أرشيف

اليمن: الحرب الشخصية بين صالح والأحمر تهدد الانتفاضة السلمية ـ أشرف أبو جلالة

بعد مرور تسعة أشهر على بدء الانتفاضة اليمنية المطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، أضحى الواقع الذي يواجهه الآن هذا البلد الفقير أكثر قتامة من أي وقت مضى.

 

وفي الوقت الذي يبتهج فيه الليبيون بموت معمر القذافي ويتوجه التونسيون لصناديق الاقتراع بغية انتخاب مجلس وطني تأسيسي، يجد اليمنيون أنفسهم في خضم صراع دامي على السلطة بين اثنين من الأصدقاء السابقين الذين تحولوا الآن إلى خصمين، هما الرئيس عبد الله صالح واللواء المنشق علي محسن الأحمر، في مواجهة قاتلة أغرقت دعواتهما التي تطالب بالديمقراطية وتقرب البلاد من شفا حرب أهلية.

 

وجاء القرار الذي أصدره مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي وحث من خلاله على ضرورة إتمام الانتقال السياسي ليلقي باللائمة على طرفي الشقاق السياسي الحاصل في البلاد نتيجة ارتفاع معدلات العنف التي تشهدها البلاد خلال الآونة الأخيرة، في الوقت الذي تعرض فيه العشرات من المتظاهرين والمدنيين لعمليات تبادل لإطلاق النار في جميع أنحاء صنعاء بين قناصة حكوميين وجنود اللواء الأحمر.

 

وأوضحت في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأميركية أن الإستراتيجية الأحدث للفرقة المدرعة الأولى للواء الأحمر، التي انشقت في شهر آذار/ مارس الماضي، بنيت على أساس إقدامها على مرافقة المسيرات التي يقوم بها الأفراد العزل في طريقهم المحفوف بالمخاطر بدءً من “ساحة التغيير”، تلك المنطقة الشاسعة الموجودة في الجانب الغربي من المدينة، حيث أقام المتظاهرون وأغلبهم من الشباب معسكراً هناك، وانتهاءً بالمناطق الإستراتيجية الجديدة في العاصمة، لينجح الأحمر بذلك في مد نطاق نفوذه على المدينة المنقسمة وجر أحياء بأكملها إلى اشتباكات عنيفة. وهو ما أسفر عن تحول المتظاهرين في واقع الأمر إلى دروع بشرية.

 

بعدها، تحدثت المجلة عن عمق العلاقات التي كانت تربط بين صالح والأحمر، ولفتت إلى الأصول والممتلكات التي تخص الأخير والتي من بينها عشرات الآلاف من الأفدنة في صورة إقطاعات صغيرة وعقارات منتشرة على تلك المساحة الكبيرة في جميع أنحاء البلاد، وكذلك تلك العقارات التي يمتلكها في منطقة الخليج والودائع الأجنبية الكبيرة التي تخصه في البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة. وكذلك ملايين الدولارات النفطية التي تخص ابنه الذي يدير واحدة من كبرى شركات النفط في البلاد.

 

 

ثم أشارت المجلة إلى دوره في مساعدة شمال اليمن على تحقيق فوز حاسم في الحرب الأهلية عام 1994 ضد الجنوب الذي كان مستقلاً في السابق. وجاءت لحظة الانهيار في العلاقة بينه وبين صالح، كما زعمت برقية دبلوماسية أميركية مسربة، حين حاول وأخفق صالح في قتل محسن الأحمر. ثم جاء الربيع العربي والانتفاضة في اليمن، ليعلن الأحمر في الحادي والعشرين من شهر آذار/ مارس الماضي عن تأييده ودعمه لحركة الثوار الشبان، وتأكيده على القيام بمهام حفظ الأمن والاستقرار.

 

وأشار مسؤولون إلى أنه في حالة نجاح الأحمر في نضاله المناهض لنظام صديقه السابق، بعد تخلي عدد من كبار الجنرالات عنه في اللحظات الأخيرة، فإنه سيصبح القائد الفعلي للبلاد، ومن المحتمل أن يترأس مجلساً عسكرياً كهذا الموجود حالياً في مصر.

 

ونقلت فورين بوليسي في الإطار ذاته عن محلل سياسي مقيم في صنعاء، قوله: “فِكرهم قريب للغاية من النموذج المصري. فمع رحيل صالح، سيقوم الأحمر بدور صانع الملوك، وسيبشر في نهاية المطاف بحكومة جديدة تتفق مع مصالحه الشخصية”.

 

وأضافت المجلة أن تنامي صورة مقاتلي الأحمر المتمردين بين صفوف المتظاهرين تقود إلى العسكرة التدريجية لانتفاضة مدنية قاعدتها الأساسية “سلمية سلمية”. وفي الوقت الذي تستمر فيه معاناة اليمن، بدأت تتزايد حالة الضبابية المهيمنة على الخط الفاصل بين المتظاهر العادي والجندي المتمرد. ورغم تصاعد معدلات سفك الدماء، إلا أن الشعور السائد بين ناشطي ساحة التغيير المناصرين للديمقراطية لا يزال كما هو: وهو أن دخول الجنود، إن لم يكن نموذجياً، يعد درعاً ضرورياً ضد رصاصات القوات الحكومية والقناصة الذين يرتدون ملابس مدنية.

 

المصدر: إيلاف

زر الذهاب إلى الأعلى