالي 725, 320 نسبة , وتمتد على مساحة تقدر بـ9141كم2, ويتراوح ارتفاعها عن مستوى سطح البحر بين 980و2848متراً .
يقول رئيس جمعية معاقي الحرب والواجب للقوات المسلحة والامن بذمار: ان آنس منقطة عرف بناؤها بانتسابهم الهائل إلى السلك العسكري, مقدر عددهم بما يقارب 180آلف فرد في الامن والجيش, مورجعاً اسباب ذلك الى “نظرت هذه المجتمع إلى أن العسكرية اقرب طريق لضمان المستقبل”.
وأضاف محسن الدينة , في حديث لــ”الأولى”:”ليس هذا فحسب, فقد تجد من يقول تلك من أبناء آنس, أن الجريح أبن المعاق أخوا الشهيد, وهذا يعود إلى جهل المواطن هنا “, حد تعتبره. مع هذا أشار إلى أن قلة مستوى الوعي وعدم وجود المؤسسات التعليمة في المنطقة بشكل كافٍ, وقبل ذلك الفقر, متصدر أسباب التحاق شباب آنس “بالجندية”.

يتوقف مبتسماً ويضيف :”لاستقرب أن تجد 5أو حتى8 إفراد من أسرة واحدة ,جنود, وهذه ميزة تتميز بها آنس عن غيره”.الدينة, وهو ضابط بالجيش يحمل رتبه “رائد”, أصيب في حرب صيف94,في عموده الفقري , وتقاعد على اثر إصابته. لم ينس أن يتذكر ذلك العدد الهائل ممن استقبلهم في حرب 1994 وحروب صعده المتتالية, يضاف إليهم من أصيبوا أو استشهدوا من صفوف الجيش والأمن, وأيضا من شباب المعتصم ضد النظام من أبناء القبيلة “على حد تغير الدينة.

نق عن صحيفة الأولى العدد 240 الخميس 13 / اكتوبر / 2011

زر الذهاب إلى الأعلى